ماذا يشمل الاتفاق مع الولايات المتحدة؟
بعد اجتماع تم عقده مساء قبل أمس الثلاثاء بين رئيس الجمهورية طيب أردوغان ومجلس إدارة حزب العدالة والتنمية، التقى أردوغان مع وزير الدفاع خلوصي أكار.
وبدوره أطلع الوزيرُ أكار، أردوغان على المحادثات التي انطلقت يوم الاثنين والثلاثاء مع الوفد العسكري الأمريكي حول شمال شرق سوريا.
لقد قال كار خلال ردّه على أسئلة الصحفيين صباح أمس، "سُررنا لرؤية محاورينا الأمريكان قد اقتربوا من وجهات نظرنا. جرت الاجتماعات في جو إيجابي وبنّاء للغاية".
ولو تابعنا حديث أكار أمام الصحفيين سنرى أنه كلام يلخص طبيعة موقف تركيا من هذه المسألة: "ضرروة إنشاء منطقة آمنة بعمق 30-40 كلم خالية من تنظيم "ي ب ك" الإرهابيّ، إضافة إلى سحب الأسلحة الثقيلة من التنظيم، وإخراجه من المنطقة، وتدمير الأنفاق والتحصينات والمواقع التي بناها الإرهابيّون، ولقد أبلغنا الجانب الأمريكيّ بشكل صريح وواضح أن مطالبنا هذه نريدها أن تتحقق على يد القوات التركية والأمريكية".
وبعد ساعات من هذه التصريحات، أعلنت وزارة الدفاع التركية للجميع عن الإطار الرئيسي للاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الجانب الأمريكي. تناولت التصريحات التي كانت عبر مواد ثلاث ما يلي:
في المرحلة الأولى، تنفيذ التدابير من أجل إزالة الهواجس التركية، في أقرب وقت.
يقضي هذا الاتفاق بإنشاء مركز عمليات مشتركة في تركيا بأقرب وقت، لتنسيق وإدارة إنشاء المنطقة الآمنة في سوريا مع الولايات المتحدة.
إضافة لما سبق، تم الاتفاق مع الجانب الأمريكي على جعل المنطقة الآمنة ممر سلام، واتخاذ كل التدابير الإضافية لضمان عودة الإخوة السوريين المشرّدين إلى بلادهم.
إن ظهور اتفاقية كهذه يحمل أهمية بالغة دون أدنى شك.
ولكن ما بعد هذه المرحلة كيف سيكون شكل هذه التطبيقات، علينا أن ننظر إلى هذا أيضًا.
لماذا نقول عن ذلك "تطبيق"؟
لأنّ هناك أمثلة كثيرة للغاية وكافية أثبتت أن الولايات المتحدة بعد الاتفاقات التي تقطعها على الطاولة، تختبئ وراء أصبعها على أرض الميدان.
على سبيل المثال، هناك اتفاقية تمت بين وزيري خارجية البلدين (تركيا والولايات المتحدة)، نصّت على ضرورة تطبيق اتفاق منبج خلال صيف 2018، إلا أن ذلك الاتفاق لم يبق منه سوى الكلام فقط.
والآن حينما ننظر لهذا الوضع الجديد، هل سنواجه يا تُرى تكتيكات جديدة من المراوغة التقليدية لأمريكا؟ وحينما ننظر من اليوم نستشعر لغزًا كبيرًا هناك.
في شهر ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، وترافقًا مع إعلان ترامب قرار سحب قوات بلاده من سوريا، كان السؤال الأبرز هو ما هي الخطوات التركية في المنطقة؟.
ولقد أجاب الرئيس أردوغان بنفسه عن ذلك السؤال، عبر مقال كتبه وتمّ نشره في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في شهر يناير/كانون الثاني العام الجاري.
في تلك الأيام تم وصف تلك الإجابة السريعة وما حملتها من آراء بأنها عدوانية، وفي الواقع عرضت تلك الآراء إطارًا إنسانيًّا وديمقراطيًّا للغاية، إزاء الأكراد الذين يعيشون في شمال سوريا.
ولنتذكر الخطوط العريضة لتلك الخطة:
- إجراء مسح أمنيّ سريع عقب انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من سوريا، وسيتم لم شمل الأطفال الذين حملوا السلاح قسرًا، والأشخاص الذين لا علاقة لهم بالإرهاب، مع عائلاتهم وذويهم.
- سيتم إنشاء هيكل سياسي بإمكانه تمثيل جميع شرائح المجتمع. كما سيتم تأسيس مجالس محلية في المناطق التي هي حاليًا تحت سيطرة تنظيمي "ي ب ك" وداعش، ومن الممكن أن تكون هذه المناطق تحت مراقبة تركية. وسيتسلّم أولئك الذين لا علاقة لهم بالإرهاب إدارةَ المجالس المحلية. في المناطق التي تتمتع بغالبية كردية من حيث السكان، سيتم تأسيس مجالس محلية فيها تحظى بغالبية كردية أيضًا لتمثّل الغالبية السكانية. كما سيتم منح المجموعات الأخرى مكانًا مناسبًا وعادلًا.
وبدورها ستشارك السلطات التركية تجاربها على صعيد شؤون البلديات، التعليم، الصحة والخدمات الطارئة.
حينما ننظر للمرحلة التي نحن بصددها يمكننا القول أنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الولايات المتحدة الأمريكية، هو أبعد ما يكون عن القدرة على تحقيق هذه الأهداف.
إن الاتفاق الذي تم الإعلان عنه بالأمس، من الممكن أن يكون بمثابة وضع حدّ للتهديدات القادمة من شمال شرق سوريا نحو تركيا، لا بمثابة إمكانية لتطبيق الأهداف التركية في تلك المنطقة.
لا يوجد هناك تفاصيل ضمن البيان الذي أعلنته وزراة الدفاع، حول المجالات التي يشملها الاتفاق وماذا يشمل.
ولذلك، سندرك فيما لو كان هذا الاتفاق بإمكانه درء المخاوف التركية أم لا، من خلال انعكاساته على أرض الواقع قريبًا.