
زيادة رسوم فحص السيارات في تركيا 2025
شهدت تركيا خلال الأيام الماضية جدلاً واسعًا بعد تداول أنباء على بعض المنصات الإعلامية تفيد بوجود قرار جديد يقضي بزيادة رسوم الفحص الدوري للمركبات بشكل مفاجئ، وهو ما أثار قلقًا لدى ملايين السائقين وأصحاب السيارات الذين ينتظرون مواعيد الفحص السنوي الإجباري الذي تقوم به مؤسسة TÜVTÜRK. وقد نقلت بعض المواقع الإخبارية أن هذه الزيادة جاءت بقرار رسمي جديد، بينما أوضحت مصادر أخرى أن ما يجري الحديث عنه ليس أكثر من التطبيق السنوي المعتاد لما يعرف بـ"نسبة إعادة التقييم" والتي يتم الإعلان عنها من قبل وزارة المالية كل عام وتُطبق على مختلف الرسوم والضرائب الحكومية، بما في ذلك رسوم فحص المركبات.
وبحسب البيانات المؤكدة التي نُشرت عبر مواقع متخصصة مثل Hesapkurdu وAllianz وHamle Gazetesi، فإن الزيادة في رسوم الفحص الدوري للمركبات خلال عام 2025 بلغت 43.93٪ مقارنة بالعام الماضي. هذه النسبة تعكس معدل التضخم وإعادة التقييم المالي الذي يتم سنويًا وفق النظام الاقتصادي التركي. وبناءً على ذلك فإن رسوم فحص السيارات الخفيفة مثل سيارات الركاب الصغيرة، الميني باص، والكاميونيت ارتفعت إلى حوالي 2.620,80 ليرة تركية. هذا الرقم أثار انتباه الكثير من المواطنين نظرًا لارتفاعه مقارنة بمعدلات الأعوام السابقة، لكنه يبقى في إطار الآلية القانونية المعتادة التي تطبق بشكل دوري.
الجدير بالذكر أن مؤسسة TÜVTÜRK هي الجهة المخولة بإجراء الفحص الفني الإلزامي للمركبات في تركيا، وهي مؤسسة تعمل وفق ترخيص حكومي وتحت إشراف وزارة النقل والبنية التحتية. ويعد الفحص الفني شرطًا أساسيًا لاستمرار صلاحية استخدام المركبات على الطرقات، حيث يتم فيه التأكد من السلامة الفنية للسيارة، بما في ذلك أنظمة الفرامل، الإضاءة، الانبعاثات، وأجهزة الأمان الأخرى. وبدون اجتياز هذا الفحص لا يمكن تجديد رخصة السيارة، كما أن قيادة سيارة لم تخضع للفحص في موعده المحدد تعرض السائق لغرامات مالية كبيرة.
ورغم أن تطبيق الزيادة الجديدة في الرسوم يأتي ضمن القوانين المالية المعتادة، إلا أن تزامنها مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن التركي نتيجة تراجع قيمة الليرة وارتفاع أسعار السلع والخدمات جعل الكثيرين يعتبرونها عبئًا إضافيًا على دخل الأسرة. وظهرت تعليقات عديدة على وسائل التواصل الاجتماعي من مواطنين عبّروا عن استيائهم من هذا الارتفاع، مشيرين إلى أن تكلفة استخدام السيارة في تركيا أصبحت مرتفعة بشكل لا يُطاق، بين أسعار الوقود، التأمين الإلزامي، ورسوم الفحص الدوري.
من جانب آخر، شددت مصادر حكومية على أن هذه الزيادة ليست قرارًا استثنائيًا وإنما جزء من المنظومة الاقتصادية التي يتم تطبيقها كل عام، حيث تحدد وزارة المالية "نسبة إعادة التقييم" بما يتماشى مع معدل التضخم السنوي، ويتم بموجبها رفع جميع الرسوم الرسمية بشكل متناسق. وبالتالي فإن رسوم الفحص الدوري لم تكن استثناء، وإنما خضعت لهذا النظام الذي يطبق أيضًا على ضرائب المركبات، رسوم استخراج الوثائق الرسمية، ورسوم العبور على بعض الطرق والجسور.
التأثير الأوسع لهذه الزيادة يتجاوز مجرد مالكي السيارات الخاصة، إذ يطال أيضًا شركات النقل الجماعي، أصحاب سيارات الأجرة، والشركات اللوجستية التي تعتمد على أساطيل من المركبات. فزيادة رسوم الفحص لكل مركبة تعني ارتفاع التكاليف الإجمالية التي تتحملها هذه القطاعات، وهو ما قد ينعكس بشكل غير مباشر على أسعار خدمات النقل والبضائع. ومن هنا يمكن القول إن الرسوم التي قد تبدو تفصيلية بالنسبة للبعض، لها أثر اقتصادي واسع يمتد إلى مختلف مناحي الحياة اليومية في تركيا.
وبالمقارنة مع الأعوام السابقة، فقد شهدت رسوم الفحص ارتفاعات مستمرة خلال العقد الأخير. ففي عام 2015 مثلًا لم تتجاوز رسوم فحص السيارات الخفيفة 200 ليرة تركية، بينما اليوم وصلت إلى أكثر من 2600 ليرة. هذا الفارق الكبير يعكس بوضوح تأثير التضخم وتراجع قيمة العملة المحلية على الرسوم الرسمية. ومع ذلك فإن تركيا ليست استثناء في هذا المجال، إذ تعتمد معظم الدول على نظام الفحص الفني الإلزامي مع رسوم متفاوتة، وغالبًا ما ترتبط هذه الرسوم أيضًا بمعدلات التضخم وأسعار الصيانة.
وفيما يتعلق بالتحقق من صحة الأخبار، فقد تبين أن ما نشرته بعض المنصات مثل Turkeytodey لا يستند إلى بيانات رسمية جديدة، وإنما جاء في سياق تغطية عامة للتغييرات التي يشهدها قطاع النقل في تركيا. بينما الأخبار الدقيقة حول الرسوم جاءت من مصادر متخصصة مثل Hesapkurdu وEleman.net وAllianz والتي نشرت تفاصيل الأسعار لعام 2025 استنادًا إلى ما أعلنته الجهات المختصة. وبالتالي يمكن القول إن الحديث عن "قرار جديد" ليس صحيحًا بالمعنى المباشر، بل هو تطبيق تلقائي لنظام إعادة التقييم المالي الذي يدخل حيّز التنفيذ بداية كل عام.
تاريخيًا، كان الهدف من فرض الفحص الدوري للمركبات في تركيا هو تقليل نسب الحوادث الناتجة عن الأعطال الفنية وضمان التزام السيارات بمعايير السلامة البيئية. ومن خلال الفحص يتم الكشف عن أية مشكلات ميكانيكية أو تقنية قد تهدد سلامة الركاب أو مستخدمي الطريق الآخرين. لذلك ورغم الاعتراضات المتكررة على الرسوم، فإن غالبية الخبراء يشددون على أهمية هذه الآلية باعتبارها جزءًا أساسيًا من منظومة السلامة المرورية.
وتبقى التحديات الاقتصادية هي العامل الأبرز الذي يجعل هذه الرسوم محط جدل دائم. ففي ظل معدلات التضخم المرتفعة وتراجع القوة الشرائية، ينظر المواطن إلى أي زيادة في الرسوم على أنها عبء إضافي. وهو ما يفتح الباب أمام نقاشات مستمرة حول إمكانية تدخل الحكومة لتقديم دعم أو تخفيضات على بعض الفئات مثل سائقي الأجرة أو مالكي السيارات القديمة. حتى الآن لم يتم الإعلان عن أي خطوة من هذا النوع، لكن الجدل الشعبي حول هذا الموضوع قد يدفع الجهات المختصة لمراجعة السياسات في المستقبل.
وفي المحصلة، فإن زيادة رسوم الفحص الدوري للمركبات في تركيا لعام 2025 ليست قرارًا جديدًا أو استثنائيًا كما تم تداوله في بعض المنصات، بل هي نتيجة مباشرة لتطبيق نسبة إعادة التقييم السنوية التي تحددها الحكومة. ومع ذلك فإن وقع هذه الزيادة على المواطن كبير نظرًا للظروف الاقتصادية الحالية، مما يجعلها حديث الساعة في الأوساط الشعبية والإعلامية على حد سواء.