هل ينجح أردوغان في الانتخابات القادمة؟

هل ينجح أردوغان في الانتخابات القادمة؟
هل ينجح أردوغان في الانتخابات القادمة؟

هل ينجح أردوغان في الانتخابات القادمة؟

كتبه: دكتور محمد العزامي 

في السنوات الأخيرة, أصبح الواقع في الشرق الأوسط مختلف, وواضح بشكل جلي وبيّن أن هناك نظام قوي ومتصاعد أضحى جزءا أصيلا من المعادلة في كل القرارات الإقليمية لا سيما حالات السلم والحرب والوساطات القوية بين الأطراف المتنازعة في المنطقة.


النظام التركي الحديث برئاسة رجب طيب أردوغان بعد تسلم حزبه مقاليد الحكم بداية القرن الحالي كانت البلاد تعاني اقتصاديا, وتسلم حزب العدالة والتنمية حكم البلاد بعدد من المشكلات المتنوعة والديون الخارجية وأوضاع أقرب إلى الانهيار.


لكن في المقابل ورث النظام الحالي عن السابق جملة من عوامل قوة لم يحسن السابقون استثمارها, فعلى سبيل المثال: جغرافية البلد وموقعها الحضاري والتاريخي والتصاقها بالقارة العجوز-أوروبا- وأهليتها السياحية وإطلالتها على محور ثروات العالم في الشرق الأوسط إضافة لعضوية البلاد في مجموعة تحالفات مهمة أبرزها حلف شمال الأطلسي- الناتو كل هذه العوامل وغيرها شكلت نقاط انطلاق متعددة لهذا النظام الناشئ الذي من شأنه تغيير مسار اللعبة الدولية والإقليمية بشكل ملحوظ. 


طوال مدة حكمه التي  استمرت قرابة ربع قرن رسخ النظام التركي برئاسة رجب طيب أردوغان، إتقان لعب دور المعارضة لكنها لم تكن المعارضة الداخلية إذ حكم البلاد في أيديهم, بل تلك المعارضة الإقليمية والتحالفية, معارضة داخل أوروبا, ومعارضة داخل حلف النيتو ومعارضة للنظام العالمي بكل أنواعه الاقتصادي والسياسي والمالي, وفي كل جولة من هذه الجولات كان مما لا شك فيه وجود بعض المخاسر على صعيد قوة العملة المحلية, أو تغيير في التحالفات السياسية الداخلية والخارجية, إلا إن حجم ما حققه النظام التركي من مكاسب كان أكبر وأعظم.


لقد كان أعظم انتصار لتركيا خلال تلك الفترة ما حققته البلاد من استقلالية في السيادة والقرار.
واضح أن ما مرت به التحالفات الداخلية والعلاقات الخارجية أشبه بالمتناقضات, فلو قمنا بإطلالة على حالة التحالفات السياسية اليوم نجد أن الحليف الرئيس للعدالة والتنمية هو الحزب القومي التركي برئاسة دولت بهتشلي  في حين أن الكتلة المنافسة تشمل سبع أحزاب كانت لا يمكن أن تلتقي معا لو قمنا بإطلالة على الوضع السياسي قبل 10 سنوات حيث الحل السياسي الذي أبرمه أردوغان رئيس الوزراء وقتها مع حزب الشعوب الديمقراطي المقرب من حزب العمال الكردستاني, تلك الخطوة التي لم تنل إعجاب معظم الأحزاب لا سيما العلمانية والقومية حينئذ, وهذا يجعلنا نستنتج أن ما يقدم  عليه وجه تركيا الجديد في التحالفات الداخلية بدءً من تلك التحالفات الضمنية مع الجماعات المحافظة واشتمال الحزب على تكنوقراط متنوع بغض النظر عن الخلفية السياسية, مرورا بتغير النظام لرئاسي وصولا إلى وقتنا الراهن هو محض خطة لدوري كرة قدم طويل الأمد, يتحول فيه من تشجعه في هذه المباراة إلى منافس شرس وخصم عنيد في المباراة القادمة, ومن حسن الحظ أن على رأس النظام لاعب كرة سابق متقن لخطط الدفاع والهجوم ومحتاط لاحتمالية أن يكون هناك أشواط إضافية للمباراة.


على الصعيد الدولي مرت معظم الدول الإقليمية بحالات مختلفة فمع ألمانيا وهولندا وعدد من الدول الأوروبية مرت العلاقات بحالة من المد والجزر كانت المصالح المشتركة, وبالأخص حاجة أوروبا إلى تركيا هي التي تنهي أو تجمد تلك الخلافات.


أما مع المعسكر الشرقي فقد مرت العلاقات مع روسيا خلال العقد الأول من حكم أردوغان بتقارب واضح على حساب العلاقة مع الغرب إلا إنه في عام 2015 شكلت إسقاط الدفاعات التركية لمقاتلة روسية من نوع سوخوي 24  تحولا في العلاقة كان ينذر بنشوب حرب سيطرة بين الطرفين في مناطق حدودية داخل سوريا, وتمكنت الحكمة التركية الروسية بصعوبة من احتواء الموقف, إلا أن الحادثة رسخت فكرة أن تركيا اليوم لم تعد تركيا القديمة وأن هذه المعادلة ليست فقط مع الولايات المتحدة وأوروبا فحسب بل مع كل القوى الإقليمية في المنطقة.


واليوم تحتفظ تركيا بموقع فريد تنال به من خلال  مواقفها وقوتها احترام الغرب وروسيا مما جعلها وسيطا مرضيا في كل الخلافات الدائرة في المنطقة وأخرها الحرب الروسية الأوكرانية.


يعول الغرب  الذي قد بدت البغضاء من فيه  لأردوغان  ولعل ما تخفيه صدورهم أكبر, على سقوط أردوغان في الانتخابات القادمة, هذا التعويل الذي يمكن في لحظة من لحظات الحضارة والإنجاز والتطور التي أوصل الرجل البلاد إليها تتحول إلى تعويل واهم لا صلة له بالواقع, الغاز والنفط والاكتشافات الجديدة, وتلك المشاريع العملاقة, وشبكة المواصلات الضخمة, الجسور والجامعات والمطارات, والصناعات الدفاعية, الطائرات العسكرية والمسيرات,  التطور الذي جعل المواطن التركي يفخر داخليا وخارجيا بما آلت إليه البلاد خلال حكم أردوغان.


رفع الحد الأدنى للأجور لما يقترب من نسبة التضخم حيث زادت الدخول بنسبة 50% في نهاية 2021 مع بداية التضخم العالمي لتعاود الدولة رفع الحد الأدنى للأجور مرة أخرى منتصف 2022 لقرابة 30% أخرى, أضف إلى ذلك نجاح العلاقات الخارجية للنظام التركي بالوصول إلى صفر مشاكل مع دول سادت السوداوية في العلاقات بينها وبين تركيا طيلة سنوات  كمصر والسعودية ودولة الاحتلال والإمارات واليونان وأرمينيا, ليبقى الجواب الغامض, هل تتفق أحزاب المعارضة المختلفين سياسيا وأيديولوجيا وجماهيريا على مرشح وحيد؟

مشاركة على: