كتُبت في كتارا قطر 3
تأملت.. في البروتوكول الذي يتعامل به الله مع عباده ويدعوهم للإمتثال إليه، لاحظ مثلا في ( من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى) ترى ألم يكن بالإمكان أن يعرج إليه مباشره دونما حاجه إلي إسراء؟ وهل تأملت في بروتوكـــــــــــول( مازاغ البصر وما طغى) أي أخلاق هذه التي ورثها النبي من ربه فامتثل؟ وهل تأملت في صفه التشهد حينما نتلفظ بالسلام عليك أيها النبي، عن ربنا حين أعرج إليه الرسول (ص)، فيرد عليه الرسول(ص) السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، ألم تسأل نفسك، ألم يكن من الأجدى ألا يذكرنا نحن معشر المسلمون معه ؟، الله سبحانه هنا يبين لنا أهميه إعتماد (البروتوكول) في التخاطب وفي التعامل، فثمة أُصول لذلك، فما أحوج بمن نصَب نفسه داعية للإمتثال بهكذا بروتوكولات في تعامله مع من يدعو فيلتزم بأدب الدعوة وأدب طَرق الأبواب، (أبواب قلوب العباد)، إنها ليست عبادة تبرئه الذمة بل إنها (عبادة أمانة) حمل الدعوة إمتثالاً (بما يمليه عليك بروتوكول التشهد) الذي تتلفظ به ليل نهار، فإلى إعتماد بروتوكولات لحكماء الدعوه.
تأملت ..وأنا في مطار اسطنبول وفي طابور ما لا يقل عن 500 مسافر في خطوط متعرجه ذهاباً واياباُ تطالع فيه وجوه كل أبناء بني آدم من أصفر وأبيض وأسمر وطويل وقصير، وأعين ما بين زرقاء وأخرى خضراء ،تدرك حجم الإنفاق على ملابسهم وما يتجملون به بأنواع لاحصر لها من زينة بما يتفق وكل ثقافة، تسائلت، هل يختلف هذا المشهد عن مشهد الحج، يبدو إنه كذلك، ولكن الفرق يكمن في مهرجان ما يلبسون من الألوان، ثم قلت سبحان الله الجميع على تنوع أشكالهم، وهي بالفعل متنوعه بل وتصل أحيانا الى الغريبة، الا أنها تشترك بقاسم عادل مشترك فيما وهبهم الله به من (عقل وقلب)، وبهما يدرك إبن آدم هذه الهدايه، نعم يصعب التركيز أثناء مطالعة مئات الوجوه والهيئات هذه، حاولت إشغال نفسي بقراءة شيئ من القرآن إستغلالا للوقت غير أنه لا العقل ولا القلب كانا يستجيبان أو يدركان ما أحرك لساني به، فأخت بهاتفي الجوال كي أكتب خاطرة حيال الحال الذي أنا فيه فسرعان ما إسترجعت التركيز، وأدركت أن بهارج الحياه المحيطه بنا تحول دون تركيزنا على الهدف الذي خلقنا من أجله، كحال مهرجان الوجوه تلك، فأدركت ما لغض البصر من علاقه بالتشويش على العقل والقلب!
تأمت.. في ( لنحيينه حياه طيبه)، يخطئ من يظن المعنى الظاهر لهذه الآيه ،ذلك أن الخطأ يكمن في فهم هؤلاء للمعنى الحقيقي لكلى الكلمتين ( الحياه ، الطيبه)، ونسأل هل كان احد يظن في ما عاشه الرسول(ص) من صد الكفار وعنادهم وفي محاربتهم له وفي دور المنافقين ومآمراتهم نحوه، أنه لم يحيا حياه طيبه! قل لي بالله عليك أي حياه طيبه عاشها (ص) في ظل هذا كله؟ ما يعني ان مفهوم الحياه الطيبه يدرك ولكن عبر مسار خفي لا يُلقّاه الا من عرف!، عرف أن ثمه دائرتين يمضي وفقهما الانسان على هذه الارض، فهو فيما بين دائرتي الواقع والحقيقه، والا لما قالها إبن تيميه ( ونفيي سياحه)، فأي سياحه في النفي؟ ، هي حياه بأن تكون قنوعا بما سيره الله اليك ووهبك حتى مع ما يظن بأنه قليل، وحفظ وسعه وبسط في ارشادك لما يمكنك بحوله من الاستباق في فعل الخيرات، والرضى ، قل لي بالله عليك هل تعرف إسم مليونيرا راض بما لديه من ممتلكات، فأدرك رحمك الله.