التعليم الجامعي للصم حلم يتحقق في غزة

التعليم الجامعي للصم حلم يتحقق في غزة
التعليم الجامعي للصم حلم يتحقق في غزة

التعليم الجامعي للصم حلم يتحقق في غزة

من أهم التحديات التي تواجه ذوي الإعاقة السمعية في الوطن العربي التعليم الجامعي للأشخاص الصم، وربما في بعض الدول العربية تمثل هذه المشكلة تحدياً أكبر.

إن ما يواجهه الصم في بلادنا فلسطين مشكلة تعود جذورها منذ القدم منذ أن كان التعليم المدرسي لهذه الفئة يتوقف عند الصف التاسع، وبذلك لا يكون للطالب الأصم إلا الخيار الوحيد هو التعليم المهني، أو الجلوس في بيته، فيصعب عليه مواصلة تعليمهم الثانوي أو حتى التعليم الجامعي.

ونظام التعليم الثانوي للصم بفلسطين رغم حداثته ورغم ما يعانيه من تحديات تتمثل في عدم وجود منظومة محددة وواضحة الإعداد الأكاديمي المتخصص لمعلمي الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية، إلا أنه في عام 2011 صدر أول قرار بفتح مدرسة ثانوية تبنتها الحكومة لتكون أول مدرسة ثانوية في قطاع غزة ، وهذا مؤشر واضح على حرص الحكومة على حقوق الصم لتنجح في تخريج دفعات من الطلاب والطالبات حاصلين على شهادة الثانوية العامة .

 بعد تخرج أعداد من طلاب و طالبات من مدرسة الرافعي الثانوية للصم ، بدأت ظهور مشكلة التعليم الجامعي لهؤلاء الطلبة الصم وإيجاد مؤسسة جامعية توفر خدمة التعليم الجامعي في بيئة مهيأة تراعى احتياجاتهم وتتناسب مع قدراتهم الحسية ،.

وما أكد مطلب التعليم الجامعي للصم أمرين اثنين:-

الأول:- بعض الطلاب الصم في نهاية مراحل التعليم المدرسي حققوا المعايير والشروط المطلوبة لاستكمال تعليمهم الجامعي وفق ما طرحه مركز القبول الموحد ، وهذا أعطى مؤشر يؤكد للمجتمع والمسؤولين في التعليم العالي أن الأشخاص الصم لديهم من القدرات والإمكانيات العقلية والنفسية لإكمال دراساتهم الجامعية ، حيث إن المناهج والمقررات الدراسية التي تدرس لهم خلال المراحل التعليم المدرسي هي نفس المناهج التي تدرس للسامعين، مع اجراء حذف لبعض المواضيع التي يصعب عليها إدراكها ، هذا يعتبر مؤشراً  واضحاً على أن التعليم الجامعي مناسب للطالب الصم .

الثاني :- قانون رقم (4) لسنة 1999م - المادة ( 10)

تتولى الوزارة مسؤولية التنسيق مع جميع الجهات المعنية للعمل على رعاية وتأهيل المعوقين نذكر منها مايخص مجال التعليم

  • ضمان حق المعوقين في الحصول على فرص متكافئة للالتحاق بالمرافق التربوية والتعليمية وفي الجامعات ضمن إطار المناهج المعمول بها في هذه المرافق.
  • توفير التشخيص التربوي اللازم لتحديد طبيعة الإعاقة وبيان درجتها.
  • توفير المناهج والوسائل التربوية والتعليمية والتسهيلات المناسبة.
  • توفير التعليم بأنواعه ومستوياته المختلفة للمعوقين بحسب احتياجاتهم.
  • إعداد المؤهلين تربوياً لتعليم المعوقين كل حسب إعاقته.

 

حيث أن أصحاب القرار في وزارة التعليم العالي عملوا على تحقيق مبدأ العدالة والمساواة الذي يقوم عليه نظام الدولة في جانب التعليم الجامعي ويتجلى ذلك في حصول ذوي الإعاقات الحركية والبصرية في الحصول على فرص التعليم الجامعي عند تحقيقهم بعض الشروط المطلوبة، والتي تؤهله في بعض الأوقات للحصول على منحة للتعليم الجامعي .

من هذا المنطلق عمل المجتمع بمؤسساته المختلفة على تمكين حق التعليم الجامعي للأشخاص ذوي الإعاقة السمعية من خلال تواصل أولياء أمور الطلبة الصم مع المعنيين بوزارة التعليم العالي حيث أن هذا التواصل لم يتم بمعزل عن الجمعيات الأهلية المعنية بالصم حيث ساهم ممثلي الصم في كل من (جمعية أطفالنا للصم – جمعية جباليا – جمعية دير البلح – وكذلك جمعية الأمل برفح) وكذلك لا ننسى الدور الكبير لمدرسة الرافعي الثانوية للصم .  جميعهم طالبوا بإيصال صوتهم بشكل رسمي لوزارة التعليم العالي حيث جرت عدة اجتماعات وجلسات نقاش وتبادل وجهات النظر حول أفضل البدائل الكفيلة بتحقيق تعليم جامعي ذا جودة عالية .

 ومن أهم العوامل التي ساهمت في وصول حق التعليم الجامعي للصم هو المبدأ التي تنتهجه الجامعة الإسلامية بالتعاون مع وزارة التعليم العالي بأحقية المواطن الأصم الذي أنهى المرحلة الثانوية بنجاح أن يحصل على التعليم الجامعي متى ما حقق المستوى والمعايير المطلوبة مهما كانت نوع ومستوى درجة فقدته لحاسة السمع  ، كل هذه العوامل المجتمعة شكلت عوامل نجاح لتحقيق نقلة نوعية في التعليم الجامعي للصم، حيث أتيحت لهم لأول مرة في هذا العام المنافسة فيما بينهم على البعثات الخارجية في أرقى وأعرق الجامعات في العالم المختصة بالصم، وهي جامعة هومبولت في برلين حيث تم ابتعاث أول طالب أصم لدراسة الماجستير فيها كتبادل أكاديمي بينها وبين الجامعة الإسلامية ..

ربما يتساءل القارئ لما نعتبر حصول ذوي الإعاقة السمعية على بعثات خارجية في جامعة مختصة نقلة نوعية في التعليم الجامعي بوزارة التعليم العالي ؟

 

هذا التساؤل يقودنا لذكر التجربة العظيمة التي قامت بها الجامعة الإسلامية قبل أربع سنوات ، والتي عملت وإيفاءً بحق التعليم الجامعي للصم من خلال موافقتها لمبادرة التعليم الجامعي كأول جامعة فلسطينية تقدم خدماتها للطلبة الصم أسوةً  ببقية الطلبة السامعين الذين يدرسوا بالجامعة.

        ومن خلال متابعة وزارة التعليم العالي وبعض الجمعيات الخاصة بتعليم الصم لمستوى الطلبة الصم ومدى استفادتهم من الخدمات التعليمية المقدمة في تلك الجامعة ومدى تلبيتها لمتطلبات الطلبة الصم من تهيئة البيئة الدراسية وتوفير مترجمي لغة إشارة وتكييف المناهج الدراسية وفق قدراتهم، كانت النتيجة أن هناك حاجة ماسة للتوافق بين احتياجات الصم الدارسين وما يجب توفيره في تلك الجامعة من خدمات مساندة في البيئة الجامعية وهذا دفعهم لبذل جهد كبير لتحقيق الأهداف المرجوة من تعليمهم الجامعي .

 فليس من السهل تكييف المناهج التعليمية في الجامعات بسبب الاعتماد والارتباط الأكاديمي في المقررات التدريسية وطرق التقييم وتوفير مدرس جامعي يجمع بين لغة الإشارة والمادة العلمية في المقرر الأكاديمي الجامعي فهذا من أكبر الإشكاليات التي كانت سبباً لدفع المسؤولين في الجامعة إلى البحث عن أن أفضل التخصصات المناسبة للصم ويحقق الأهداف المنشودة .

حيث قامت الجامعة بتبني تخصصي (تكنولوجيا الإبداع – تكنولوجيا الهواتف الذكية) لتعطي الطلبة فيهما شهادة جامعية ليكون قادرا ًعلى مواجهة متطلبات سوق العمل والمنافسة للحصول على وظيفة وفرصة عمل بعد التخرج، وليحقق الأصم ذاته وبالتالي تتغير نظرة المجتمع لفئة الصم، من فئة ارتبط توظيفهم في الأعمال البسيطة إلى فئة متمكنة علميا قادرة على المنافسة في مختلف الوظائف ذات تخصصية علمية كمثل ذاك الموظف الأصم الذي التقيت به في شركة الاتصالات الفلسطينية . وأخر يعمل في مطبعة وأخرى في شركة تصميم وإنتاج. وآخر وآخر ..

تذكرت حينها أن التفكير المستقبلي لما بعد تخرج الطلبة الفلسطينيين الصم من هذه الجامعة وما سوف ينتج عنه تزويد وتغذية المجتمع بكوادر بشرية متخصصة لفئة الصم سوف يثري في التنوع بالكوادر الفلسطينية التي يحتاجها المجتمع وخاصة وفي ظل الحصار الذي تعيشه غزة وضعف الإمكانيات المتوفرة.

وأخيرا هذا يدعونا للحديث بأنه لا بد أن يعرف الجميع أن الأشخاص الصم لديهم من القدرات والإمكانيات العقلية والنفسية ما يؤهلهم لإكمال دراساتهم الجامعية. ويجب أن تكون الخدمات تجاه هذه الفئة التي تستحق المزيد من الرعاية والاهتمام .

مشاركة على: