في زمن الكورونا .. حياة مع وقف التنفيذ

في زمن الكورونا .. حياة مع وقف التنفيذ
في زمن الكورونا .. حياة مع وقف التنفيذ

في زمن الكورونا .. حياة مع وقف التنفيذ

حين بدأ الحديث عن فيروس كورونا مطلع العام الحالي، شعرت بأن الحديث لا يخصني وأني بعيدة كل البعد عن كل هذه المجادلات حول فيروس غزا البشرية على حين غفلة، كنت أحاول الانسحاب بشكل قاطع عن أي حديث يدور حول هذا الكائن غير المرئي.
 في تلك الفترة، كانت  النظريات المختلفة تنضج في عقول البشر، وتشق طريقها لتكون هي بحد ذاتها محط نقاش جدلي لا مفر منه، وانقسم البشر  كما العادة، كل يدافع عن نظريته سواء المؤامرة الكونية أو الغضب الإلهي أو الأسلحة البيولوجية التي كنا قد سمعنا عنها في الحرب العالمية الأولى، عندما استخدمها الجيش الألماني، أو خلال الحرب العالمية الثانية عندما استخدمتها القوات اليابانية ضد الصينيين.
بينما كانت البداية الفعلية لاستخدام الأسلحة البيولوجية قبل الميلاد بحوالي 14 قرنًا، فقد استخدمها الأشوريون ضد أعدائهم، واستخدمها الصليبيون ضد المسلمين في الحروب الصليبية، وكذلك استخدمها المهاجرون الأوروبيون ضد الهنود الحُمر في أمريكا، كما تم استخدامها في الحروب الأهلية الأمريكية عام 1863.
في الأيام الأولى من انتنشار كورونا في مدينة ووهان الصينية معقر الوباء، راح الجميع يتحدث عن عادات الصين وكيف انهم يلتهمون الأخضر واليابس ويأكلون كل حي على وجه البسيطة، عادات باتت مادة للسخرية حتى على المواقع الإعلامية.
وماهي إلا أيام قليلة حتى بات الفيروس الشبح حاضراً في الدول الأوربية، فباتت مدن تضج بالحضارة والحياة خاويةً على عروشها كإيطاليا وبلجيكا وتشهد نسب الإصابات ارتفاعاً ملحوظاً في اسبانيا وبلغاريا والسويد وألمانيا إلى جانب عدة دول عربية على رأسها قطر والكويت والإمارات وفلسطين.
لم يكن هذا المشهد ضمن السناريوهات اليومية التي نحكيها في عقولنا، ولم نفكر في حتمية الموقف وبأنه فعلا بات وباءً عالمياً، وصار الذعرهو سيد الموقف. 
كورونا وباء عالمي
 صنفت منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا وباء عالميا، فتضاعفت الاصابات خارج الصين 13 ضعفا في الأسبوعين الأخيرين، حيث سجلت القارة الأوروبية 930 حالة وفاة و22 ألف إصابة.
وذكر مدير منظمة الصحة العالمية في مؤتمر صحفي  أن عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد وصل إلى مستوى الوباء العالمي، مشيراً أن  أكثر من 90% من الإصابات بكورونا سجلت في أربع دول، هي الصين وإيطاليا وإيران وفرنسا.
اليوم بات الوباء قريباً جداً منا وراحت 27 دولة تفرض على مواطنيها قواعد حياتية جديدة خوفاً من انتقال العدوى والإصابة بهذا الفيروس "الملعون" على حد تعبير عامة الشعوب، فباتت وسائل النقل مرعبة، وأقفلت الجامعات والمدارس ودور الحضانة أبوابها، كما جرى اقفال النوادي الليلية والمقاهي، وبات نفس الأركيلة من الممكن أن يكلفك حياتك.
لا كورونا في سوريا ومصر.
المشهد لم يغب عن الدول العربية التي بات وضعها في ظل  الإنكار أخطر من أي بقعة أخرى.
في سوريا مثلاً تلك الدولة المنهكة من حرب لم تنطفأ منذ تسع سنوات، والتي تفقد إن صح التعبير "مقومات الدفاع الصحية" اللازمة لتحمي مواطنيها خطر الإصابة، في ظل اتهامات لحكومة أسد محاولته القضاء على كل مواطن يشتبه بإصابته، إذ ضجت وسائل التواصل الإجتماعي حول تصفية المدنيين الحاملين للفيروس قي المشافي الحكومية السورية.
و بعد أن قام المرصد السوري لحقوق الإنسان بنشر معلومات عن توثيقه 62 حالة لمصابين بفيروس كورونا في أربعة مدن سورية، دمشق وحمص واللاذقية وطرطوس، أصدرت وزارة الصحة السورية بياناً تنفي فيه تسجيل أي إصابة بالفيروس.
ومن جهة اخرى باتت المخاوف تزداد  من احتمالية انتشار “كورونا” في مخيمات اللاجئين في اليونان والأردن ولبنان وكذلك في مخيمات النازحين شمال سوريا.
أما في مصر يزداد المشهد تعقيداً مع عدد كبيرمن الفيديوهات والصور المسربة لتجمعات بشرية هائلة في انتظار اجراء التحليل الخاص بالكشف عن الإصابة بالفيروس، في الوقت الذي تتجه أصابع الاتهام بشأن سياسة الحكومة في تعاطيها مع الموقف، ويأتي كل ذلك بالتزامن مع إعلان دول عدة اكتشاف حالات مصابة بالفيروس قادمة من مصر، وهو ما دفع الجميع للتساؤل: كيف تنفي مصر انتشار الفيروس وعدم اكتشاف سوى حالتين، في حين تتوالى الأخبار يوميا عن حالات مصابة قادمة من مصر؟
ومن الواضح أن "كورونا" ذاك "الوحش الصغير" لن يرحمنا، فيكفي حالة الهلع الواقعية و الإعلامية والتحذيرات التي تدفعنا لنحجر أنفسنا في بيوتنا، خوفاً من انتقال العدوى لأطفالنا.
وفي غضون أشهر قليلة تحولت الحياة إلى سلامات باردة تحاول فيها  قدر الإمكان المحافظة على مسافة أمان بينك وبين من تخاطب، من دون أي قبلات أوعناقات، وراح السؤال الحاضر في أذهاننا من سيموت ومن سيبقى؟ وإلى متي سيبقى الدواء مجهولاً أمام العلماء في زمن الصرخات الحضارية والتطور اللامحدود؟.

مشاركة على: