
ألواح شمسية طافية تتابع الشمس على سطح الماء.. مشروع جديد يزيد الكفاءة بنسبة 20٪
في تطور تقني واعد ضمن مساعي تعزيز الطاقة المتجددة، طوّرت شركة Noria Energy نظامًا للألواح الشمسية الطافية على سطح الماء يتابع حركة الشمس أفقياً، ما يزيد من كفاءة توليد الكهرباء بنسبة تتراوح بين 10-20٪ مقارنة بالأنظمة العائمة التقليدية. وقد بدأ المشروع فعليًا في ولاية كولورادو الأمريكية، حيث تم تركيب محطة صغيرة بقدرة 50 كيلوواط على خزان مائي، لتزوّد تلك المحطة بحمامٍ عملي يُظهر جدوى الفكرة على أرض الواقع.
النظام الجديد يعتمد على آلية بسيطة لكنها ذكية: بدل جمع الألواح الثابتة أو التي تتبع الشمس رأسيًا فقط، هذا النظام يستخدم بدالات دوارة ومراوح تعمل تحت الماء أو آليات تعويم خاصة تُحرّك الألواح أفقياً لمتابعة الشمس من شرقها إلى غربها. بهذه الحركة يمكن التقاط ضوء الشمس لمدة أطول خلال اليوم. والنظام يُدمج مع ما يُعرف بأنظمة توليد الطاقة الطافية الموجودة، مما يعني أنه ليس تصميمًا مستقلًا بالكامل، بل تطويرًا وتحسينًا يُضاف عليها.
المكان الذي تم فيه التطبيق الأولي هو خزان مائي يُدار لإمداد مضخات تعمل على تنظيم مستوى المياه. المحطة الجديدة المزودة بهذه التقنية ستُستخدم لتشغيل المضخات ضمن هذه البنية التحتية، مما يوفر الطاقة الكهربائية ويُقلل من الاعتماد على الشبكة أو الوقود الأحفوري. من المتوقع أن تبدأ التشغيل الكامل في سبتمبر 2025.
اختيار المياه كقاعدة لتركيب الألواح له فوائد مزدوجة: أولًا، لوحة عائمة فوق الماء تقلّل من ارتفاع حرارة الألواح الناتجة عن البيئة الحارة، لأن الماء يساهم في تبريدها؛ ثانيًا، تركيب الألواح فوق الماء بدلاً من أراضٍ قد يكون مفيدًا في المناطق التي تعاني من نقص أرض فارغة أو ارتفاع تكلفة الأرض. وأيضًا يُقلّل من تبخّر المياه في الخزانات، ما يُعد ميزة إضافية في مناطق تعاني من ندرة المياه.
خبراء الطاقة المتجددة يقولون إن هذه التقنية قد تُغيّر المعادلة في مشاريع الطاقة الشمسية الطافية، خصوصًا في البلدان التي تمتلك بحيرات أو خزانات مائية كبيرة، حيث يمكن استغلال المساحة المائية بدلها تُترك غير مستخدمة، وتحقيق إنتاج كهربائي إضافي بنفس رأس المال تقريبًا. لكنهم يحذّرون من بعض التحديات: تكلفة التركيب أعلى عند استخدام آليات الحركة، تكاليف الصيانة أكبر بسبب تعرض الآليات للماء والرطوبة، والحاجة لضمان مقاومة ضد الرياح والموجات إن وُجدت، وكذلك التأكّد من تأثر البيئة المحليّة (النباتات المائية، الحياة المائية تحت الألواح، تأثير الظلّ على الماء).
من الناحية الاقتصادية، المشروع لا يزال في مرحلة تجريبية حدها 50 كيلوواط، لكن إذا توسّع التطبيق إلى مقياس ميغاواط في خزانات كبيرة أو بحيرات، يمكن أن يُحقّق وفورات في التكلفة لكل وحدة كهرباء مقارنة مع الأنظمة الثابتة، خصوصًا عند تقليل الخسائر المرتبطة بالحرارة والظل. كذلك توفير الأراضي يكون مفيدًا، فالأراضي المناسبة تكون غالبًا مكلفة أو بعيدة عن شبكات التوزيع، بينما الخزانات المائية غالبًا ما تكون قريبة من بنى تحتية مائية والكهرباء لأغراض الضخّ أو التشغيل.
التحدي الأكبر قد يكون في التوسع التقني: ضمان أن الألواح تتحمّل الظروف الجوية المختلفة (الثلوج، الرياح العاتية، الأمواج)، وأن المحركات الدوارة أو المراوح لا تُتلف بسرعة من البيئات المائية، وكذلك تكاليف الصيانة التي قد تُهمِلها المشاريع غير المحترفة. وأيضًا التأكّد من التأثيرات البيئية: ظلال الألواح على سطح الماء قد تؤثر على نمو النباتات المائية أو نوعية الماء، أو تأثير التبخر ودرجة الحرارة في الماء أسفل الألواح.
ختامًا، فكرة الألواح الشمسية الطافية التي تتبع الشمس تمثل قفزة مهمة في الطاقة المتجددة، ليس فقط من زاوية زيادة الكفاءة بل من زاوية الاستخدام الأمثل للمساحة والمياه والطبيعة. إذا نجحت في المشاريع الموسّعة، يمكن أن تساهم في خفض تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية وتحفيز استخدامها في مناطق كثيرة، خصوصًا في البلاد التي لديها خزانات مائية كبيرة أو بحيرات صناعية. تركيا مثلًا، التي لديها الكثير من المناطق المائية والمزودة بشبكات كهرباء ممتدة، يمكن أن تستفيد من هذه التقنية إذا طبّقتها بحكمة ومعايير فنية قوية.