
كسوف جزئي للشمس 21 سبتمبر
شهد العالم يوم الأحد، الموافق 21 سبتمبر 2025، ظاهرة فلكية نادرة تتمثل في كسوف جزئي للشمس، وهو الحدث الثاني والأخير من نوعه خلال هذا العام، بعد كسوف كلي شهدته بعض مناطق آسيا سابقًا. ويُتوقع أن يكون الكسوف مرئيًا في مناطق محدودة من نصف الكرة الجنوبي، بما في ذلك نيوزيلندا، وأجزاء من أستراليا، والقارة القطبية الجنوبية، وبعض جزر المحيط الهادئ. ويطلق على هذا الكسوف أحيانًا اسم "كسوف الاعتدال" نظرًا لتزامنه مع اقتراب الاعتدال الخريفي، الذي يحدث في 23 سبتمبر، ويعطي هذا الحدث أهمية إضافية من الناحية العلمية والفلكية.
ويبدأ الكسوف الجزئي في الساعة 17:29 بتوقيت UTC، ويصل إلى ذروته في الساعة 19:41، على أن ينتهي في الساعة 21:53 من نفس اليوم. في نيوزيلندا، يُتوقع أن يغطي القمر حوالي 72% من قرص الشمس، بينما في أجزاء أخرى من أستراليا قد تصل نسبة التغطية إلى نحو 66%، مما سيظهر شكل الهلال أو القوس في السماء بشكل واضح للمشاهدين. ويُعتبر هذا الحدث فرصة نادرة لهواة الفلك والباحثين لمتابعة حركة القمر والشمس بشكل دقيق، وملاحظة الظواهر المصاحبة للكسوف الجزئي على البيئة المحيطة.
ويُشير العلماء الفلكيون إلى أن الكسوف الجزئي يحدث عندما يمر القمر بين الأرض والشمس، ولكنه لا يغطي الشمس بالكامل، على عكس الكسوف الكلي الذي يحجب الشمس تمامًا. ويترتب على هذا التكوين الفريد ظواهر متنوعة تشمل انخفاضًا مؤقتًا في درجات الحرارة، وتغيرات في سلوك الحيوانات، كما يمكن ملاحظة الظلال الغريبة والأنماط الضوئية التي تتشكل على سطح الأرض خلال فترة الكسوف.
المناطق المرئية للكسوف الجزئي:
نيوزيلندا: تُعد من أفضل المناطق لمتابعة الكسوف، خاصة جنوب البلاد، مثل كرايستشيرش ودينيدن وأوكلاند، حيث يظهر الكسوف عند شروق الشمس يوم 22 سبتمبر بتوقيت نيوزيلندا المحلي. ومن المتوقع أن تصل نسبة تغطية الشمس بالقمر إلى 72%، ما يجعل الظاهرة واضحة بشكل كبير.
أستراليا (الجزء الجنوبي والشرقي): يمكن مشاهدة الكسوف في المدن الكبرى مثل سيدني وميلبورن، حيث سيكون مرئيًا عند شروق الشمس ويظهر جزء من قرص الشمس مغطى بالقمر.
القارة القطبية الجنوبية: مناطق مثل قاعدة ماكموردو ستشهد الكسوف الجزئي بشكل كامل، وهو ما يتيح للعلماء والباحثين فرصة دراسة تأثير الكسوف على المناخ المحلي والظواهر الطبيعية في القطب الجنوبي.
جزر المحيط الهادئ: جزر كوك، تونغا، فيجي، ونيوي ستشهد الكسوف الجزئي بشكل جزئي، وقد يكون الحدث أقل وضوحًا بسبب الاختلاف في التوقيت والموقع الجغرافي.
ويشير خبراء الفلك إلى أهمية استخدام النظارات الخاصة بالكسوف عند مشاهدة الحدث، حيث يمكن أن يؤدي النظر مباشرة إلى الشمس دون حماية إلى أضرار دائمة في شبكية العين. كما يُنصح المشاهدون باتباع التعليمات العلمية والبقاء ضمن المناطق المخصصة لمراقبة الكسوف لضمان السلامة.
هذا الحدث الفلكي ليس مجرد ظاهرة مشاهدة فحسب، بل يمثل فرصة ذهبية للبحث العلمي. فالكسوف الجزئي يسمح بدراسة تأثير ضوء الشمس على الغلاف الجوي، وقياس التغيرات الحرارية المفاجئة، وملاحظة سلوك الحيوانات خلال ساعات الانخفاض المؤقت للإضاءة الطبيعية. كما يُستخدم الكسوف لمراقبة الصفائح الشمسية، ومتابعة التفاعلات بين الشمس والمجال المغناطيسي للأرض، وكذلك دراسة التأثيرات الفلكية الدقيقة على الأقمار الصناعية والنظم الإلكترونية.
ويعكف علماء الفلك على تحضير معدات متطورة لدراسة هذا الكسوف، بما في ذلك تلسكوبات متقدمة، وكاميرات عالية الدقة، وأجهزة قياس الحرارة والضوء، لتسجيل جميع الظواهر المصاحبة بدقة علمية. كما ستنشر هذه الدراسات في مجلات فلكية متخصصة لتعزيز فهم الظواهر الشمسية والأرضية المرتبطة بالكسوف الجزئي.

تفاعل جمهور واسع مع الحدث، حيث أعرب هواة الفلك عن حماسهم لمتابعة الكسوف الجزئي، ونظموا رحلات إلى المناطق التي يمكن فيها مشاهدة الظاهرة بوضوح. كما أبدت المدارس والمراكز العلمية اهتمامًا كبيرًا، حيث سيقوم المعلمون بشرح الظاهرة للطلاب، وتنظيم ورش عمل تعليمية لتعريف الجيل الجديد بأهمية متابعة الأحداث الفلكية وتأثيرها على الطبيعة والحياة اليومية.
وتشير التقديرات إلى أن هذا الحدث قد يسهم في تعزيز السياحة الفلكية في المناطق التي يشملها الكسوف، إذ يُتوقع قدوم زوار محليين ودوليين لمشاهدة الظاهرة، مما يتيح فرصة اقتصادية لمناطق مثل نيوزيلندا وأجزاء من أستراليا. بالإضافة إلى ذلك، ستعزز وسائل الإعلام المحلية والدولية الوعي العام بأهمية الكسوف الجزئي، وتشجع الجمهور على متابعة العلوم الفلكية.
الكسوف الجزئي يوم 21 سبتمبر 2025 هو الثاني والأخير للشمس في هذا العام. أما الحدث التالي المتوقع فهو كسوف حلقي في 17 فبراير 2026، وسيكون مرئيًا فقط في أجزاء محدودة من القارة القطبية الجنوبية. ويُظهر هذا الجدول الطبيعي كيف تتحرك الأرض والقمر حول الشمس بشكل دقيق، ويؤكد على التناسق الفلكي بين الأجرام السماوية.
يعتبر الكسوف الجزئي ظاهرة طبيعية رائعة، تتيح للعلماء والفلكيين مراقبة التغيرات في ضوء الشمس، وتحليل تأثيراتها على البيئة، بما في ذلك النباتات والحيوانات، والتغيرات المناخية المحلية المؤقتة. وقد استخدم البشر عبر التاريخ الكسوف الجزئي للتقويم ودراسة حركة الشمس والقمر، ولإجراء تجارب علمية دقيقة حول الطبيعة والضوء والظل.
يشكل كسوف الشمس الجزئي في 21 سبتمبر 2025 حدثًا علميًا وفلكيًا مميزًا، يُتيح للمهتمين فرصة متابعة ظاهرة طبيعية نادرة. وعلى الرغم من أن معظم سكان العالم لن يتمكنوا من مشاهدته، إلا أن البث المباشر والتغطية الإعلامية ستمكن الجميع من متابعة هذا الحدث الفريد. وتظل نصائح السلامة ومعدات المشاهدة الخاصة بالكسوف أساسية لضمان تجربة آمنة وممتعة لجميع المشاهدين.