ارتفاع غير متوقع في مبيعات المساكن في تركيا

ارتفاع غير متوقع في مبيعات المساكن في تركيا
ارتفاع غير متوقع في مبيعات المساكن في تركيا

ارتفاع غير متوقع في مبيعات المساكن في تركيا

في مفاجأة لخبراء الاقتصاد والمحللين العقاريين، حقق سوق الإسكان في تركيا في أغسطس 2025 قفزة كبيرة، حيث سجّل أعلى مستوى للمبيعات الشهرية منذ بداية العام، ما يعكس استمرار الطلب القوي على العقارات رغم البيئة الاقتصادية الصعبة. ووفق بيانات معهد الإحصاء التركي، تم بيع 143,319 وحدة سكنية خلال الشهر، بزيادة سنوية بلغت 6.8٪ مقارنة بشهر أغسطس 2024.

وتشير الأرقام إلى أن المبيعات لم تقتصر على فئة معينة من العقارات، بل شملت المنازل الجديدة والمستعملة على حد سواء. فقد ارتفعت مبيعات المساكن الجديدة بنسبة 4.8٪ لتصل إلى 43,916 وحدة، فيما ارتفعت مبيعات المنازل المستعملة بنسبة أكبر بلغت 7.8٪ لتسجل 99,403 وحدة. ويظهر ذلك أن الطلب لا يزال مرتفعًا على كلا النوعين، رغم الضغوط التضخمية وارتفاع تكاليف البناء وأسعار الأراضي.

أحد المؤشرات اللافتة في هذه الإحصاءات هو الارتفاع الكبير في مبيعات المساكن الممولة بالرهن العقاري، والتي قفزت بنسبة 45.2٪ مقارنة بالعام الماضي، لتصل إلى 19,712 وحدة وتشكل ما يقارب 13.8٪ من إجمالي المبيعات الشهرية. هذا الرقم يُعدّ مهمًا نظرًا لارتفاع أسعار الفائدة مؤخرًا، ما يشير إلى أن قطاع التمويل العقاري بدأ يستعيد نشاطه تدريجيًا بفضل التخفيضات الأخيرة في أسعار الفائدة المرجعية من قبل البنك المركزي التركي.

المدن الكبرى لا تزال تقود السوق بقوة؛ فقد تصدرت إسطنبول القائمة بمبيعات تجاوزت 21,814 وحدة، تلتها أنقرة بـ 12,419 وحدة، ثم إزمير بـ 7,695 وحدة. وتُظهر هذه الأرقام أن أكبر ثلاث مدن في البلاد تستحوذ على نسبة معتبرة من النشاط العقاري، الأمر الذي يعكس تركز الطلب على المساكن في المناطق الحضرية التي تتميز بفرص العمل والبنية التحتية المتطورة.

ويرى محللون أن استمرار هذا النشاط رغم الظروف الاقتصادية المعقدة يبعث برسائل متعددة. فمن جهة، يؤكد أن قطاع العقارات في تركيا يتمتع بمرونة قوية وقدرة على امتصاص الصدمات، ومن جهة أخرى يوضح أن المشترين – سواء المستثمرين المحليين أو الأجانب – لا يزالون يعتبرون العقار أحد أكثر الملاذات الاستثمارية أمانًا في ظل تقلبات العملة والتضخم.

الخبراء يتوقعون أن تستمر المبيعات عند مستويات مرتفعة نسبيًا في الأشهر المقبلة، خصوصًا إذا واصل البنك المركزي تخفيف السياسة النقدية وخفض أسعار الفائدة تدريجيًا، ما سيزيد من جاذبية التمويل العقاري. ومع ذلك، يحذر بعض الاقتصاديين من أن استمرار ارتفاع الأسعار قد يحدّ من القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المواطنين، مما قد يؤدي إلى تباطؤ نسبي في السوق على المدى المتوسط.

هذا الأداء القوي للسوق العقارية التركية يجذب اهتمام وسائل الإعلام الدولية والمستثمرين الخارجيين، خصوصًا أن تركيا تعتبر واحدة من أبرز الوجهات العقارية في المنطقة بفضل برامج منح الجنسية مقابل الاستثمار، وتنوع المعروض العقاري، وتزايد الطلب من المشترين الأجانب على مدن مثل إسطنبول وأنطاليا ومرسين.

باختصار، أرقام أغسطس 2025 تؤكد أن قطاع الإسكان التركي ما يزال "حارًا" رغم كل التحديات، وأنه قادر على تحقيق أرقام قياسية جديدة بفضل مزيج من الطلب الداخلي القوي والدعم غير المباشر من السياسات النقدية.

مشاركة على: