كم هي لطيفة وحانية تلك الأيادي الممتدة بالمساعدة في أعز ما تكون الحاجة إليها.. إنها أياد تحمل الرحمة إلى العشرات يومياً تخفف ألم هذا وتسكت أنين ذاك.. تسهر مع أنات المتألمين وعذابات الموجوعين حين تنام أعين أقرب الناس وأعزهم إليهم ..

فما أعظم ما تحمل من إنسانية ورحمة">

من اليمن إلى تركيا.. رحلة البحث عن الحياة

من اليمن إلى تركيا.. رحلة البحث عن الحياة
من اليمن إلى تركيا.. رحلة البحث عن الحياة

من اليمن إلى تركيا.. رحلة البحث عن الحياة

كم هي لطيفة وحانية تلك الأيادي الممتدة بالمساعدة في أعز ما تكون الحاجة إليها.. إنها أياد تحمل الرحمة إلى العشرات يومياً تخفف ألم هذا وتسكت أنين ذاك.. تسهر مع أنات المتألمين وعذابات الموجوعين حين تنام أعين أقرب الناس وأعزهم إليهم ..

فما أعظم ما تحمل من إنسانية ورحمة وما أروعها تلك القلوب الكبيرة التي لا تحمل  سوى الرحمة ولا ينبثق عن شغافها للعالمين سوى المحبة..

إنهم الأطباء ومعاونوهم من الممتهنين للطب، يد الرب الرحيمة، المربتة على أنات المرضى والمضمدة لجراحهم والمقاتلة ليل نهار وبلا هوادة من أجل حياة كي لا تنفق ونفس لا تزهق..

كانت معان عظيمة أدركتها ولحظات جسدت بين يدي المعنى الحقيقي للإنسانية بعيداً عن الألفاظ المدعاة المستخدمة للترويج والاستهلاك والتي كثر استخدامها من قبل مدعيها مفرغةألفاظا ومصطلحات وانعدم وجودها واقعا وممارسة.. وما كان لي أن ألمسها واقعا متصلا بجوهر الإنسانية التي فطره الله عليه لولا رحلة مرافقتي لعزيزي المريض عبدالاله النخلي..

Image

في اليمن.. وخطوة التغلب على اليأس

استبد الورم في رأس رفيقي فكان الألم ينخر دماغه فأحس وجعه في قلبي الذي لا يملك له سوى الدعاء حيث بدونا كضمآن في صحراء يعز بل ينعدم تماماً فيها الماء .. وكان إجراء العملية الجراحية لاستئصال ورم ضخم من الدماغ بمثابة الحكم عليه بالموت في ظل صعوبة الوصول إلى المستشفيات المرجو فيها إجراء عمليات من مثل هذا النوع بسبب الحرب بالإضافة إلى  انعدام الإمكانيات المادية والخبرات البشرية التي بدت بدائية مقارنة بما لمسناه هنا في تركيا فضلا عن حالة العدم المالي لدى المريض التي لا تمكنه من إجراء الفحوصات اللازمة، فكيف بإجراء العملية لإنقاذ حياته الواقعة على فوهة الموت.. فكان أن قيض الله لنا حكومة تركيا التي تكرمت مشكورة بمنحة علاجية انقشع معها ضباب الحيرة وشع من خلالها شعاع أمل أضاء له الدرب في إنقاذ حياة صديقي من بين براثن موت لا يرحم كان ذلك بفضل تعاون جاد ومخلص من الملحق الصحي بالسفارة اليمنية بأنقرة  الدكتورة الفاضلة رانيا الجنيد والتي بذلت جهودا كبيرة في مساعدتنا..

الوصول إلى اسطنبول

استقر مقامنا في اسطنبول فكان أن وجدنا شعبا كبيرا في أخلاقه كريما في سجاياه ينتمي بصدق عميق إلى حضارة ضاربة في عمق التاريخ بقيم وعادات وتقاليد عريقة متوارثة منذ الجد الب أرسلان ويعيش بروح يتصل إيمانها بالله الواحد وترتبط ارتباطا مباشرا بحامل رسالته النبي محمد صلى الله عليه وسلم عقديا وايمانيا روحا إيمانية منسجمة مع تقاليد الأجداد المتوارثة لترسم بذلك لوحة ذات نظم فريد واتساق عجيب هكذا كان انطباعنا منذ الوهلة الاولى عن الناس هنا في اسطنبول ..

رغم اختلاف اللغة إلا أننا لم نحس بلوعة الغربة ووجدنا سهولة في التواصل مع اخوتنا الاتراك فالثقافات متقاربة وللشعور المتبادل بواحدية الانتماء الروحي ولما يكن من احترام متبادل بين الشعبين  التركي والعربي بشكل عام واليمني على وجه الخصوص..

في مستشفى شيشلي ..

وصلنا غايتنا حيث انتهينا إلى مستشفى شيشلي أطفال باسطنبول وليتصدى للعملية الجراحية أحد أكبر عمالقة الجراحة..الطب.. كبير الأطباء بروفيسور المخ والأعصاب الدكتور الكبير آدم يلماز Aadam Yılmaz..

كان الورم كبيرا ومتشعبا في الدماغ ومن ثم كانت العملية كبيرة ومعقدة جداً وكان من الصعب علينا جعل سقف طموحاتنا في النتيجة مرتفعا.. إلا أن أملنا في الله وثقتنا به أولا ثم بالدكتور المتألق الكبير بمهاراته وخبرته وعلمه والكبير بقلبه أيضا الدكتور آدم يلماز Aadam Yılmaz وبفريقه الرائع والمتميز من أطباء ومساعدين والذي أجرى العملية _ كان كبيرا.. وقد أثبت جدارته بامتياز بعد نجاح العملية وأكثر من ذلك بعد تعرضه _ أي المريض_ لانتكاسة كادت تودي بحياته بعد خروجه من العناية المركزة أعيد على إثرها إلى العناية فائقة التركيز ليستمر أكثر من 30 يوماً ولولا عناية الله ولطفه أولا ثم ما بذلوه من جهد ميمون لكان _ لا قدر الله _ قد فارق الحياة ..

لذا لا ندري كيف وما الذي نقوله في حق أولئك العظماء ملائكة الرحمة.. قدر الله لإنقاذ حيوات من الهلاك المحقق ورسم البسمة والفرحة على وجوه بدت ميؤس منها ولا ندري كيف نرد جميلهم إلا أن ندعو لهم الله بحسن الجزاء وجزيل المن والعطاء ..

قد نغفل عن ذكر من يمكن وصفهم بالجندي المجهول من ممرضين أو فنيين ولكن لا أملك أن اصف كم كانوا رائعين وكم كان اداؤهم غاية في الاتقان والتميز والتنظيم ولا شك أن وراء ذلك التنظيم المتقن إدارة ذات جودة عالية.. من بين كوادرها أذكر مسؤولة الاجانب في المستشفى الدكتورة الرائعة فاطمة داماز Fatıma damaz والتي كان أداؤها غاية في التألق وتعاملها قمة في الرقي قدمت لنا أنواعا من المساعدة ويسرت لنا الكثير من الأمور ..

خاتمة

بعد أن من الله تعالى بنجاح العملية وانتقل صديقي المريض إلى مرحلة إعادة التأهيل بعد العملية في مستشفى إسنيورت المختص بذوي الاحتياجات الخاصة والتي تبدو رحلة علاجية طويلة وتمددت المنحه بفضل الله وبجهود الملحق الصحي لمواجهة احتياجات المرحلة الحالية من العلاج ..

وفي الختام، لا نملك إلا أن نتقدم باسمي وباسم اهل المريض ومحبيه بخالص الشكر والتقدير والعرفان وصادق الدعاء إلى الله بأن يرد عنا الجميل لكل من ساهم أو قدم مساعدة في إنجاح العملية وإنقاذ حياة مريضنا وأن يجعل الجنة لهم جزاء ابتداء بحكومة تركيا ذات اليد البيضاء مقدمة المنحة ثم الملحق الصحي لسفارة اليمن في أنقرة سعادة الدكتورة رانيا الجنيد ..

كما نتقدم بخالص الشكر والتقدير للأيادي الرحيمة في مستشفى شيشلي ممثلة بالدكتور الكبير آدم يلماز Aadam Yılmaz وفريقه المتميز وللدكتورة فاطمة داماز Fatıma damaz المسؤولة عن الأجانب في مستشفى شيشلي والشكر موصول أيضاً للمترجمين سفيان أديب عباس وكذلك الاخ راتب وجميع العاملين في المستشفى ممرضين واداريين على أدائهم الرائع وعملهم المتقن والمتميز ..

شكراً تركيا قيادة وحكومة وشعباً

شكراً ملائكة الرحمة.

 

إبراهيم النويرة

إعلامي يمني.

[email protected]

مشاركة على: