
طريق الحرير القطبي: روتا شمالية تُعيد رسم معالم التجارة العالمية
طرح الصحفي بارِش سَزاك في مقالٍ نشره Dünya فكرة أن مسار “طريق الحرير القطبي” ("Kutup İpek Yolu") قد يصبح الممر الجيوسياسي التجاري الجديد بين الشرق والغرب، إذ يُتيح شحن البضائع عبر شمال القطب الشمالي في فترات الصيف، مما يقلّل مسافات النقل بشكل ملحوظ مقارنة بالممرات التقليدية مثل قناة السويس أو طريق رأس الرجاء الصالح.
من الأمثلة التي ذُكرت أن سفينة حاويات باسم “Flying Fish 1” استطاعت أن تنهي رحلة من بحر البلطيق إلى شانغهاي في ثلاثة أسابيع، متجنبةً عبور قناة السويس، وتوفّرت تغطية لمسافة نحو 8 آلاف ميل، أي ما يقارب التوفير الزمني لمسارات النقل التقليدية بحوالي أسبوعين.
تركيا تلعب دورًا محوريًا في هذا السياق عبر مشاركتها الرسمية في مبادرات مثل “الممر الأوسط” (Orta Koridor) التي تربط الصين بدول آسيا الوسطى والقوقاز وصولًا إلى أوروبا عَبْرَ الأراضي التركية، وتحسين البُنى التحتية مثل السكك الحديدية، اللوجستيات، والموانئ لتكون جزءًا من هذه الشبكات التجارية الجديدة.
رغم الإمكانات الكبيرة، هناك تحديات جدية مثل الظروف المناخية الشديدة – الانقطاع لفترات طويلة خلال فصل الشتاء، ووجود الجليد – وأيضًا الحاجة إلى تقنيات متطورة مثل السفن القادرة على كسر الجليد (buz kırıcı gemiler) ومحطات ترانزيت وخدمات لوجستية قوية في المناطق القطبية.
مشروع “Kutup İpek Yolu” يُعتبر امتدادًا لمبادرة طريق الحرير البحري (Maritime Silk Road) التي تشكل جزءًا من مُبادرات البنية التحتية والتجارة الكبيرة التي تقودها الصين، مع سعيها لتخفيض تكلفة النقل والزمن بين أسواقها وشواطئ أوروبا.
“الممر الأوسط” الذي تستثمر فيه تركيا يُعد مكمّلًا لهذا التوجه؛ حيث يسعى لأن يكون بوابة فعّالة بين آسيا وأوروبا، مع قِصر زمن النقل وتحسين الربط البحري-البري.
توسّع استخدام الممرات الشمالية مرتبط بتغير المناخ وأثره على ذوبان الجليد في القطب الشمالي، ما يفتح المجال لسفن الشحن التي تستطيع التنقل في هذه المناطق بفترات يصبح فيها الجليد أقل كثافة.