مع تعيين محمد شيمشك وزيرًا للمالية.. هل تغير تركيا سياستها النقدية؟
مع التدهور المستمر لليرة التركية تتجه الأنظار صوب وزير المالية الجديد محمد شيمشك.
والمتابع للشأن التركي يرى أن تدهور الليرة التركية يعتبر مسألة اقتصادية معقدة ومتعددةُ الأبعاد وهناك عوامل عدة تؤثر في هذا التدهور.
أول هذه العوامل هو التضخم، حيث شهدت تركيا معدلات تضخم مرتفعة، مما أدى إلى تقليل قوة الشراء لليرة التركية، و هذا التضخم جزئياً إلى سياسات نقدية غير فعالة وزيادة الإنفاق الحكومي، والتي تؤثر على ثقة المستثمرين والأسواق المالية.
وأضف إلى ذلك أن تركيا تمتعت بنمو اقتصادي غير مستدام في السنوات الأخيرة، رغم أن التوسعَ الاقتصادي قد يكون مؤشرًا إيجابيًا، إلا أنه قد يؤدي إلى زيادة الاستهلاك والاعتماد على الاستدانة الخارجية، مما يجعل الاقتصاد عرضة للتدهور عندما تحدث تقلبات في الأسواق المالية العالمية.
كما أن الأزمات السياسية والجيوسياسية أيضًا لها تأثير كبير على قوة الليرة التركية، ففي السنوات الأخيرة شهدت تركيا توترات سياسية واقتصادية مع بعض الدول الأخرى وخاصة الولايات المتحدة، وأدت هذه التوترات إلى عدم الاستقرار السياسي وزيادة عدم اليقين في الأسواق، مما أدى إلى تراجع قوة الليرة التركية.
من العوامل أيضاً التي ساهمت في تدهور الليرة المضاربة النقدية وتداول العملات، ويعتبر سوق الصرف الأجنبي سوقًا حساسًا ومتقلبًا، ويمكن أن تتأثر قيمة العملات بشكل كبير بتحركات المتداولين والمضاربين في الأسواق المالية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن تعيين الاقتصادية التركية البارزة في القطاع المالي الأميركي حفيظة أركان محافظة جديدة للبنك المركزي، في خطوة تعزز مسار العودة إلى السياسات المالية والنقدية التقليدية التي وصفها شيمشك في مؤتمر صحفي عقب تعيينه في المنصب بأنها "مبنية على أسس عقلانية وقابلة للتنبؤ".
وتحمل محافظ البنك المركزي التركي الجديدة حفيظة غاية أركان شهادة الدكتوراه في مجال بحوث العمليات والهندسة المالية من جامعة برينستون الأميركية، وتولت منصبي المديرة العامة في "غولدمان ساكس" والرئيسة التنفيذية المشاركة في بنك "فيرست ريبابليك" على التوالي.
وبحسب وكالة الأناضول، تتمتع أركان بخبرة كبيرة في الأعمال المصرفية والاستثمار وإدارة المخاطر والتكنولوجيا والابتكار الرقمي، وهي عضوة في المجلس الاستشاري لقسم بحوث العمليات والهندسة المالية في جامعة برينستون
وتبدو مهمة شيمشك وأركان على درجة عالية من الصعوبة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية التي تلقي بظلالها على الاقتصاد التركي الذي يعاني بدوره من أزمات محلية.
وفي وقت سابق وعد أردوغان باتخاذ خطوات لحماية المواطنين من التضخم ليصبح في خانة الآحاد وحل مشكلة ارتفاع تكاليف المعيشة، ولذلك فقد عين محمد شيمشك، وزيرًا للخزانة والمالية في الحكومة الجديدة، إذ يحظى بتقدير كبير بين المستثمرين الأجانب.
وشغل شيمشك منصب وزير المالية بين عامي 2009 و2015، إلى جانب عدد من المناصب التنفيذية الأخرى التي جعلت عددا من خيوط الاقتصاد تلتقي عنده، وشهدت الفترة التي ساهم خلالها في إدارة الاقتصاد التركي ازدهارا ملحوظا.
وقال شيمشك بعد تعيينه إن السياسة الاقتصادية في تركيا تحتاج إلى العودة إلى "أساس منطقي".