بعد 84 عامًا من الصمت ...مطار نوري دميراغ في سيفاس يعود إلى الحياة مجددًا
شهدت ولاية سيفاس التركية حدثًا استثنائيًا في تاريخها الحديث، حيث عاد مطار “نوري دميراغ” — أول مطار بُني بجهود محلية في تركيا — إلى العمل بعد 84 عامًا من التوقف.
المطار الذي يحمل اسم رائد الصناعة والطيران التركي نوري دميراغ، كان قد أُنشئ في ثلاثينيات القرن العشرين كمشروع وطني يهدف إلى تطوير البنية التحتية للطيران المحلي. إلا أن تشغيله توقّف بعد فترة قصيرة، ليبقى الموقع شاهدًا على بداية مبكرة لطموحات تركيا في مجال الطيران.
وفي احتفال حضره عدد من المسؤولين المحليين وممثلي وزارة النقل والبنية التحتية، هبطت أول طائرة في المطار بعد عقود طويلة من الإغلاق، في لحظة رمزية أثارت مشاعر الفخر بين سكان المنطقة والمهتمين بتاريخ الطيران التركي.
صرّح والي سيفاس في كلمته أن هذا المشروع يمثل “عودة للتاريخ وتقديرًا لجهود الأجيال السابقة”، مؤكدًا أن إعادة إحياء المطار جاءت ضمن رؤية تركيا لدعم مشاريع الطيران الإقليمي وربط المدن التاريخية بشبكة النقل الجوي الوطني.
أما ممثلو المديرية العامة للطيران المدني، فأوضحوا أن عملية إعادة التشغيل بدأت بمرحلة “الاختبارات الفنية والهبوط التجريبي”، تمهيدًا لتحويل المطار مستقبلًا إلى مركز للنشاطات التدريبية والرحلات الداخلية المحدودة.
وأضافوا أن المطار سيخضع لمجموعة من أعمال التطوير لتلبية المعايير الدولية في السلامة والتشغيل، على أن تُستكمل الإجراءات النهائية بعد الانتهاء من التقييم الفني.
ويُعد هذا الحدث تكريمًا لإرث نوري دميراغ، أحد أبرز رجال الأعمال والمبتكرين الأتراك في القرن الماضي، الذي أسس أول مصنع محلي لصناعة الطائرات في البلاد.
دميراغ لم يكن مجرد رجل أعمال، بل كان رمزًا للطموح الوطني المبكر، إذ أنشأ في الثلاثينيات مشروع “الطائرة الوطنية” وساهم في تطوير أول مدرج طيران بجهود تركية خالصة.
إعادة الحياة إلى المطار الذي يحمل اسمه تمثل خطوة رمزية تذكّر بتاريخ طويل من الكفاح في سبيل استقلال الصناعة الجوية التركية، وتُبرز التقدير المتجدد لجهود الرواد الأوائل الذين مهدوا الطريق أمام نهضة الطيران الحديثة التي تشهدها تركيا اليوم.
ومن المتوقع أن يتحول المطار في السنوات المقبلة إلى مركز جذب سياحي وثقافي، حيث يُخطط لإقامة متحف صغير يضم وثائق وصورًا ومجسمات تروي قصة أولى محاولات الطيران المحلي في البلاد.
وأكدت السلطات المحلية أن هذا المشروع لا يهدف فقط إلى إعادة تشغيل موقع تاريخي، بل إلى “إحياء ذاكرة وطنية”، تُجسد روح الابتكار والاعتماد على الذات التي ميّزت مرحلة التأسيس في تاريخ الجمهورية التركية.
وفي ختام الفعالية، تم رفع علم تركيا فوق برج المراقبة القديم، وسط تصفيق الحاضرين وهتافات الحماس التي عبّرت عن فخر كبير بإحياء إرث نوري دميراغ، الذي لطالما اعتُبر أحد رموز الريادة في تاريخ الصناعة التركية.