في بازار التطبيع ماذا علينا فعله ؟
في ظل التحولات العلنية في مواقف بعض الدولة العربية وصمت دول أخرى بما يسمح تمرير كافة الرغبات الاسرائيلية والاميركية يجب على القيادة الفلسطينية التحرك من خلال مفاهيم غير نمطية ذات أبعاد مؤثرة ، الى جانب استنفار كافة الامكانيات التي من شأنها صناعة الفارق في مواجهة هذه التحديات الاستثنائية و التي يعني استمرارها ذوبانا للقضية الفلسطينية وتقزيمها بما يتناسب مع المخططات الاميركية والاسرائيلية وحلفائهم .
إن التغير في مستوى الاداء وقوته الضاغطة تحتاج الى ارادة حقيقية تواكب الاحداثيات الجديدة التي ترسم فوق الخريطة الفلسطينية و العربية وعلى الرغم من تراخي الدعم العربي و إنحسار الخيارات الدولية ، لا بد من استحداث آليات تعامل مختلفة في مواجهة الجهد التطبيعي الخليجي المجاني مع العدو الاسرائيلي مما يعني أنه اصبح لزاما على الطبقة السياسية الفلسطينية في رام الله أن تشرع في صياغة قواعد اشتباك جديدة عنوانها المركزي اطلاق العنان الى عقد تحالفات نوعية مع الجمهوريتين التركية والايرانية والتي لا تجمعهم علاقات جيدة مع المطبعين العرب الجدد وكذلك لا يوجد اي نوع من العلاقة الايرانية الاسرائيلية بل هما في حالة أشبه بالاستعداد لحرب واسعة النطاق ناهيك عن التوتر بين انقرة وتل ابيب اضف الى ذلك الخطاب الرسمي النوعي التركي المؤيد للتحرك الفلسطيني ، ونهج الرئيس اردوغان شخصيا في الانحياز الواضح للحقوق التاريخية الفلسطينية المستندة على قرارات الشرعية الاممية .
إن سياسة تجفيف العلاقة الفلسطينية الايرانية الرسمية التي مورست سنوات طويلة وتحييد الدور الايراني منذ سنوات عديدة لم يصب في مصلحة المشروع الفلسطيني اطلاقا ، بل على العكس خلق ارتياحا خليجيا منقطع النظير بعد ايمانهم الشديد أن جدارا سميكا يفصل بين الايراني والفلسطيني وهذ انما اضاف بندا أخر مشجعا الى قائمة المبررات الخليجية في تدشين علاقة تطبيعية مع الكيان الاسرائيلي .
اما عدم سخونة العلاقة التركية الفلسطينية بالقدر المأمول وبالمستوى التي تستحق فذلك يعود سببه الى الضغط المصري والسعودي والاماراتي على صانع القرار الفلسطيني بعدم المضي قدما اكثر في تطوير علاقات استراتيجية مع الاتراك الذين باتوا يشكلون قوة اقليمية لها وزنها وتأثيراتها حتى على المستوى الدولي بمعنى قدرة الاتراك المهولة سياسيا في دعم الموقف الفلسطيني بل وتحصينه في كافة المحافل الدولية وخصوصا داخل منظمة مؤتمر العالم الاسلامي التي تتزعمه حاليا ، لذا علينا فلسطينيا أن ندور الزوايا ونخلط الاوراق بما ينسجم مع الحقوق والثوابت الوطنية ، وهذا اضعف الايمان بعد عشرات السنوات من اعتناق مبدأ أن العمق العربي هو الاساس في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي لنكتشف وللاسف أن المظلة العربية مهترئة بالقدر الكبير والتي لم تعد صالحة اصلا للانضواء تحتها .
اننا لا ندعو الى الانسلاخ عن المنظومة العربية بل ندعو الى الخروج من تحت العباءة والوصاية الخليجية تحديدا ، والتموضع داخل فضاء آخر اكثر قوة واكثر اسنادا للمسار الفلسطيني الذي يعاني أصلا ما يعانيه نتيجة للتملص الاسرائيلي من كافة الالتزامات التي وقعت عليها وبشهادة دولية .
وفي سياق أخر فإن على الرئيس عباس الدفع الى تطوير اكثر للدور الروسي اتجاه الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ، وهو الذي تجمعه علاقة تاريخية مع موسكو ويدرك تماما مدى الامكانيات التي تملكها روسيا في لجم السياسة الاميركية التي تقوض كافة الجهود الدولية والاممية في ايجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية ، ودورها في سوريا أكبر مثال على قدرتها في تثبيت بصمتها الواضحة وامساكها في زمام الامور .
كذلك فإنه لا بد من استثمار الدور الاردني الايجابي اتجاه صفقة القرن والتي عبر عنه العاهل الاردني من خلال رفضه رفضا قطعيا لمحاولات طمس الهوية العربية في القدس ، ناهيك عن التوتر الاردني السعودي خاصة بعد التسريبات التي افادت ان الاميركان يسعون الى استبدال الوصاية الاردنية على المقدسات داخل القدس بوصاية سعودية .
اما فلسطينيا وخلال زمن قريب يجب اذابة التكلس في العلاقة ما بين الضفة وغزة وبالتالي الى مصالحة عاجلة تقفز فوق كل الخلافات وتؤسس لحالة نموذجية وجبهة تصدي قوية .
وأخيرا فانني ادعو الى محاكمة المفصول محمد دحلان علنيا واصدار حكما غيابيا قضائيا وتنظيميا وشعبيا لاغلاق ملفه نهائيا .