لماذا التعليم والتدريب؟!
ترى نظريات رأس المال البشري أن المعرفة تجلب المزيد من المهارات للأفراد مما يدفع بإمكانياتهم الإنتاجية وكفائاتهم لتطوير وتحسين الأداء و يرجع الفضل في تطوير نظرية رأس المال البشري في مجال قياس معدل العائد على رأس المال البشري إلى مينسر في العام 1958م وقد تراكمت بعد ذلك الشروحات والأدبيات لشرح وتطبيق تلك النظرية و نظراً لما يلعبه العنصر البشري من دور مهم في المؤسسات كونه يمثل المصدر الأساسي للثروة من خلال ما يختزنه من المعارف والطاقات الأمر الذي دفع بالعديد من المهتمين بموضوع رأس المال البشري إلى تأكيد نقطة أن التعامل الفعال مع المورد البشري يتمثل بدرجة أساسية في التنمية والتطوير في المؤهلات والقدرات لدى العنصر البشري ومن أكثر الناس المهتمين بالرأس مال البشري هو شولتز وبيكر حيث قدم شولتز نظرية الرأس مال البشري المسماه نظرية شولتز حيث يعتبر الإثنان من أقدم من قدّمَ في مجال رأس المال البشري .
وسنستعرض هنا أهم النظريات والإسهامات في هذا المجال :
- نموذج مينسر لرأس المال البشري
يفترض مينسر أن طول فترة التدريب أو التعليم تعتبر المصدر الأساسي للتفاوت الحاصل في دخل العمال وأن التدريب يرفع من إنتاجية العامل وأن الأفراد يتوقعون عند اتخاذ قرار التدريب أن يحصلوا على دخل أعلى في المستقبل كتعويض لتكلفة التدريب وأن تقتصر تكلفة التدريب على التكلفة البديلة الذي كان سيحصل عليها الفرد إذا لم يلتحق بالتدريب وعلى أساس هذه الافتراضات سيكون توزيع الدخل على العمال
- نظرية الرأسمال البشري لشولتز
حاول شولتز البحث عن تفسيرات أكثر فعالية للزيادة المتوقعة في الدخل وذلك عندما لاحظ أن كثير من الباحثين يكثرون الاهتمام بالجوانب المادية ويهملون الثروة البشرية حيث حول الانتباه من الاهتمام المكونات المادية إلى الجوانب البشري لرأس المال وسجل شولتز أن أكبر خطأ في الطريقة التي يتم التعامل مع رأس المال في التحليل الاقتصادي هي الغاء رأس المال البشري والذي يعتبر المصدر الأساسي للثروة من خلال ما يملكه من طاقات ذهنية وجسمية حيث اعتبر أن مهارات ومعارف الفرد شكل من أشكال رأس المال الذي يمكن تنميته وركزت نظرية رأس المال البشري على عملية التعليم حيث اعتبرته عمليه مهمة ولازمة لتنمية الموارد البشرية حيث أطلق شولتز على التعليم إسم رأس المال البشري ما دام أن مجموعة المعارف المتراكمة والتي حصل الفرد عليها من خلال التعليم تحقق قيمة حيث يؤدي تطوير وتنمية رأس المال البشري في مجال التعليم إلى تحقيق العديد من المنافع ألتي تساهم في زيادة القدرات الإبداعية إلى جانب تحسين الإنتاجية وزيادة الإيرادات وقد بنى شولتز مفهومه لرأس المال البشري على أن النمو الاقتصادي الذي لا يمكن تفسيره بالزيادة في المدخلات المادية يرجع سببه إلى زيادة المخزون المتراكم في رأس المال البشري ، وأنه يمكن تفسير ما يحدث من اختلاف في الإيرادات وفقاً لاختلاف مدار رأس المال البشري المستثمر في الفرد ، وقد خلص شولتز إلى أن لعملية التنمية والتطوير في التعليم للموارد البشرية نوعين من الآثار فكونها تحسن من الطاقات والقدرات للأفراد اللازمة لأداء الأعمال وزيادة الإنتاجية وبالتالي زيادة دخل المنشأة فهناك أثر آخر وهو أثر ثقافي من شأنه أن ينمي عند الفرد المواطنة الصالحة.
- إسهامات بيكر في رأس المال البشري
حاول بيكر في أبحاثه التركيز على رأس المال البشري في جانب التدريب وذلك بعد أن درس الأشكال المختلفة لعملية التنمية والتطوير البشري من تعليم ورعاية صحية وغيرها إذ يعتبر التدريب من وجهة نظر بيكر أكثر جوانب رأس المال البشري وضوح وفعالية في تأثير رأس المال البشري على الإيرادات فقد اهتم بيكر بقياس معدل العائد على الاستثمار واعتبره المرجع الأساسي في تحديد المقدار الواجب إنفاقه على رأس المال البشري ، وقد فرق بيكر بين التدريب المتخصص والتدريب العام في محاولة منه لتوضيح الجانب الاقتصادي للعملية التدريبية حيث وضح تكلفة كل من نوعي التدريب السابقين ومعدل دورات العمل ، فالتدريب العام يحصل من خلاله الفرد على المهارات العامة ألتي يفيد بها منشأته كما أنه يمكن أن ينقلها إلى منشأة أخرى وفي هذه الحالة فإن الفرد هو من يتحمل تكلفة هذا التدريب ولا يرتبط معدل دوران العمل ارتباطاً قوياً بتكاليف التدريب العام ، أما التدريب المتخصص فتتحمله المنشأة ويرجع ذلك إلى كون أن التدريب المتخصص قد لا يناسب طبيعة ومتطلبات منشأة أخرى وكذلك فإن من المحتمل أن يزداد العائد على المنشأة نتيجة هذا التدريب نظراً لارتفاع المهارت لدى الافراد العاملين ، ومن هذا المنطلق وبالنظر إلى التكاليف المرتفعة ألتي يتم إنفاقها على الفرد في التدريب فإن ترك الموظف لعمله يعد خسارة رأسمالية للمنشأة ولذا يتحتم على المنشأة دفع أجور أعلى وتوفير ظروف عمل جيدة وافضل حفاظأً على أفرادها.