ثورة في عالم السيارات: بطارية تقطع 965 ألف كم في السيارات الكهربائية

ثورة في عالم السيارات: بطارية تقطع 965 ألف كم في السيارات الكهربائية
ثورة في عالم السيارات: بطارية تقطع 965 ألف كم في السيارات الكهربائية

ثورة في عالم السيارات: بطارية تقطع 965 ألف كم في السيارات الكهربائية

في ظل التسارع المتزايد في تبنّي السيارات الكهربائية عالميًا، تظل قضية عمر البطارية ومدة استخدامها من أبرز التحديات التي تواجه القطاع، وتشكّل عائقًا نفسيًا وتقنيًا أمام المستخدمين المحتملين. تأتي الآن شركة StoreDot بتقنية واعدة قد تغيّر قواعد اللعبة: بطارية جديدة تدّعي أنها قادرة على العمل حتى 965,000 كيلومتر، مع قدرة على الشحن السريع وأداء مستقر على مدى طويل.

خلفية وتحديات في بطاريات السيارات الكهربائية

منذ بدايات السيارات الكهربائية، كانت المشكلات الأساسية تتمثّل في انخفاض مدى السير لكل شحنة، وتآكل قدرات البطارية مع الزمن، بالإضافة إلى مخاوف ارتفاع تكلفة استبدال البطارية وصعوبة إعادة التدوير. هذه العوامل أدّت إلى تردد بعض المستخدمين في الاعتماد الكلي على النقل الكهربائي، بالرغم من المزايا البيئية والاقتصادية.

في السنوات الأخيرة، تقدّمت تقنيات البطاريات بشكل ملحوظ، فظهرت بطاريات تعمل بنسب تحمّل أعلى أو أنظمة إدارة حرارية متقدمة تُبطئ التدهور. لكنّ المسافة التي تقطعها البطارية على مدى عمرها غالبًا ما تُحدد في مئات الآلاف من الكيلومترات، وليس الملايين.

ما الجديد الذي تقدمه StoreDot؟

وفقًا للتقرير المنشور على موقع CHIP، فإن StoreDot كشفت عن بطارية تتميز بالقدرة على العمل حتى 965,000 كلم تقريبًا، وهي قيمة تفوق بكثير ما هو سائد حاليًا. 

لتحقيق هذا الأداء، تلجأ الشركة إلى تقنيات مبتكرة في هيكل البطارية، حيث استُبدِل في الأنود (القطب الموجب/السلبي حسب التصميم) استخدام الجرافيت التقليدي بمكوّن يعتمد على السليكون – أو مزيج من السليكون والكربون، مما يعزز من كثافة الطاقة وقدرة التخزين. 

من الخصائص الأخرى التي تروّجها الشركة:

قدرة على تحمل أكثر من 2000 دورة شحن كاملة دون فقدان كبير في الأداء

شحن سريع جدًا: يقولون إنه يمكن شحن البطارية خلال دقائق قليلة لتقطع مسافة تصل إلى مئات الكيلومترات.

تصميم خفيف وصغير الحجم مقارنة بالبطاريات التقليدية، مما يقلل من الوزن الكلي للسيارة ويحسّن الأداء الكلي. 

التوافق مع تقنيات الإنتاج الحالية، ما يسهّل اعتمادًا سريعًا في مصانع السيارات دون تغييرات ضخمة بالبنية التحتية. 

إذا تحقق هذا الأداء بالحقيقة وضمن الضمان المنتج، فإن البطارية قد تحلّ معظم القضايا التي تؤرّق مستخدمي السيارات الكهربائية حاليًا، مثل القلق من تدهور الأداء أو التكاليف العالية للصيانة والاستبدال.

آثار محتملة على سوق السيارات الكهربائية

ظهور بطارية بقدرة على العمل لما يقرب من مليون كلم يُعدّ نقلة نوعية، إذ قد يؤدي إلى:

الثقة الأكبر بين المستهلكين
كثير من مستخدمي السيارات يخشون أن تفقد بطاريتهم قيمة كبيرة بمرور السنوات. إن وُفّرت هذه الكمّية من الكيلومترات، فإن المخاوف تنخفض كثيرًا، ويصبح القرار بالتحول إلى السيارات الكهربائية أسهل.

خفض إجمالي تكلفة التملك (TCO)
البطارية تُعدّ أغلى مكوّن في السيارة الكهربائية. كلما طالت مدة استخدامها، قلّت الحاجة للاستبدال، مما يخفض التكلفة على المدى الطويل.

تعزيز الانتشار في الأسواق ذات البُنى التحتية الضعيفة
في الدول التي تفتقر إلى محطات شحن واسعة، قد يصبح الانتقال إلى السيارات الكهربائية أكثر قبولًا إذا كانت البطارية تدوم طويلاً ولا تحتاج استبدال متكرر.

ضغط على المنافسة والتسارع في الأبحاث والتطوير
المنافسون مثل تيسلا، نيسان، إل جي كيم وغيرها ستُجبر على تسريع ابتكاراتها في البطارية لتظل في مشهد المنافسة.

تأثير بيئي إيجابي
بطاريات تدوم لفترة أطول تعني تقليل كمية البطاريات المهملة أو المُعاد تدويرها، مما يقلل الأثر البيئي المرتبط بصناعة البطاريات والتخلص منها.

التحديات التي ما زالت مطروحة

رغم أن الإعلان عن تقنية بهذه القدرات يثير الحماس، إلا أن هناك بعض النقاط التي يجب الانتباه إليها:

تحقّق الأداء في الواقع
قد تكون الأرقام المشهورة في المختبرات أو الاختبارات الأولية، لكن الأداء في ظروف الاستخدام اليومي (الحرارة، الشحن المتكرر، الاستخدام القاسي) يُعد الاختبار الحقيقي.

سلامة البطارية على المدى الطويل
استخدام السليكون في الأنود يتيح كثافة عالية، لكنّه قد يصاحبه تحديات أكبر في التشوهات الهيكلية والتوسع الحراري، مما قد يسبّب تلفًا على المدى الطويل إذا لم تُعالج بدقة.

تكلفة الإنتاج والتوسع التجاري
ربما تكون تكلفة تصنيع هذه البطاريات أعلى نسبيًا في المراحل الأولى، مما قد يجعلها مكلفة للمستهلكين حتى مع الفوائد المحتملة.

التوافق مع المعايير الصناعية والسيارات القائمة
حتى لو كانت البطارية متوافقة تقنيًا، يتطلب الأمر تعاونًا كبيرًا مع مصنّعي السيارات لاعتمادها في موديلاتهم، وتحميل التكاليف على البنى الإنتاجية.

رؤية مستقبلية

إذا نجحت StoreDot في نقل هذا الابتكار من المختبر إلى خطوط الإنتاج الصناعية، فقد نكون أمام لحظة مفصلية في تاريخ السيارات الكهربائية. البطارية التي تقطع 965 ألف كلم تُعد وعدًا بأن تكون السيارات الكهربائية أكثر اعتمادية وأطول عمرًا من السيارات التقليدية المعتمدة على الوقود.

من المتوقع أن نرى في السنوات القليلة القادمة اختبارات ميدانية لهذه البطاريات، وتعاونات بين شركات تصنيع السيارات وبيت الأبحاث التي أنشأتها StoreDot. كما أن المتابعة الدقيقة لأداء هذه البطارية في مجالات الحرارة المرتفعة، والتغيرات المناخية، والطرق الوعرة هي ما سيحدد مدى نجاح هذا الابتكار في تحويل وعد إلى واقع ملموس.

في الختام، يبدو أن عصر البطارية التي تدوم عقدًا أو أكثر دون تراجع ملحوظ يقترب، وقد نشهد في المستقبل القريب سيارات كهربائية تُباع مع ضمان بطارية يغطي نصف مليون إلى مليون كيلومتر — ما سيغيّر النظرة إلى السيارات الكهربائية ويضعها في مكان الصدارة ضمن السباق نحو مستقبل أنظف وأكثر استدامة.

مشاركة على: