كم يجب أن ندفع لبناء علامتنا التجارية؟

كم يجب أن ندفع لبناء علامتنا التجارية؟
كم يجب أن ندفع لبناء علامتنا التجارية؟

كم يجب أن ندفع لبناء علامتنا التجارية؟

ترجمة بتصرّف واسع عن مقال الكاتبة والباحثة Pia Silva

ترجمة وتعديل: عبد الرزاق عكرمة / 3 حزيران 2019م

إن اختيار اسمٍ لعلامة تجارية قد يكون كابوساً للبعض.. اسأل الوكالات المختصّة ببناء العلامات التجارية عن تسعيرهم لهذه الخدمة وستصلك أسعارٌ تتراوح بين 1.000 وحتى 50.000 دولار أميركي أو أكثر!

إن وجود واختلاف كل هذه الخيارات يدفعنا لأن نتساءل: هل حقاً نستلم أعمالاً أفضل كلّما دفعنا مالاً أكثر؟! كيف ولماذا هذا التباين الواضح بين هذه الخدمات وأسعارها؟ وبالتالي: كم يجب أن ندفع مقابل بناء علامة تجارية خاصة بنا أو ما يسمى اصطلاحاً "الإيسام"؟

كل هذا الاختلاف مردّه أصلاً للاختلاف بمفهوم "الإيسام" نفسه. بين ما يعنيه ويقدّمه مقدّمو الخدمة المسستقلّين، وبين ما تعنيه وتقدّمه الوكالات، ومردّه أيضاً لحقيقة ما تحتاجه أنت كزبون ليُحقِّق لك أهدافك في أعمالك.

في الحقيقة.. يشمل الإيسام ثلاثة عناصر مختلفة، العنصر الأول: هناك الهوية البصرية التي تُقدِّم بصرياً ماهيّة عملنا؛ كمثل الشعار والموقع الالكتروني والمطبوعات. وهناك العنصر الثاني: الاتصال التسويقي ورسائله ماذا يقدّم عملنا وبماذا يتميز؟ وما هو المحتوى الملائم والمضامين الفكرية والنصية المُعبِّرة عن العمل. أمّا العنصر الأخير فهو: مكانة وقيمة وهوية العلامة وهي الصورة الذهنية التي تستقرّ لدى الجمهور حيال علامتك التجارية (التموضع الذهني) تأتي كسمعة عن المنتج والعمل ككل من حيث المصداقية والعناية بالزبائن ما بعد البيع والمواكبة لاحتياجات الزبائن والتواصل معهم والاستماع لشكاياتهم حتى في وسائط التواصل الاجتماعي.

عندما تُقدِّم وكالةٌ ما خدماتها في بناء العلامة التجارية؛ قد تقصد تقديم عنصرٍ أو عنصرين من العناصر الثلاث سابقة الذكر أو كلّها. ولتُقرِّر أنت أي خدمة وأي مُقدّم لها تحتاجه لعملك أنت؛ يجب أن تأخذ في حسبانك حجم ومستوى عملك في السوق، كما يجب أن تحصر التحديات أمامك وتحدد الأهداف الواقعية وشريحة الزبائن والمتعاملين معك وطبيعتهم. ويعدها سيأتيك الاستحقاق الكبير.. متى وماذا يجب أن نطلب من الخدمات وفق العناصر السابقة؟ ومِمّن نطلبها؟ وأين نجدها؟ ماذا نتوقع أن نستلم؟ تعالوا لنستعرض معاً الخيارات ونسلّط الضوء عليها:

تصميم الهوية البصرية للعلامة: عندما يقول المصمم أنه سيعمل على تصميم علامتك؛ فهو يقصد فعلياً تقديم ملفات الكترونية للشعار والموقع والورقيات. ولكن لحظة! عليك وعليه أن تتوخيا الدقة أكثر.. إذ أن الأعمال المذكورة هي للعلامة من حيث الشكل فقط وما يقع عليه البصر أي (الهوية البصرية). ولذلك توقّع على الأغلب من المُصمّم أن يطلب منك أن تزوّده أنت بالرسائل والمضامين؛ كما أنه بالتأكيد سيترك لك ما يخصّ التموضع الذهني لعلامتك عند الجمهور وأي استراتيجية تنظمها.

المصمم سيُفيدك عندما تبدأ مشروعاً ناشئاً وليس لديك الكثير لتستثمر به، لأنه ببساطة سيقدم لك ما تحتاجه للبدء بالمبيعات وتجريب حظوظك في السوق. أما حينما تتبلور لديك خبرات مع الزبائن وتريد التّوسّع في الأعمال والمبيعات والمنافسة فإن ما تقدّمه وكالات بناء العلامات بالشكل الاستراتيجي المدروس سيصبح مطلباً لا مفرّ منه؛ من شأنه أن ينقل تجربتك إلى مراحلَ متفوقة أعلى وأنضج.

قد تجد من ينفّذ هوية بصرية كاملة عبر مواقع الكترونية مقابل 1.000 دولار أو 3.000 دولار، وقد تحمل لك الصدفة مصمماً رائعاً يقدّم لك أعمالك بشكل جذاب ومناسب وحتى بكلفٍ أقلّ، ولكن توقّع أن تواجه علاقة العمل بينكما تحدّياتٍ تتعلق بوضعه كفرد مستقل كمثل عدم توافريته وتفرّغه.

التصاميم + الاتصال التسويقي للعلامة: لحسن الحظ هناك الكثير من الوكالات مِمّن يقدّمون خدماتٍ متكاملة بالفكرة والفن، ببساطة تعرِضُ لهم طبيعة عملك وما يدور في ذهنك وهم سيقومون بنقل أفكارك إلى حيّز التنفيذ ويعبّرون عنها لغوياً وفنياً بما يتّسق مع هوية عملك وحملتك المنشودة، وآلية العمل هذه مع هكذا وكالات هي الشكل الشائع للعمل في وقتنا الراهن، التناغم بينكما في العمل والنتائج ستتناسب طرداً فيما لو كانت استراتيجيتك في العمل صلبة وواضحة وستُسهِّل على الوكالة عملها وتُقشّر لهم المدخلات وهم سيعالجونها بدورهم لتقديم المخرجات المُلائمة.

وبالنظر للتسعير.. يمكن أن تتراوح تسعيرة وكالة لبناء علامة تجارية وخدمات الاتصال التسويقي بين 15.000 و 50.000 دولار وقد أعلى، وهذا تخمين بين حدّين عالي ومتدنّي، ولكن لماذا الاختلاف بين الرقمين؟ أولاً إنه أمر تقديري وليس كتاباً مُنزلاً أو علماً ثابتاً، قد لا يتوافق السعر بالضرورة تماماً و/أو دائماً مع النتيجة الفنية حتى عند نفس الوكالة، و"الصّيدات" أي التعاقدات الطفرة (ناجحة ورخيصة) تأتي صُدفةً وبحالاتٍ نادرة وقليلة ولا تتكرر

لن أخفيكم سراً ومن تجاربي.. إن حالة الانسجام مع الوكالة التي اختارها العميل هي نقطة الانطلاق لرضاه عنها.. فحالة الانسجام هذه ستأتي بشكل طبيعي وتدريجي عندما يكون العميل هيّناً مقتنعاً ومتناغماً مع الوكالة التي آمن بقدراتها وقرّر العمل معها؛ بل وشاركها الحماس في أفكارها وطوّرها معهم؛ ولم يُخفِ عنهم خططه وتوقعاته؛ ولم ينسف جهودهم وجُلَّ أفكارهم بسبب جزء، وعرف كيف يُطلق إبداعهم وحماسهم اتجاه علامته التجارية عبر إقناعهم بشخصه أولاً وإلهامه.. هناك عُرفٌ خالد: لن يستطيع مُسوِّق العمل على مُنتج أو خدمة ما لم يؤمن هو أولاً بها.

التصاميم + الاتصال التسويقي + مكانة العلامة: هناك وكالات تُقدِّم العناصر الثلاث بالشكل الكامل (التصاميم والاتصال التسويقي وقيمة العلامة ومكانتها)، هذه الوكالات تستطيع التعاقد معها فقط حينما يكون لديك عوائد مالية ضخمة تستطيع اقتطاع ميزانية محترمة منها لتتعاقد مع هذا الصنف من الوكالات، ببساطة هم يستطيعون مَنهَجة خطط تسويقية وحتى مَنهَجة خططك العملياتية ويضبطون الإيقاع بينهما؛ توقّع أن يدفعوك لمناهج تفكير حيال عملك وما يرتبط به استهلاكياً ومالياً وسلوكياً، ويربطون هذا بمجموعة من التطبيقات التسويقية وممارسات يقومون بتخطيطها وتنفيذها لصالح أعمالك، سيقومون بالنتيجة بمضاعفة أرباحك وتوسيع انتشارك من خلال غرس خدماتك أو منتجاتك في الأسواق لتكون حاجة متغلغلة لدى المستهلكين أو المستفيدين، توقّع من المحترفين منهم أن يطلقوا أعمالك بسرعة إلى فضاءاتٍ جديدة وآفاقٍ قد تكون أنت أول من وصل لها لتحتلّ مرتبةً تكون الرائد فيها أو مضرب المثَل أو حتى النقطة المرجعية.

على أرض الواقع؛ يوجد قِلّة قليلة من هذه الوكالات لأن عملها ونجاحها أساساً صعب.. الاستحقاقات أمامها عسيرة منها: فهم استراتيجيات العمل للزبون وضبط استراتيجيات التسويق والاتصال التسويقي واستراتيجيات التصميم والتمثيل البصري.. ويبقى الأهم كيفية ربط كل هذه الاستراتيجيات وتشبيكها معاً بانسجام لخدمة الأهداف وكيفية تطبيق الخطط التنفيذية بفنٍ آسر لتأثيرٍ حميد الذكر لدى الجمهور. كما تمتدّ قائمة الاستحقاقات العسيرة أمام هذه الوكالات لتشمل فهم البيئة المحيطة والسلوك الاستهلاكي للجمهور المُستهدف، بل وخلق عادات وسلوك استهلاكي معيّن، كما ويتوجّب عليها (الوكالات) مواكبة التطوّر في التسويق ومناهجه وآلياته واستمزاج الخبرات التسويقية في مناطق أخرى واستحقاقاتٍ أخرى للوصول إلى النجاح و"الفن بالإقناع" بيسرٌ وسهولة وانسيابية عملياتية.

لتحقيق كل ما سبق، يجب أن تكون الوكالة على سويّة عالية من الاحترافية بل والتخصّص. وبسجلِ تجارب زخم وبباقة عمليات واسعة متكاملة كالدراسات والتحليل والتطوير والتسويق الالكتروني والبيع عبر الإنترنت إلخ.. ولذلك قد يكون من الحكمة عندما تقرر التوقيع مع وكالة بناء علامة تجارية لتحقيق أهدافك ابحث عن الوكالات التي لها تخصص وباع في مجالك أو ما يرتبط به، سيكون هذا أرشد لمصاريفك وأسرع بوصولك لأهدافك.

السوق اليوم أصبح فيه وكالات لديها تخصصات محددة تَبرَع بها سواءٌ للأفراد أو للمجتمعات: كتسويق البضائع والمواد الاستهلاكية اليومية أو الكماليات أو الخدمات كمثل السياحة بأشكالها، كما أن هناك وكالاتٍ برزت في التعامل مع الشخصيات الهامة والمؤثرة مجتمعياً، وهناك مَن تتعامل في التوطئة المجتمعية لطرح أفكار معينة تُفرز سلوكاً جماعياً مطلوباً، وهناك من يتعامل ببناء العلاقات العامّة والعلاقات مع العامّة، وهناك أيضاً تسويق المُدن والبلدان وما إلى هنالك مما يؤكّد على توسّع التخصصات ودقّتها وانتشارها.

إن باقة التسعير للوكالات التي تقدّم الخدمات الثلاث (ومنها مَنهَجة العمل لخلق مكانة للعلامة) تكون بين 10.000 و 50.000 دولار ومنهم قد يتركها معك بلا سقف تبعاً لأمور كثيرة، وحتى تتأكّد أنك بالمكان الصحيح ببساطة عاين أسئلتهم لك؛ هل سألوك عن أرقام؟ أسعار؟ تسعير؟ أرباح ودورة المال، العمليات؟ إذا ما تعرّضت لهذه الأسئلة فتنبّأ لعلامتك التجارية أنها تُبنى انطلاقاً من خطة عمل استراتيجية تضمن الربح والنجاح.

بعضٌ من أكبر الوكالات يعملون هذا ويعملونه بشكل صحيح، ولكن تسعيرهم يبتدئ بـ 30.000 دولار على الاستراتيجية فقط، وعندما يستلزم الأمر إجراء أبحاث خاصة وصياغة رسائل اتصالية وبناء هوية بصرية فتوقّع أن تزيد على الفاتورة رقماً من خمسة أصفار، وللتذكير الوكالات المتوسطة والصغيرة لا يقدمون الخدمات الثلاث بل يلتزمون بقياسٍ يناسبهم ويلتزمون به ويُحكمون السيطرة على تفاصيله والنجاح به. أما أنت إن ارتأيت أن أهدافك لا تُحقّق إلا بالشركات الكبرى فيجب عليك ألاّ تناور في طلب من هي أدنى منها كي لا تخسر الوقت والأسبقية.. الأسبقية في اختراق الحصص السوقية والحفاظ عليها وتطويرها هي الكفيلة بوصولك لأعلى المستويات وتحقيق الأهداف.

بالنهاية.. أنصح كلّ من يودّ العمل على ترويج وتسويق أعماله أن يُحسن تقدير إمكاناته وعمله وما يطلبه من التسويق.. يجب على أصحاب الأعمال التأكد من الطاقة الإنتاجية والقدرة التخديمية بالسوية العليا، وعلى أن يكونوا قد كشفوا جزءً من الطريق أمامهم ولو من وجهة نظرهم وفهمهم للسوق والمنافسين وحظوظ بقاء المنتجات في السوق والمنافسة.. إذ أن التجارب طالَعتنا بفشلٍ ذريع كان العمل التسويقي جباراً مقابل منتجاتٍ أو خدماتٍ هزيلة، والعكس أيضاً هناك أعمال غاية في الإتقان والإحسان وميزتها التنافسية حاضرة في السوق ولكن كانت جهود القائمين عليها منصبّة على الإنتاج والإنتاج فقط.. إذاً لا نُبالغ ولا نُقصِّر ولنأخذ الطريق رويداً رويداً.

 

 

 

 

 

مشاركة على: