التجارة السورية–التركية تواصل نموها في 2025

التجارة السورية–التركية تواصل نموها في 2025
التجارة السورية–التركية تواصل نموها في 2025

التجارة السورية–التركية تواصل نموها في 2025

من يراقب حركة الشاحنات على المعابر الحدودية بين تركيا وسوريا هذه الأيام، يلحظ بوضوح أن شيئًا ما تغيّر. أصوات المحركات، صفوف المركبات المحمّلة بالسلع، وأوراق التخليص الجمركي التي تتراكم على مكاتب المعابر، كلها إشارات إلى نشاط تجاري متزايد يعكس عودة الحرارة إلى شرايين التجارة بين البلدين بعد سنوات من الجمود.

تركيا ةوسوريا

بداية الانتعاش

تشير تقارير اقتصادية حديثة إلى أن قيمة التبادل التجاري بين أنقرة ودمشق بلغت خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2025 حوالي 1.9 مليار دولار. هذا الرقم يقترب بشكل ملحوظ من إجمالي التبادل لعام 2024 بأكمله، والذي بلغ 2.6 مليار دولار فقط. وبالمقارنة مع السنوات التي أعقبت اندلاع الأزمة السورية عام 2011، يُعد هذا الرقم مؤشراً على مرحلة جديدة تتشكل في العلاقات الاقتصادية.

ما الذي يُتداول عبر الحدود؟

تركيا، بوصفها قوة صناعية وإنتاجية كبيرة، تصدّر إلى سوريا مواد غذائية، أقمشة، حديدًا، ومواد بناء تدخل في مشاريع إعادة الإعمار. في المقابل، تصل إلى الأسواق التركية منتجات زراعية سورية، مثل القطن والفواكه والخضروات، التي لطالما كانت جزءًا من التبادل التاريخي بين البلدين. هذه الحركة تعكس حاجة دمشق الماسة إلى المواد الأولية، ورغبة أنقرة في الحصول على منتجات زراعية بأسعار تنافسية.

البنية التحتية تفتح الأبواب

التقارير تتحدث عن تشغيل خط أنابيب الغاز “كيلس–حلب”، ما يعكس عمق التعاون في مجال الطاقة، إضافة إلى تطوير المعابر الحدودية مثل باب السلامة وباب الهوى. هذه الخطوات اللوجستية عززت الثقة بين الجانبين وسهّلت حركة البضائع، لتصبح التجارة أكثر انتظامًا مما كانت عليه في السنوات الماضية.

بين الاقتصاد والسياسة

لا يمكن فصل هذا النمو عن السياق السياسي. فبينما تتبادل أنقرة ودمشق الرسائل عبر القنوات الأمنية والاستخباراتية، يبقى الاقتصاد المساحة المشتركة الأكثر واقعية للتعاون. تركيا تسعى إلى فتح أسواق جديدة في ظل تقلبات الأسواق الأوروبية، بينما تجد سوريا في التجارة مع تركيا متنفسًا يساعدها على تجاوز جزء من أزمتها الاقتصادية الخانقة.

لكن هذا المسار ليس سهلاً بالكامل. العقوبات الدولية ما زالت تفرض قيودًا على بعض الشركات، فيما يشكّل الوضع الأمني في الطرق التجارية تحدياً يومياً يرفع تكاليف النقل والتأمين. كذلك تظل تقلبات الليرة السورية عامل إرباك للتجار في مسألة التسعير والوفاء بالعقود.

أثر مباشر على الجالية السورية والعربية في تركيا

الجالية العربية، وبالأخص السورية، تجد نفسها في قلب هذا الحراك. فالكثير من رجال الأعمال السوريين في إسطنبول وغازي عنتاب يلعبون دور الوسيط بين الموردين الأتراك والمستوردين السوريين. العمالة السورية بدورها تستفيد من فرص جديدة، خاصة في مشاريع إعادة الإعمار. أما العائلات العربية الأخرى، فقد تلمس انعكاسات غير مباشرة عبر فرص العمل وأسعار السلع المتداولة في السوق.

ماذا بعد؟

إذا استمر النمو بنفس الوتيرة حتى نهاية العام، فمن المتوقع أن يتجاوز حجم التبادل التجاري بين تركيا وسوريا حاجز 3.5 مليار دولار، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من عقد. هذا التطور قد لا يعني بالضرورة تحسناً في العلاقات السياسية، لكنه يشير إلى أن لغة المصالح الاقتصادية تفرض نفسها حتى في أحلك الظروف.

مشاركة على: