تركيا تتصدر دول العالم في إنتاج الكهرباء الحرارية.. ماذا عن الغاز الطبيعي؟
شهدت تركيا نمواً كبيراً في قطاع الطاقة والكهرباء، وذلك بفضل التطور التكنولوجي الحديث الذي يسمح للبلد بتحقيق استدامة في إنتاج الطاقة.
بادئ ذي بدء، يعد استهلاك تركيا للطاقة من أهم القضايا التي تشغل بال المجتمع وتؤثر على البيئة، فقد بلغ استهلاك الطاقة في البلاد نحو 289 مليون طن مكافئ نفطي في العام 2019 وهو رقم كبير يحتاج إلى التركيز عليه.
ويتم إنتاج الكثير من طاقة الكهرباء من محطات الطاقة الحرارية الأرضية، غير أن استخدام هذه المصادر يسبب انبعات كميات كبيرة من الغازات الدفيئة التي تؤثر سلبا على البيئة والتيارات المناخية العالمية.
ورغم أن تركيا توصل إلى اتفاقيات دولية للحد من تلوث البيئة وانخفاض مستويات الانبعاثات لا يزال استهلاك الطاقة يشكل عائقا في سبيل ذلك.
لذا فإن الحكومة التركية ترغب في أن تبدأ في تطوير الطاقة المتجددة بهدف الحد من استخدام مصادر الطاقة الأحفورية.
ويتمثل ذلك في مشروعات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح، إلا أن تلك المشروعات لم تستطع تغطية حاجات استهلاك البلاد بعد.
على الرغم من ذلك، فإن تحسين كفاءة استهلاك الطاقة يمكن أن يحقق فوائد مباشرة على البيئة ويساعد على تقليل تأثير التلوث، ولذلك يتوجب علينا جميعا توخي الحذر واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين استخدام الطاقة في الحياة اليومية وتقليل استخدام مصادر الطاقة ذات الأثر البيئي الكبير.
الكهرباء في تركيا
محطات الطاقة الحرارية الأرضية في تركيا
تتصدر تركيا العالم في إنتاج الكهرباء من محطات الطاقة الحرارية الأرضية، وتقدم للعالم نموذجا مشرفا في استخدام هذا المصدر البديل الذي يعتبر صديقا للبيئة وذو كفاءة عالية.
وتعتمد تركيا بنسبة 88 بالمائة على وقود أحفوري في إنتاجها للكهرباء، ولذلك فإن الطاقة الحرارية الأرضية تعتبر بوابة الخلاص لها من آثار التلوث، وفي العام الماضي بلغ إنتاج تركيا من الكهرباء بواسطة محطات الطاقة الحرارية الأرضية 1613 ميغاوات، وتعد هذه الأرقام هائلة ومتزايدة.
تتميز تركيا بوجودها على حزام تكتوني نشط، مما يجعل لها إمكانيات هائلة في استخدام الطاقة الحرارية الأرضية، وتهدف تركيا إلى الصدارة في العالم في هذا المجال، كما أن مجموعة البنك الدولي تقدم التمويل اللازم لتعزيز هذا القطاع في البلاد.
وتعد محطات الطاقة الحرارية الأرضية بمثابة طريقة جيدة لتخفيض انبعاثات الكربون، حيث يتم احتساب نسبة عالية من طاقة المحطات هذه المدفوعة عن طريق مصادر طاقة متجددة.
وبفضل وجودها بشكل واسع في العالم، فإن الطاقة الحرارية الأرضية تعد مصدرًا جيدًا للكهرباء المتجددة، ولذا فإن تركيا قد دخلت إلى هذا القطاع وتعمل على توفير الطاقة المتجددة للعالم بأكمله.
وبذلك، فإنها تحافظ على بيئة أكثر نظافة وتخفض الانبعاثات الضارة الغلاف الجوي.
الغاز الطبيعي في تركيا
يمثل حقل الغاز الطبيعي الذي تم اكتشافه مؤخراً في البحر الأسود لتركيا ميزة تفاوضية قوية في قطاع الطاقة والتجارة العالمية، وتربط أراضي تركيا 7 خطوط أنابيب دولية للغاز الطبيعي، ما يوفر لها أيضًا مزايا تحاكي العرض والطلب للمحروقات ككل.
وبالرغم من استيراد تركيا 85 بالمائة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من خارج البلاد، إلا أنها تسعى للتخلي عن هذا الوضع والاستفادة من ثرواتها الداخلية، مع الحفاظ على الكفاءة وصيانة البيئة.
وتشمل مصادر توريد الغاز الطبيعي لتركيا دولا مثل الجمهورية الأذربيجانية وجورجيا، ولكن اكتشاف الحقل الضخم في البحر الأسود بعد خطوة كبيرة لتحقيق الاكتفاء الذاتي فيما يتعلق بالطاقة.
ومن المعروف أن تركيا تستهلك أكثر من 6.000 بيناجول من الطاقة الأولية كل عام، فضلا عن سياسة الطاقة التي تعتمد على وقود أحفوري بنسبة 38 بالمائة، وهو ما يدفعها للبحث عن مصادر جديدة ومتجددة للطاقة، مثل الطاقة الشمسية والرياح ومن الواضح أن دور حقل الغاز الطبيعي في تجارة الطاقة العالمية لتركيا سيكون بمثابة دعامة قوية للاقتصاد الوطني وسيساعد في خفض تكلفة الطاقة المستوردة بالإضافة إلى توسيع إمكانيات التصدير لتركيا، وهذا يشكل مكاسب كبيرة في المستقبل فيما يتعلق بتوقعات دليل الإرشاد بشأن الدولة النامية.
مصادر توريد الغاز الطبيعي لتركيا
من أبرز المصادر التي تعتمد عليها تركيا في توليد الطاقة هو الغاز الطبيعي، ومن ما لا شك أن حقول الغاز الطبيعي تلعب دوراً مهماً في توفير الطاقة اللازمة لتركيا وتقليل اعتمادها على الاستيراد.
وتمثل روسيا وإيران أهم مصادر توريد الغاز الطبيعي لتركيا، إذ تم استيراد 7.2 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال، من هذين البلدين في عام 2021.
وحتى توفير الكميات اللازمة من الغاز الطبيعي، فقد قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطة لبناء مرفأين بحريين لتخزين الغاز المسال وقد وافقت الحكومة التركية على الخطة التي تمتلكها شركات بوتاش وإجيجاز المملوكة ملكية خاصة، كما تملك تركيا وحدتين عالمتين لتخزين الغاز الطبيعي المسال.
وبالرغم من أهمية حقول الغاز الطبيعي، فإن تركيا تتطلع إلى تنويع مصادر الطاقة والاعتماد على الطاقة المتجددة.
الطاقة المتجددة في تركيا
من أجل تعزيز إنتاج الطاقة المتجددة، يركز الاهتمام التركي على زيادة حجم إنتاج الطاقة الشمسية المركبة، ومن المثير للإعجاب أنه في غضون 8 سنوات، زاد حجم إنتاج الطاقة الشمسية المركبة من 40 ميغاوات إلى مستوى يفوق كمركز للطاقة في المنطقة والعالم.
وفي الوقت الذي تمثل فيه الطاقة الكهرومائية المصدر الأكبر للكهرباء المتجددة في تركيا تشكل الطاقة الشمسي والرياح حوالي 6 من مصادر الطاقة المتجددة الـ 7 آلاف ميغاوات في عام 2019.
يتوقع الخبراء الاستمرار في ارتفاع حجم إنتاج الطاقة المتجددة في تركيا، نظرًا للتحول الذي يشهده العالم باتجاه استخدام المصادر الطاقة الجديدة والتي تتسم بالنظافة والاستدامة.
علاوة على ذلك، يحظى اعتماد تركيا على مصادر الطاقة المتجددة بدعم واسع من المجتمع الدولي، خاصة في ظل الدور الذي تلعبه تركيا في تقليل البعاثات الغازات الدفيئة.
وبالرغم من أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة لا يزال تحديا كبيرا، إلا أن تركيا تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هذا الهدف يفضل الاستثمارات المتزايدة في مجال الطاقة المتجددة.
النمو الاقتصادي وقطاع الطاقة في تركيا
تشهد تركيا نموا اقتصاديا ملحوظا في الفترة الحاضرة، حيث يتم ترجمة هذا النمو الاقتصادي عبر قطاع الطاقة بشكل كبير.
فقد ارتفعت الطاقة المستخدمة في تركيا بنسبة 4.4% خلال العام 2019 حيث يشغل قطاع الكهرباء النصيب الأكبر من هذه الزيادة.
تعمل تركيا على تنويع مصادرها للطاقة، حيث تتطلع إلى زيادة الكفاءة وتبني المصادر المتجددة، ولقد كان لذلك الأثر الإيجابي على النمو الاقتصادي في تركيا، حيث يدمج القطاع الكهربائي تقنيات متطورة مثل الذكاء الصناعي لمواكبة هذا التطور.
وفي هذا الصدد، تحير الطاقة الشمسية والرياح من المصادر المتجددة التي تشهد تناميا كبيرا في تركيا. وذلك يفعل تيني الحكومة السياسات والبرامج الداعمة لهذه الصناعات ما يؤدي إلى زيادة التوظيف وفرص النمو الاقتصادي.
يعتبر النمو الاقتصادي في قطاع الطاقة دليلا على استراتيجية تنويع الاقتصاد واعتماده على مصادر الطاقة البديلة، وللرغبة في تعزيز هذا النمو، تسعى الحكومة التركية إلى التركيز على تحسين بنيتها التحتية وتحديث معداتها في القطاع الطاقوي.
وهذا سوف يؤدي إلى ازدياد الإنتاجية والربحية ونمو المشاريع الطاقوية في تركيا في السنوات القادمة.