تركيا تزوّد مطار دمشق برادارات ASELSAN

تركيا تزوّد مطار دمشق برادارات ASELSAN
تركيا تزوّد مطار دمشق برادارات ASELSAN

تركيا تزوّد مطار دمشق برادارات ASELSAN

في خطوة جديدة تعكس التوجّه التركي نحو تعزيز التعاون الفني الإقليمي في مجال الطيران المدني والملاحة الجوية، أعلنت وزارة النقل والبنية التحتية في أنقرة عن وصول شحنة من أجهزة وأنظمة رادار متقدمة إلى مطار دمشق الدولي، وذلك بتاريخ 17 سبتمبر، بهدف تطوير قدرات المطار السوري في مجال السلامة الجوية وتحسين خدماته للمسافرين والطائرات. هذه المبادرة التي تنفذها شركة ASELSAN التركية، الرائدة في الصناعات الإلكترونية والدفاعية، تأتي ضمن مشروع واسع يهدف إلى تحديث أنظمة المراقبة الجوية في المطار السوري وتجهيزه بأحدث التقنيات المتبعة في المطارات العالمية، وتُعَدّ هذه الخطوة إحدى أكثر المبادرات تأثيرًا في قطاع الطيران المدني في المنطقة منذ سنوات.

الوزير التركي عبدالقادر أورالوغلو أوضح في تصريحاته الرسمية أن الشحنة التي وصلت إلى دمشق تتضمن مجموعة متكاملة من أنظمة الملاحة الجوية والأجهزة المساعدة للهبوط والإقلاع، وتشمل نظام الهبوط الآلي ILS الذي يتيح للطائرات الهبوط بدقة عالية حتى في ظروف الرؤية المنخفضة، بالإضافة إلى جهاز DVOR/DME الذي يوفر بيانات الاتجاه والمسافة اللازمة للطائرة أثناء تحليقها واقترابها من المطار، وهو ما يرفع مستوى الأمان والاعتمادية في حركة الملاحة الجوية. كذلك تتضمن الشحنة أنظمة رادار أولي وثانوي PSR/SSR، إضافة إلى نظام التحكم بالاقتراب APP، وهي أنظمة ستعمل معًا على توفير مراقبة دقيقة لحركة الطائرات ضمن المجال الجوي القريب من المطار وإمداد برج المراقبة ببيانات محدثة لحظيًا حول موقع كل طائرة وارتفاعها وسرعتها واتجاهها، مما يقلل من احتمالات وقوع الحوادث ويساعد على تنظيم الحركة الجوية بكفاءة.

الخطوة لا تقتصر على مجرد تركيب أجهزة جديدة بل تشمل بناء أبراج ومنشآت مخصصة لاستيعاب هذه الأنظمة، وهو ما تقوم به فرق فنية تركية بالتعاون مع كوادر محلية في دمشق. وتشير تصريحات الوزارة التركية إلى أن العمل جارٍ على إنشاء البنية التحتية اللازمة لهذه الأنظمة، وأنه بمجرد اكتمال أعمال البناء سيتم تشغيل الأجهزة فعليًا في أقرب وقت ممكن. كما أن فرق ASELSAN تتولى أيضًا مسؤولية التدريب ونقل المعرفة إلى العاملين في المطار السوري لضمان الاستخدام الأمثل للتقنيات الجديدة والحفاظ على جاهزيتها على المدى الطويل.

أنقرة تعزز سلامة مطار دمشق بأنظمة متقدمة

التعاون بين أنقرة ودمشق في هذا المجال يُنظر إليه على أنه تطور لافت، خاصة أن سوريا شهدت خلال السنوات الماضية تراجعًا كبيرًا في قدرات بنيتها التحتية في قطاع النقل الجوي بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية. ويقول خبراء الطيران المدني إن إدخال مثل هذه الأنظمة الحديثة يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في مستوى الخدمة والأمان الذي يقدمه مطار دمشق، حيث سيصبح قادرًا على استقبال المزيد من الرحلات الجوية الدولية والمحلية بكفاءة أعلى، كما ستتحسن قدرته على التعامل مع الطقس المتقلب أو الكثافة المرورية في أوقات الذروة.

وتُعَدّ شركة ASELSAN واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في تركيا، وتتمتع بخبرة طويلة في تصنيع الأنظمة الإلكترونية والدفاعية والملاحة الجوية. وجودها في هذا المشروع يعكس رغبة تركيا في تصدير خبرتها التقنية إلى دول الجوار والمشاركة في مشاريع مدنية لها أثر مباشر على حياة المواطنين. ويشير مراقبون إلى أن هذا التعاون يمكن أن يكون له أبعاد استراتيجية أيضًا، إذ أنه يعزز حضور تركيا في سوق الطيران المدني في الشرق الأوسط ويوطد علاقاتها مع المؤسسات المدنية السورية، وهو ما قد يفتح المجال لمشاريع أخرى في المستقبل في مجالات النقل والاتصالات والطاقة.

وبالنسبة للجانب الفني، يوضح مختصون أن نظام ILS الذي يجري تركيبه في مطار دمشق هو من أحدث الأجيال، حيث يساعد الطيارين على الهبوط الآمن في الظروف الجوية الصعبة من خلال إشارات دقيقة تقود الطائرة إلى المدرج، فيما يوفر نظام DVOR/DME بيانات ملاحة دقيقة في المجال الجوي القريب من المطار. أما أنظمة الرادار PSR/SSR فتسمح بتتبّع الطائرات بشكل آلي وتوفير بيانات مستمرة حول موقعها حتى خارج نطاق الرؤية البصرية، مما يعزز من قدرات المطار في إدارة الحركة الجوية ويجعلها متوافقة مع المعايير الدولية.

ويؤكد مسؤولون أتراك أن هذه الخطوة تأتي ضمن إطار رؤية أوسع لتحديث وتطوير شبكة الطيران المدني في المنطقة، حيث تعمل تركيا على توسيع شراكاتها مع دول عدة في مجالات التدريب التقني، وبناء القدرات، وتوريد الأجهزة والمعدات المتقدمة، بحيث يصبح قطاع الطيران المدني الإقليمي أكثر تكاملًا واعتمادًا على التكنولوجيا الحديثة. ومن شأن هذا التوجه أن يفتح آفاقًا جديدة للشركات التركية في الأسواق الخارجية ويزيد من قدرتها التنافسية على المستوى الدولي.

من جانبهم، يرى خبراء النقل الجوي في دمشق أن دخول هذه الأنظمة الخدمة سيحسّن تجربة المسافرين ويزيد من جاذبية المطار لشركات الطيران العالمية، لأنه يضمن انضباط المواعيد ويقلل من تأجيل الرحلات بسبب الظروف الجوية أو الضغط على الممرات الجوية. كذلك فإن هذه الأنظمة ستتيح فرصًا أفضل لتدريب الطيارين والمراقبين الجويين على تقنيات حديثة تتماشى مع المعايير الدولية، ما يرفع من مستوى الكفاءة البشرية إلى جانب الكفاءة التقنية.

الخطوة أيضًا تحمل رسالة سياسية ضمنية بأن التكنولوجيا يمكن أن تكون جسرًا للتعاون حتى في الأوقات الصعبة، وأن المشاريع المدنية المشتركة تسهم في بناء الثقة وتعزيز الاستقرار الإقليمي. ومن المتوقع أن تتابع أنقرة تنفيذ هذه المشاريع وفق جدول زمني محدد بحيث يتم الانتهاء من أعمال التركيب والتدريب في أقرب وقت ممكن.

في النهاية، يُمكن القول إن تزويد مطار دمشق بأنظمة الرادار والملاحة الجوية المتقدمة من إنتاج ASELSAN التركية يمثل حدثًا مهمًا في مسار تحديث قطاع الطيران المدني في سوريا، ويعكس توجهًا جديدًا للتعاون الفني الإقليمي يضع سلامة المسافرين وكفاءة النقل الجوي في مقدمة الأولويات. ومع دخول هذه الأنظمة الخدمة قريبًا، ستشهد حركة الطيران في مطار دمشق تحسينات ملموسة على صعيد الأمان والانسيابية، ما يعود بالنفع على شركات الطيران والمسافرين ويعزز من مكانة المطار كمحطة إقليمية مهمة في شبكة النقل الجوي.

مشاركة على: