هل ينجح اليوان فيما فشل فيه اليورو ويسقط مكانة الدولار؟
تناولت دراسة اقتصادية حديثة مصير الدولار الأمريكي وهيمنة اليوان الصيني، ومدى احتمال تطبيق فرضية البترويوان كبديل عن البترودولار خلال الفترة القادمة.
أشار الدراسة إلى أنه منذ سنة 1973، حيث ارتفعت أسعار النفط بشدة، ظهر نظام البترودولار لشراء النفط حصراً بالدولار، وأصبحت المبالغ الهائلة التي تنتجها أسواق الطاقة تستثمر كأولوية في الأسواق الأمريكية، ما وفَّر ميزة نسبية لاقتصاد الولايات المتحدة، وأدى إلى إحباط كبير بين شركائها الأوروبيين.
ورغم إنشاء عملة اليورو بعد ذلك ونجاحه كعملة عالمية، لكنه فشل في منافسة عمق وسيولة أسواق نيويورك بسبب عدم وجود خزانة أوروبية موحدة، وبالتالي لم يستطع اليورو إسقاط الدولار عن مكانته كعملة الاحتياط والصرف الرئيسية في العالم.
وأشارت الدراسة إلى أنه بعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين التي بدأت سنة 2018 حدث الآتي:
1-بدرت تحركات من دول بريكس من أجل التخلص من الدولار في تعاملاته التجارية البينية، كما بدأت الصين بدأت ببيع وتقييم البترول باليوان الصيني.
2-يجري الحديث على أن العلاقات بين الصين والمملكة العربية السعودية ستتطور اقتصادياً بقبول عملة "اليوان" لتسديد قيمة واردات الصين النفطية من السعودية، ما قد يكسر هيمنة الدولار الأمريكي على أسواق النفط العالمية، ويلغي اتفاق البترودولار.
3- عمل البنك المركزي الصيني منذ مطلع سنة 2022 على تنفيذ خطط تعزيز مكانة اليوان في التعاملات المالية الدولية، وبدلاً من التركيز فقط على تسعير السلع والخدمات المستوردة مثل النفط وغيره باليوان، فإنه أصبح يتَّبع مساراً مزدوجاً بالعمل أيضاً على تسهيل وصول المستثمرين الأجانب لأسواق الأوراق المالية الصينية، وكذلك زيادة نصيب العملة الصينية من اعتمادات تمويل التجارة الدولية.
ترى الدراسة أن استخدام اليوان في سوق البترول والغاز ما زال محدوداً حتى الآن ولا يؤثر بشكل كبير على الدولار، ولكن خطوات الصين من شأنها إثارة قلق الولايات المتحدة.
إذا قررت دول الخليج، وخصوصاً السعودية، التخلي عن تسعير النفط بالدولار واتَّجهت إلى اليوان، فإن ذلك يعد تهديدا للدولار بكسر هيمنته على سوق العملات الدولية.
حيث أن الصين أكبر مستورد للنفط والغاز في العالم وثاني أكبر مستهلك لهما، بينما السعودية تعد أكبر مصدِّر له، وقطر ثاني أكبر مصدر للغاز المسال.
توقعات المرحلة القادمة:
أشارت الدراسة إلى أن هناك ثلاثة سناريوهات مختلفة متوقعة للمرحلة القادمة.
1-استمرار سيطرة الدولار على التعاملات النفطية في المدى القريب والمتوسط.
2-سيطرة اليوان على التعاملات النفطية في المدى المتوسط.
3- زوال هيمنة الدولار في المدى المتوسط وحلول سلة من العملات محله في التعاملات النفطية.
ورجحَّت الدراسة السيناريو الثالث واعتبرته الأقرب للتحقق، ويفترض بقاء هيمنة الدولار في المدى القريب، وتراجع هذه الهيمنة في المدى المتوسط وتقاسم سلة من العملات حصصا مختلفة في التعاملات النفطية.