الإضافات الغذائية ؟ .. احذروها !
من بوسعه مقاومة أطباق البسكويت والكعك وغيرها من الحلويات الملوّنة والغنية بالإضافات الغذائية؟
لا أحد يمكنه فعل ذلك، خصوصا حين يتعلّق الأمر بالأطباق اليومية التي اعتاد عليها معظم الناس، غير أن السؤال المطروح هنا هو: هل تشكل تلك الإضافات الغذائية خطر على صحة الإنسان؟
للإجابة على هذا السؤال وغيره من الإستفهامات المنحدرة عنه، أصدرت منشورات “تييري سوكار” الفرنسية العلمية “الدليل الجديد للمضافات” استندت فيه إلى أكثر من 150 دراسة علمية، وقدّمت فيه لمحة عن هذه المواد، كما تناولت جوانب متعدّدة للموضوع بهدف توضيحه للمستهلكين.
** ما هي الإضافات الغذائية؟
يعرفها المختصون بأنها مواد ذات منشأ كيميائي في معظمها، مع أن منها ما هو طبيعي، وتضاف إلى الأطعمة لحفظها من التلوث ومن عوامل الفساد أو تستخدم كمواد ملونة أو منكهة أو لزيادة الكثافة.
وعموما، يمكن تقسيمها إلى 5 أقسام؛ فبينها ما يستخدم لحفظ الأطعمة، وهي عبارة عن مواد كيميائية تضاف إلى الأغذية لمنع نمو الكائنات الحية مثل البكتيريا والأعفان والخمائر، أو لمنع فساد تلك الأغذية.
ومنها أيضا ما هو متمّمات غذائية تضاف إلى الأطعمة لزيادة قيمتها الغذائية، مثل الفيتامينات والأملاح والبروتينات، علاوة على المواد المنكهة، مثل المحليات الطبيعية أو الصناعية لمنح المنتج مذاقا ونكهة خاصة.
كما توجد المواد الملوّنة، والتي عادة ما تكون إما صناعية أو طبيعية، وتضاف إلى الأغذية والمشروبات والحلويات والسكاكر لإعطائها لونا جذابا، إضافة إلى مواد أخرى تستخدم لزيادة كثافة المنتج أو لمنع انفصال المواد الغذائية.
** “لا قيمة غذائية للإضافات”
آن لور دينانان، إحدى المشاركات في تأليف الدليل الصحي، قالت تعرّف هذه المواد بأنها “مركّبات يمكن أن تكون طبيعية في بعض الأحيان، لكنها كيميائية في الغالب، بل إن ربع تلك المضافات يمكن أن يكون خطرا على صحة الإنسان.
فالمواد الحافظة والمضادّة للأكسدة تمكّن صناع الأغذية من تمديد صلاحية منتجاتهم، غير أن بعض محسّنات النكهة والملوّنات، والتي يمكن أن تستخدم في منتج غذائي واحد، تسلب الأخير مكوّناته الطبيعية لتستبدلها بأخرى كيميائية مهمّتها جعل الغذاء أكثر جاذبية بأقلّ كلفة.
ومما تقدم، خلصت المختصة الغذائية إلى أن “وجود تلك الإضافات يشكّل في حدّ ذاته دليلا على أن الغذاء خضع للمعالجة، ما يعني أنه مرشح بقوة لأن يكون مضرا بالصحة”.
وتابعت أن المواد المضادة للأكسدة، والتي تسمح بتخزين أطول للمنتجات، إضافة إلى الملونات التي تجعل الطعام أكثر جاذبية بالنسبة للمستهلك، تشكل دليلا واضحا على أن تلك المنتجات ليست طبيعية، وهنا يكمن الخطر.
ولفتت إلى أن الكتاب لا “يرمي إلى شيطنة الإضافات الغذائية” على حدّ تعبيرها، “بما أن البعض منها لم يثبت تأثيره المضر بالصحة حتى اليوم، وإنما يقدّم تصنيفا للإضافات الأكثر شيوعا، وترتيبها بحسب خطورتها، ما يمنح الناس معلومات واضحة تمكّنهم من اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة”.
من جانبها، تشير دراسات مختلفة إلى أن تجاوز الضوابط والقوانين التي تحدّد الكميات المسموح بها في الغذاء يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، تصل حدّ التسبب في ظهور الأورام السرطانية، كما تؤثر على وظائف القلب والكلى والكبد، وتؤثر على المخ والجهاز العصبي.
فقدرة تلك المواد على تدمير الفيتامينات الضرورية يراكم الأمراض لدى الإنسان، وهذا ما يدفع جميع دول العالم إلى إخضاع الإضافات الغذائية إلى رقابة صارمة، مع أن ذلك لا ينفي حدوث تجاوزات، ما يجعل للمستهلك النهائي مسؤولية جسيمة في حماية نفسه.
واللافت هو أن أضرار الإضافات لا تقتصر فقط على الانسان، وانما تطال البيئة أيضا، فالمواد الحافظة والملونة تلحق بالبيئة أضرارا بالغة، وذلك في كافة مراحل تصنيعها علاوة على النفايات التي تنشأ من عمليات التصنيع الكيميائي لها.
** على القائمة الحمراء
الأسبارتام يعتبر من الإضافات المصنفة في القائمة الحمراء للدليل، أي أنه الأكثر خطورة على صحة الإنسان، وهو من المواد الموجودة بكثرة في عدد كبير من المنتجات التي يصطلح على تسميتها بـ “الخفيفة” أو “اللايت”.
فهذا المحلّى الصناعي غير السكري والأحلى بـ 200 مرة تقريبا أكثر من السكر، موجود في المشروبات الغازية الخالية من السكر، والزبادي المخففة، وغيرها من أغذية الحمية، مع أن “الوكالة الفرنسية للأمن الصحي الغذائي” (حكومية)، سبق وأن أعلنت في يناير/ كانون ثان 2015، من أن “المحلّيات المكثّفة، بينها الأسبارتام، ليس لها أي تأثير على السيطرة على الوزن أو على نسبة الدم في
الجسم بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من مرض السكري من النوع 2”.
الحلوى أيضا تعتبر من المنتجات الخطرة على صحة الأطفال بالخصوص، فهل لاحظتم أن كثيرا ما يقال أنه لا ينبغي إعطاء الكثير من الحلوى للأطفال، لأنه علاوة على مخاطرها على أسنانهم، فهي تجعلهم متحمّسين بإفراط؟
البعض يقول إن ذلك يعود لأثر السكريات، مغفلين حقيقة أنه علاوة على ذلك، “تضم الحلوى كوكتيل من الإضافات الغذائية، الملوّنة منها بالأساس (E 102, E 104, E 124 …)، والتي من شأنها أن تخلق اضطرابا ونقصا في الانتباه مع نشاط مفرط”، وفق الأخصائية الغذائية.
** كل مستهلك قادر على صنع التغيير
يمكن لكل شخص يبحث عن نظام غذائي صحي أن “يشارك في تغيير الأمور نحو اتجاهها الصحيح”، تتابع آن لور دينانان، وذلك من خلال “التوجّه نحو المنتجات الخالية من المركبات الكيميائية والطبيعية بنسبة 100 %”.
وعموما، يتّفق المختصون في التغذية على خطوات يرون أنها ضرورية للتوقي من التأثيرات السلبية والخطيرة لهذه المواد، أبرزها:
1 ـ ابتياع الأغذية الخالية أو التي تضم أقل نسبة ممكنة من هذه الإضافات، ولفعل ذلك، على المستهلك أن يهتم بقراءة قائمة المحتويات على بطاقة البيانات الملصقة على المادة الغذائية.
2 ـ كل شخص يدرك، بالتجربة، أنواع الأغذية التي لا تتلاءم مع صحته، ولذلك، ينصح الخبراء بتجنب الأغذية ذات الإضافات الغذائية التي يرى أنها لا تتماشى معه.
3 ـ تجنب تناول كميات كبيرة من بعض الأغذية الخفيفة ذات الألوان الكثيرة، وهذا الأمر يهم الأطفال على وجه الخصوص، والحرص على استبدالها بأطعمة يتم إعدادها في المنزل، أو بالفواكه والخضر.
4- غالبا ما يكون لدى الأشخاص دراية ولو مقتضبة عن موضوع حرص الدولة التي يقيمون فيها على مراقبة الصناعات الغذائية، وخصوصا الموجهة للأطفال، مثل السكاكر والمشروبات الملونة والعصائر الصناعية وغيرها، ما يفرض ضرورة التأكد من خلوها من المواد الحافظة والملونات الممنوعة دوليا، ومن النسبة المسموح إضافتها لتلك المنتجات وبالحد الأدنى.
5- التأكد من أن السلطات تحظر إستيراد المواد الحافظة والملونة المحظورة دوليا.