توت عنخ آمون فى مقره الأخير
شهد المتحف المصري الكبير في الجيزة حدثًا استثنائيًا جذب أنظار العالم، حيث تم عرض التابوت الذهبي للملك توت عنخ آمون لأول مرة أمام الجمهور، بعد إتمام عملية ترميم شاملة استغرقت عدة سنوات بإشراف خبراء مصريين متخصصين في حفظ وترميم الآثار القديمة.
الحدث الذي نقلته وسائل الإعلام المحلية والعالمية، يأتي ضمن استعدادات المتحف المصري الكبير لافتتاحه الكامل المرتقب، ويعد خطوة مهمة في إبراز الكنوز الأثرية الفريدة لمصر القديمة، وعلى رأسها مقتنيات الفرعون الشاب توت عنخ آمون، الذي ما زال اسمه يثير الدهشة والإعجاب منذ اكتشاف مقبرته الشهيرة في وادي الملوك عام 1922.
يُعد هذا التابوت الذهبي أحد أبرز القطع الأثرية في المجموعة الملكية، حيث صنع بالكامل من الذهب الخالص، ويُزين بزخارف دقيقة تمثل رموزًا دينية من المعتقدات المصرية القديمة، مثل الصقر والإلهة إيزيس. ويبلغ طول التابوت أكثر من مترين، ووزنه يقارب 110 كيلوغرامات من الذهب، وهو واحد من ثلاثة توابيت كانت داخل المقبرة الملكية.

بحسب التقارير المعلنة فإن عملية ترميم التابوت جرت داخل معامل المتحف على مدار ثلاث سنوات، باستخدام أحدث تقنيات الترميم في العالم، مع الحفاظ على كل التفاصيل الأصلية الدقيقة. وقد شملت العملية تنظيف السطح الذهبي من الأتربة والعوالق، وتثبيت الطبقات الزخرفية الهشة، وترميم الأجزاء المتآكلة بفعل الزمن والرطوبة.
وأوضح القائمون على المشروع أن عرض التابوت الذهبي يأتي ضمن خطة شاملة لإعادة تقديم آثار الملك توت عنخ آمون بأسلوب حديث ومتكامل داخل قاعات مخصصة له بالمتحف المصري الكبير، بحيث يتمكن الزوار من مشاهدة أكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية تم اكتشافها داخل مقبرته، تُعرض لأول مرة منذ قرن من الزمان في مكان واحد.
ويؤكد الخبراء أن هذا الحدث يمثل نقلة نوعية في طريقة عرض التراث المصري القديم، إذ يعتمد المتحف على التكنولوجيا الحديثة والوسائط التفاعلية لتقديم تجربة تعليمية وثقافية فريدة، تُبرز عظمة الفن المصري القديم ودقته المتناهية في صناعة الذهب والنقوش.
من جهتها، صرحت وزارة السياحة والآثار المصرية أن عرض التابوت الذهبي لتوت عنخ آمون يمثل رسالة إلى العالم بأن مصر لا تزال مركزًا للحضارة والتاريخ الإنساني، مشيرةً إلى أن المتحف المصري الكبير سيكون من أكبر المتاحف الأثرية في العالم، وواجهة رئيسية للسياحة الثقافية في البلاد.
وقد عبّر الزوار الذين حضروا العرض الأول عن انبهارهم بجمال التابوت الذهبي وتفاصيله الدقيقة، مؤكدين أن مشاهدته مباشرة تختلف تمامًا عن الصور والوثائق القديمة، إذ يعكس براعة المصريين القدماء في فنون الصياغة والنحت والتصميم.
بهذا العرض التاريخي، يفتح المتحف المصري الكبير صفحة جديدة من التاريخ الأثري، تجمع بين الأصالة والعلم الحديث، وتعيد إلى الأذهان روعة الحضارة المصرية التي لا تزال تبهر العالم حتى اليوم.