تركيا أول مساهم بصندوق اليونيسكو لغزة أيبت تعلن

تركيا أول مساهم بصندوق اليونيسكو لغزة   أيبت تعلن
تركيا أول مساهم بصندوق اليونيسكو لغزة أيبت تعلن

تركيا أول مساهم بصندوق اليونيسكو لغزة أيبت تعلن

أعلنت السفيرة التركية لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) غُلنور أيبت أن تركيا كانت أول دولة تُقدّم مساهمة مالية لصندوق اليونيسكو الخاص بغزة، مؤكدة أن أنقرة تعزّز دورها الإنساني والدبلوماسي دعماً للسكان المدنيين المتضرّرين نتيجة الصراع الدائر في القطاع، ودعوة للمجتمع الدولي لتكثيف جهوده المماثلة لمساعدة المدنيين وإعادة بناء البنية التحتية التعليمية والثقافية. جاءت تصريحات أيبت خلال اجتماع تناول صندوق المساعدات المخصص لغزة، ونشرتها رسميًا عبر حساباتها على منصات التواصل ونقلت عنها وسائل إعلام تركية، ما وضع تركيا في موقع مبادر ضمن المبادرات الدولية الداعمة لغزة. الإعلان التركي جاء في إطار سلسلة تحرّكات دبلوماسية محمومة على خلفية تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع، حيث تزايد الحديث عن الحاجة لإجراءات عاجلة لدعم المدارس والمراكز الثقافية والبنية التحتية المتضررة، إذ ترى أنقرة أن دعم المؤسسات الدولية مثل اليونيسكو ضرورة ملحّة لضمان استمرار التعليم وحفظ التراث وحماية المدنيين.

صندوق  الدعم

سفيرة تركيا في اليونيسكو لم تكتفِ بإعلان المساهمة فحسب، بل استغلت المنصة لتؤكّد موقف بلادها من الأزمة، مشيرة إلى تزايد أصوات دولية تصف ممارسات الاحتلال الأخيرة في غزة بأنها تقترب أو ترقى إلى مستوى «الإبادة الجماعية» وفق تعبيرها، وذكّرت بتقارير مفوّضيات أممية ولجان تحقيق دولية تؤكد الانتهاكات الواسعة وتأثيرها الكارثي على المدنيين. أيبت ربطت هذا الإطار القانوني والإنساني بضرورة أن يكون الرد الدولي شاملاً لا يقتصر على المساعدات الطارئة وحسب، بل يشمل جهودًا لإرساء حل سياسي دائم عبر دعم خيار حل الدولتين باعتباره «الخيار الوحيد القابل للاستمرار» لحل النزاع وتحقيق الاستقرار الدائم في المنطقة. هذا المزيج من الدعم الإنساني والضغط السياسي يعكس المنهج الذي تتبنّاه تركيا في تعاطيها مع الملف الفلسطيني منذ سنوات. 

خلفية هذا الإعلان تُشير إلى تحرّك دبلوماسي أوسع؛ فقد جهّدت اليونيسكو منذ اندلاع التوترات فرقًا لتقييم الضرر الذي لحق بالمؤسسات التعليمية والمواقع الثقافية في غزة، وأعلنت عن خطط لإنشاء صندوق خاص لتوجيه المساعدات لإصلاح المدارس، وتأمين بيئات تعليمية بديلة، وتقديم دعم نفسي واجتماعي للأطفال، إلى جانب حماية المواقع التراثية التي تعرّضت لأضرار جسيمة. أولية مساهمة دولةٍ كبرى أو إقليميّة في هذا الصندوق ترسل رسالة مزدوجة: الأولوية للجانب الإنساني والتعليمي، والثانية دعوة عملية لبقية الدول لتتبّع المثال والمساهمة في جهود إغاثة وإعادة إعمار مستدامة. في هذا الإطار، يرى خبراء أن التحرك التركي من خلال اليونيسكو يهدف إلى ملء فراغ دعم دولي مُتوقَّع في مشروعات إعادة الإعمار والتعافي، خصوصًا في القطاعات التي تتطلب خبرات تقنية وإدارية للتعامل مع شبكات التعليم والثقافة. 

اعاده اعمار مدرسه

ردود الفعل الدولية والإقليمية على مساهمة تركيا ونداء أيبت كانت سريعة، ففي الأوساط الدبلوماسية رحّبت جهات عدة بمبادرة تمويلية تُعطي زخماً لصندوق اليونيسكو وتدفع الدول الأخرى إلى الإسهام، بينما رأت جهات حقوقية ومدنية أن التركيز على التعليم والثقافة عنصر مهم جدًا في الحفاظ على نسيج المجتمع ومنع تآكل الأجيال المقبلة من فقدان حقوقها الأساسية في التعلم والهوية الثقافية. وفي الساحات العربية والإسلامية ارتُحيب واسع، إذ اعتُبر الإعلان مؤشّراً على تضامن ملموس من بلد مسلم له ثقل دبلوماسي وإقليمي يمكن أن يساعد في تسليط الضوء على احتياجات غزة عبر منصات متعددة. في المقابل، تشير مصادر دبلوماسية إلى حساسية الخطاب السياسي المصاحب لأي مبادرة دعم، لأن استخدام عبارات قانونية مثل «إبادة جماعية» أو إدانات شديدة قد تعقّد المسارات الدبلوماسية، لذلك فالتوازن بين الدعم الإنساني والضغط السياسي يتطلب حنكة دبلوماسية. 

الأبعاد المحلية للخطوة التركية لا تقل أهمية؛ فقد دفعت أنقرة عبر هذا الإعلان أجهزتها الحكومية المختصة لتنسيق عمليات تقديم المساعدة مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بما في ذلك مؤسسات التعليم العالي والجمعيات المدنية المختصة بالتعاون الثقافي والإغاثي. كما قد يفتح تمويل اليونيسكو الباب أمام مشاريع مشتركة بين جامعات تركية ونظيراتها في العالم العربي لتقديم برامج تدريبية ودعم مناهج مؤقتة تعوّض الانقطاع التعليمي في غزة، بالإضافة إلى بعثات طبية أو دعم نفسي. كل هذا يعكس توجهًا عمليًا لأنقرة لا يكتفي بالتصريحات السياسية، بل يسارع إلى ترجمة التعاطف إلى خطط تنفيذية على الأرض.

من الناحية السياسية، تأتي مساهمة تركيا في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيدًا وتفتقًّا للمواقف الدولية حول مسؤوليات المجتمع الدولي تجاه المدنيين في الصراعات. الموقف التركي الراسخ الداعم لحل الدولتين ورفضه لأي حل أحادي الجانب، وكذلك موقفه من محاولات التطبيع أو الانحياز المفرط من بعض الدول، يجعل من دوره في محافل مثل اليونيسكو محورًا للتأثير في كيفية صياغة برامج إعادة الإعمار والبرامج الإنسانية بحيث تُلبّي احتياجات السكان المحليين وتراعي البعد الثقافي والتعليمي. هذه المساهمة قد تمنح أنقرة قدرة أكبر على التأثير في أولويات صندوق اليونيسكو وضمان توجيه الأموال لمشاريع تُعطي أولوية للمدارس والمكتبات وحماية التراث. 

على مستوى التأثير الإعلامي والشعبي، مثّلت تصريحات أيبت مادة لغالبية الوسائل الإعلامية في تركيا وخارجها، ما أعاد طرح النقاش حول دور الدول الإقليمية في تقديم الدعم متعدد الأبعاد للفلسطينيين. في الداخل التركي، توقّفت الصحافة عند بُعدين: الأول إنساني وعملي يتعلق بضرورة حماية الحقوق الأساسية للأطفال والتعليم، والثاني سياسي يتعلق بموقف أنقرة الإقليمي والدولي. أما لدى الجمهور العام، فقد لقي الإعلان تفاعلات واسعة على منصات التواصل، حيث استُقبلت مساهمة أنقرة بترحيب من قطاعات واسعة، أمّا الأصوات المنتقدة فركّزت على ضرورة توجيه الدعم أيضًا إلى برامج صحية وإغاثية عاجلة وليس فقط لقطاعات بعينها.

خلاصة القول أن مساهمة تركيا كأول دولة في صندوق اليونيسكو لغزة — كما أعلنت السفيرة أيبت — تمثّل خطوة رمزية وعملية في آن معًا: رمزية لأنها تظهر التزامًا إقليمياً ودولياً بدعم غزة، وعملية لأنها تفتح مسارات تعاون تنفيذية لانطلاق مشاريع تهدف إلى إعادة تأهيل قطاع التعليم والثقافة المتضرر. وفي غياب حل سياسي فوري وشامل، تبقى هذه المبادرات الدولية والمحلية جزءًا من شبكة إنسانية تحاول تخفيف معاناة المدنيين، لكن نجاحها الحقيقي يتوقف على قدرتها على الاستدامة والتنسيق مع جهات دولية وجهات محلية في غزة لضمان أن تصل الموارد إلى من هم في حاجة حقيقية إليها.

اجتماع رمزي

مشاركة على: