
مشاكل صحية تغرق العائلات الألمانية في الديون
تشكّل التكاليف الصحية عبئًا متزايدًا على الأسر في ألمانيا، حتى أنها باتت تدفع بعض العائلات إلى الوقوع في دوامة الديون. طبقًا لتقرير نشرته نسخة التركية من Euronews بتاريخ 2 أكتوبر 2025، فإن أمراضًا مثل السرطان، أمراض القلب، أو علاجات مزمنة طويلة الأجل، تُكبد العائلات نفقات ضخمة خارج نطاق التأمين أو ما لا تغطيه السياسات الصحية، الأمر الذي يدفعهم إلى الاقتراض أو بيع الأصول لتغطية الفواتير الطبية.
في ألمانيا، غالبًا ما تغطي التأمينات الصحية معظم التكاليف الأساسية، لكن ما يُسمّى بـ التكاليف التكميلية (Zusatzkosten) مثل الأدوية الخاصة غير المدرجة، تكاليف التنقّل، بعض الإجراءات الاختيارية، العلاج في العيادات الخاصة، وغيرها، تبقى على عاتق المريض. حين تتفاقم الحالة، تجد العائلات نفسها أمام خيارات صعبة: تأجيل العلاج، تحمل القروض أو الالتفاف نحو البنوك. التقرير أشار إلى أن بعض العائلات في ولايات مثل شمال الراين-فيستفالن أو بافاريا اضطرت لبيع منازل صغيرة أو السحب من مدخرات التقاعد لتسديد حسابات طبية فلكية.
من بين الحالات الموثّقة في التقرير، حالة زوج وزوجة في منتصف العمر، حيث أصيبت الزوجة بمرض مزمن واضطر الزوج إلى سداد فواتير علاج تتجاوز 20 ألف يورو خلال عامين، ما دفعهما للاقتراض من البنوك الخاصة بفوائد عالية، وصولاً إلى تضخّم المديونية إلى نحو 35 ألف. هذه الحالات ليست منعزلة، بل تم رصد نمط مشابه في عدة مناطق ألمانية، وفقًا لمقابلات أجراها الصحفيون مع منظمات حقوق المرضى.
المحللون يرون أن هذا الوضع يُشير إلى ثغرات كبيرة في النظام الصحي الألماني: حتى في البلدان التي يُنظر إليها كمثال في التأمين الاجتماعي الشامل، توجد فجوات تُستغل من قبل شركات التأمين الخاصة أو الأطباء في نظام العلاج الاختياري. بعض الضّغوط تأتي أيضًا من ارتفاع تكاليف الأدوية الجديدة أو التكنولوجيا الطبية الحديثة مثل العلاجات الجينية أو الأجهزة المساعدة، التي لا تُدرَج دائماً ضمن سياسات التأمين.

كما أن بعض العائلات تجد نفسها في موقف لا تستطيع فيه الوفاء بالتزامات السكن والفواتير الأساسية بسبب الأعباء الصحية، مما يزيد من المخاطر الاجتماعية ويضغط على منظمات دعم الدين ومؤسسات الرفاه. منظمات غير حكومية ألمانية أبلغت عن ارتفاع في طلب مساعدة الاستشارة المالية وتمويل الديون بين المرضى خلال السنوات الأخيرة.
في ضوء ذلك، يُطرح تساؤل حول ما إذا كان على الدولة أو مؤسّسات التأمين الصحية تعديل السياسات لتوسيع التغطية إلى مزيد من العلاجات والتقنيات، أو خلق آليات تمويل صحي منخفض الفائدة للأسر التي تتعثر بسبب المرض.
ختامًا، التقرير يؤكد أن الصحة ليست فقط عبئًا جسديًا أو نفسيًا، بل يمكن أن تتحول إلى عبء مالي مدمر للعوائل، حتى في دول متقدمة، مما يعطي الأهمية للحفاظ على أنظمة تضامنية حقيقية وقوية.