أرقام مقلقة... الطلاق يتضاعف في كردستان والعائلات تدفع الثمن

أرقام مقلقة... الطلاق يتضاعف في كردستان والعائلات تدفع الثمن
أرقام مقلقة... الطلاق يتضاعف في كردستان والعائلات تدفع الثمن

أرقام مقلقة... الطلاق يتضاعف في كردستان والعائلات تدفع الثمن

تشهد مدن إقليم كردستان العراق تصاعدًا ملحوظًا في معدلات الطلاق خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي يثير قلقًا واسعًا لدى المجتمع والجهات المختصة على حد سواء. ووفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن مجلس القضاء في الإقليم، فقد تم تسجيل 52 ألفًا و97 حالة طلاق بين عامي 2020 و2023، وهي أرقام تعكس أزمة اجتماعية متنامية تهدد الاستقرار الأسري.

بحسب الإحصاءات، جاءت محافظة السليمانية في صدارة القائمة بأعلى نسبة طلاق، تلتها محافظات دهوك وأربيل وحلبجة على التوالي. ويكشف هذا التوزيع أن الظاهرة لا تقتصر على منطقة معينة بل تشمل مختلف مدن الإقليم، وإن كان بنسب متفاوتة.

المتحدث باسم مجلس القضاء في كردستان، أحمد صلاح، أوضح في تصريحات صحفية أن ما يقرب من 25% من الزيجات تنتهي بالطلاق خلال فترة قصيرة، وهو معدل مقلق مقارنة بالمعدلات السابقة. وأكد أن هذه الأرقام باتت تدق ناقوس الخطر، مشيرًا إلى ضرورة تفعيل برامج توعية وإيجاد حلول عاجلة تحد من استمرار هذا الاتجاه التصاعدي.

ويرى خبراء اجتماعيون أن أسباب الطلاق في الإقليم متعددة، من أبرزها الأزمات الاقتصادية التي أثرت على استقرار الأسر، إلى جانب الخلافات العائلية، وزواج القاصرات، والتدخلات العائلية المفرطة، إضافة إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وما تسببه من خلافات بين الأزواج. كما يشير بعض المتخصصين إلى أن ضعف الوعي القانوني والشرعي لدى الشباب المقبلين على الزواج يزيد من تعقيد المشكلات، ويجعل الطلاق الخيار الأسرع بدلًا من البحث عن حلول.

من جهة أخرى، تكشف الأرقام أن المحاكم الكردية تستقبل يوميًا عشرات الدعاوى المتعلقة بالطلاق والنفقة وحضانة الأطفال، الأمر الذي يشكل ضغطًا على الجهاز القضائي، ويبرز حجم الأزمة المتصاعدة. ويؤكد قضاة مختصون أن أغلب حالات الطلاق تتم في السنوات الأولى من الزواج، وهو ما يعكس هشاشة البنية الأسرية وضعف الاستعداد النفسي والاجتماعي للزواج.

في المقابل، حذرت منظمات المجتمع المدني من أن ارتفاع معدلات الطلاق سينعكس بشكل مباشر على الأطفال، حيث يتعرض الكثير منهم لاضطرابات نفسية واجتماعية نتيجة فقدان البيئة الأسرية المستقرة. كما دعت هذه المنظمات الحكومة إلى توسيع برامج الدعم النفسي والاجتماعي للأسر، إلى جانب تقديم استشارات مجانية قبل الزواج وبعده.

الحكومة من جانبها، لم تقف مكتوفة الأيدي، إذ أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في كردستان أنها بصدد إطلاق حملة توعية موسعة تهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للطلاق، مع التركيز على التثقيف الأسري وتقديم ورش تدريبية للشباب المقبلين على الزواج. كما يجري العمل على تطوير قوانين جديدة لتقييد زواج القاصرات وتشديد الرقابة على عقود الزواج غير الرسمية.

وبحسب المراقبين، فإن استمرار هذه المعدلات سيؤدي إلى تداعيات اجتماعية خطيرة في المستقبل القريب، من أبرزها تزايد نسبة الأطفال المشردين أو المتأثرين نفسيًا، إضافة إلى تفكك النسيج الاجتماعي وتراجع معدلات الثقة داخل المجتمع.

وفي الوقت الذي تواصل فيه المحاكم تسجيل المزيد من قضايا الطلاق يوميًا، يبقى السؤال المطروح: هل ينجح الإقليم في كبح هذه الظاهرة عبر سياسات جديدة وبرامج توعية، أم أن الأرقام مرشحة للارتفاع في السنوات القادمة؟

مشاركة على: