افتتاح مدرسة في اللاذقية بدعم تركي

افتتاح مدرسة في اللاذقية بدعم تركي
افتتاح مدرسة في اللاذقية بدعم تركي

افتتاح مدرسة في اللاذقية بدعم تركي

في خطوة تعكس التعاون المستمر بين تركيا وسوريا في المجال الإنساني والتعليمي، تم افتتاح مدرسة قرية "غمام" في منطقة بايربوجاق بمحافظة اللاذقية السورية بعد الانتهاء من أعمال الترميم وإعادة التأهيل بتمويل تركي كامل. ويأتي هذا المشروع ضمن سلسلة من المبادرات التعليمية التي تهدف إلى إعادة إحياء العملية التعليمية في المناطق الريفية السورية التي تضررت بشدة نتيجة سنوات من النزاع المسلح والأحداث الأمنية التي شهدتها البلاد.

الحفل الرسمي لافتتاح المدرسة أقيم في 18 سبتمبر 2025، بحضور وفد رسمي تركي وسوري، من بينهم منسق وزارة التعليم التركية في منطقة حلب مصطفى أونور، ومسؤول إدارة الكوارث والطوارئ التركية في اللاذقية محمد عاكف غولاش، إضافة إلى ممثل جمعية "العلم والإنفاق" التركية حمزة شعار، ومدير منطقة الريف الشمالي بمحافظة اللاذقية مصطفى جولحة. وقد ألقى المسؤولون كلمات تؤكد على أهمية المشروع في دعم التعليم، وإعادة إعمار المنشآت التعليمية المتضررة، وضمان عودة الأطفال إلى مقاعد الدراسة في بيئة آمنة ومستقرة.

تجدر الإشارة إلى أن مدرسة "غمام" تعرضت لدمار كبير نتيجة القصف الذي شهدته المنطقة في الأعوام السابقة، مما أدى إلى توقف العملية التعليمية لفترة طويلة. ومع عودة حوالي 100 أسرة إلى القرية، نصفهم من النازحين المحليين والنصف الآخر من اللاجئين العائدين من تركيا، أصبح من الضروري إعادة تأهيل المدرسة لتلبية احتياجات الأطفال التعليمية وضمان استمرارية الدراسة في بيئة صحية وآمنة.

وأوضح حمزة شعار، ممثل جمعية "العلم والإنفاق"، أن المدرسة ستستقبل نحو 60 طالبًا بعد اكتمال أعمال الترميم، مع توفير كافة المستلزمات التعليمية الأساسية مثل المقاعد والطاولات والسبورات والكتب المدرسية. وأضاف أن هذا المشروع يعكس التزام المجتمع الدولي وخاصة تركيا، بدعم إعادة تأهيل المنشآت التعليمية في المناطق الريفية السورية المتضررة، ويعزز جهود الحكومة السورية المحلية في تطوير البنية التحتية التعليمية في اللاذقية.

من جانبه، عبّر المواطن التركماني بشار حمدو حسن، أحد سكان القرية، عن سعادته الكبيرة بعودة الحياة إلى قريته بعد سنوات من النزوح القسري، مشيرًا إلى أن دعم الشعب التركي كان له أثر كبير في إعادة إعمار المدارس والمرافق الحيوية في القرية. وأكد حسن أنهم سيعملون جاهدين على إعادة بناء قريتهم، وضمان استقرار العملية التعليمية للأطفال، بما يضمن مستقبلًا أفضل للجيل القادم.

يأتي افتتاح مدرسة "غمام" في وقت حساس، حيث تستعد محافظة اللاذقية لاستقبال العام الدراسي الجديد في 21 سبتمبر 2025، وسط تحديات كبيرة تواجه قطاع التعليم في المناطق الريفية. وتُظهر التقارير أن العديد من المدارس في الريف السوري كانت قد تحولت إلى مراكز إيواء مؤقتة للنازحين، ما أدى إلى تعطّل الدراسة أو تأجيلها في بعض المناطق. ويُعد مشروع ترميم مدرسة "غمام" نموذجًا يحتذى به لإعادة تأهيل المنشآت التعليمية وضمان استمرارية الدراسة في ظل ظروف صعبة.

افتتاح مدرسه بسوريا

ويشير المسؤولون إلى أن إعادة فتح المدارس بعد ترميمها يسهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المناطق الريفية، حيث تتيح للطلاب فرصة التعليم في بيئة مناسبة، وتقلل من ظاهرة التسرب المدرسي الناتجة عن الظروف الصعبة. كما أن افتتاح المدارس يعزز الثقة بين المجتمع المحلي والداعمين الدوليين، ويحفز على المزيد من المشاريع التنموية في المنطقة.

المشروع شمل صيانة شاملة للمبنى المدرسي، بما في ذلك إصلاح الأسقف والجدران والنوافذ، وتجديد فصول الدراسة، وتأمين الأدوات التعليمية والمكتبية. كما تم تجهيز ساحة المدرسة بمرافق للعب والأنشطة الرياضية، بهدف توفير بيئة تعليمية متكاملة للأطفال. وقد لاقت هذه الجهود إشادة واسعة من الأهالي والمجتمع المحلي، الذين أعربوا عن رضاهم الكبير على سرعة الإنجاز وجودة الترميم.

ويشير خبراء التعليم إلى أن مثل هذه المبادرات لا تعزز فقط العملية التعليمية، بل تلعب دورًا مهمًا في إعادة بناء المجتمعات المحلية، وتحفيز الأطفال على متابعة دراستهم رغم الظروف السابقة. ويعتبر الاستثمار في التعليم أحد أهم عوامل الاستقرار والتنمية في أي مجتمع، وخصوصًا في المناطق التي تعرضت للكوارث أو النزاعات.

هذا المشروع جزء من سلسلة مشاريع تعليمية وتنموية تدعمها تركيا في مختلف المحافظات السورية، بالتعاون مع الجهات المحلية والجمعيات الخيرية، بهدف إعادة تأهيل المدارس والمراكز التعليمية التي تعرضت للدمار. وتشمل هذه المشاريع أيضًا توفير تدريب للمعلمين، وتأمين المستلزمات الدراسية، وتطوير برامج تعليمية حديثة تتماشى مع احتياجات الطلاب.

ومن المتوقع أن يسهم افتتاح مدرسة "غمام" في تشجيع الأهالي على إعادة أطفالهم إلى المدارس، والالتزام بالدراسة في وقت مبكر من العام الدراسي الجديد، مما يعزز فرص التعليم المستمر ويحد من ظاهرة التسرب المدرسي. كما أن المشروع يعكس التعاون الإنساني والدبلوماسي بين تركيا وسوريا، ويسلط الضوء على دور الدعم الدولي في إعادة إعمار المناطق المتضررة.

بالإضافة إلى ذلك، تعمل المدارس المرممة كمراكز لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال، حيث توفر لهم بيئة آمنة ومستقرة بعد سنوات من النزوح والتشريد، وتساعدهم على تجاوز آثار النزاع السابقة، وتعزز شعورهم بالأمان والانتماء للمجتمع المحلي.

وفي حديثه خلال مراسم الافتتاح، أكد مصطفى جولحة، مدير منطقة الريف الشمالي بمحافظة اللاذقية، أن إعادة فتح المدرسة يشكل خطوة مهمة نحو إعادة تأهيل البنية التعليمية، وتحقيق الاستقرار في المنطقة، مؤكدًا أن الدعم التركي جاء في وقت حاسم لضمان جاهزية المدرسة قبل بدء العام الدراسي الجديد.

ويتابع فريق من المهندسين والفنيين الأتراك والسوريين عملية صيانة المنشآت التعليمية لضمان سلامة الطلاب والمعلمين، وقد تم تجهيز المدرسة بوسائل أمان متقدمة، بما في ذلك مخارج طوارئ وأجهزة إطفاء الحريق، وتطبيق معايير الجودة في البناء، لضمان بيئة تعليمية آمنة ومستدامة.

يذكر أن افتتاح المدرسة لا يقتصر على الجانب التعليمي فقط، بل له أثر اقتصادي واجتماعي أيضًا، حيث وفر المشروع فرص عمل مؤقتة للعديد من الحرفيين والعمال المحليين أثناء عملية الترميم، ما ساهم في تعزيز النشاط الاقتصادي في القرية، وتحسين مستوى المعيشة للأسر المتضررة.

ويأتي هذا المشروع في إطار جهود أوسع لإعادة إعمار المناطق الريفية السورية المتضررة من النزاعات، ويمثل نموذجًا للتعاون الدولي والإنساني، الذي يهدف إلى توفير التعليم والمرافق الأساسية للأطفال في مناطق كانت محرومة من الخدمات الأساسية.

كما أعرب العديد من الأهالي عن أملهم في استمرار الدعم الدولي، وإعادة تأهيل المزيد من المدارس والمرافق التعليمية في المناطق المحرومة، لضمان مستقبل أفضل لأطفالهم، وتعزيز قدرة المجتمع على مواجهة التحديات التنموية.

وفي الختام، يُعد افتتاح مدرسة "غمام" في اللاذقية مثالًا حيًا على أثر التعاون الدولي في إعادة بناء المجتمع المحلي، ودعم التعليم كأحد الركائز الأساسية لاستقرار المنطقة، كما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق مستقبل أفضل للأطفال السوريين في المناطق الريفية، الذين لطالما انتظروا العودة إلى مقاعد الدراسة في بيئة آمنة ومستقرة.

مشاركة على: