فقاعة مالية جديدة تعتبر التهديد الأكبر للإقتصاد العالمي

فقاعة مالية جديدة تعتبر التهديد الأكبر للإقتصاد العالمي
فقاعة مالية جديدة تعتبر التهديد الأكبر للإقتصاد العالمي

تقرير: فقاعة مالية جديدة تعتبر التهديد الأكبر للإقتصاد العالمي

هل يعيش الذكاء الاصطناعي فقاعة مالية جديدة؟ بين رهانات "مايكل بيري" ومخاوف وادي السيليكون

في الوقت الذي تواصل فيه شركات الذكاء الاصطناعي صعودها الصاروخي في الأسواق العالمية، يتزايد الجدل حول ما إذا كان هذا الازدهار يعكس ثورة تكنولوجية حقيقية أم مجرد فقاعة مالية جديدة تستعد للانفجار. من وول ستريت إلى وادي السيليكون، تتقاطع التحذيرات والرهانات في مشهد يعيد إلى الأذهان فقاعة الإنترنت مطلع الألفية.

مايكل بيري.. الرجل الذي رأى الفقاعة من قبل
عاد المستثمر الشهير مايكل بيري، الذي تنبأ بانهيار سوق العقارات الأميركي عام 2008، إلى الواجهة من جديد عبر رهانات ضخمة ضد أكثر أسهم الذكاء الاصطناعي سخونة.
فقد كشفت إفصاحات لجنة الأوراق المالية الأميركية أن صندوقه الاستثماري Scion Asset Management اشترى عقود بيع (Puts) على شركتي إنفيديا (Nvidia) وبالانتير (Palantir)، بقيمة تقارب 1.1 مليار دولار، في إشارة واضحة إلى اعتقاده بأن "طفرة الذكاء الاصطناعي" قد تكون فقاعة مضخّمة.

وبعد أيام قليلة من تغريدة بيري الغامضة على منصة X، التي قال فيها: "أحياناً تكون الحركة الرابحة الوحيدة هي عدم اللعب", شهدت الأسواق الأميركية تراجعاً ملحوظاً، إذ انخفض مؤشر ناسداك بنسبة 2.04% في أسوأ أداء منذ أغسطس، وتراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 1.17%.

أسهم "بالانتير" كانت الأكثر تضرراً بخسارة 7.95% في يوم واحد، بينما هبط سهم "إنفيديا" بنحو 4% رغم بقائه مرتفعاً 48% منذ بداية العام. ويرى محللون أن تصحيحات كهذه متوقعة بعد موجة صعود قوية، لكن دخول بيري على الخط زاد من قلق المستثمرين حول تضخم التقييمات.

في وادي السيليكون.. الخوف من تكرار فقاعة الإنترنت
على الجانب الآخر من الولايات المتحدة، يتصاعد القلق في وادي السيليكون من أن الطفرة الحالية قد تنتهي بانفجار مالي واسع.
فبعد عام من الاستثمارات الضخمة التي تجاوزت تريليونات الدولارات في شركات الذكاء الاصطناعي، بدأت أصوات داخل القطاع نفسه تحذر من “هندسة مالية” تشبه ما حدث في فقاعة الإنترنت قبل عقدين.

الرئيس التنفيذي لشركة "OpenAI"، سام ألتمان، اعترف خلال مؤتمر المطورين بوجود "فقاعات جزئية" في السوق، لكنه أصر على أن "هناك شيئاً حقيقياً يحدث"، مؤكداً أن الابتكار في هذا المجال سيستمر رغم الأخطاء الاستثمارية.

غير أن مؤسسات مالية كبرى مثل بنك إنجلترا وصندوق النقد الدولي وجي بي مورغان أطلقت تحذيرات متطابقة من المبالغة في التقييمات، مشيرة إلى أن حالة الغموض وعدم اليقين في الأسواق وصلت إلى مستويات غير مسبوقة.

تشابك استثماري معقّد.. وإنذارات مكرّرة
تقف "أوبن إيه آي" في قلب هذا المشهد المالي المتشابك، بعد صفقات ضخمة مع شركات مثل إنفيديا وإيه إم دي ومايكروسوفت وأوراكل، بمبالغ تصل إلى مئات المليارات من الدولارات. ويرى خبراء أن هذا التشابك في التمويل قد يخلق "طلباً مصطنعاً"، إذ تستثمر الشركات في عملائها لدفعهم إلى شراء منتجاتها، وهو ما وصفه بعض الاقتصاديين بـ"التمويل الدائري".

المحلل التكنولوجي جيري كابلان حذّر من أن حجم الأموال المتداولة اليوم "يتجاوز بكثير" ما كان عليه الحال في فقاعة الإنترنت، مشيراً إلى أن أي انهيار محتمل لن يقتصر على شركات الذكاء الاصطناعي، بل قد يمتد إلى قطاعات اقتصادية أوسع.

بين التشاؤم والتفاؤل.. مستقبل الذكاء الاصطناعي على المحك
رغم كل التحذيرات، يرى فريق آخر من المستثمرين أن ما يجري اليوم ليس فقاعة، بل بناء لبنية تحتية رقمية ستخدم الاقتصاد العالمي لعقود قادمة. ويشبّه البعض الوضع الحالي بما حدث في التسعينيات عندما مهدت فقاعة الاتصالات لبزوغ الإنترنت الحديث.

لكن المخاوف البيئية تضيف بعداً آخر للأزمة المحتملة. فمراكز البيانات العملاقة التي يجري بناؤها اليوم تستهلك كميات هائلة من الطاقة، ما قد يخلق أزمة بيئية واقتصادية في حال انحسار التمويل فجأة.

خلاصة المشهد
بين رهانات مايكل بيري على انهيار أسهم الذكاء الاصطناعي، وتحذيرات وادي السيليكون من هندسة مالية تشبه الماضي، يقف العالم أمام سؤال مفتوح:
هل ما نعيشه اليوم هو عصر ذهبي حقيقي للذكاء الاصطناعي، أم أننا نعيش داخل فقاعة رقمية جديدة تنتظر لحظة الانفجار؟

مهما يكن الجواب، فإن ما يحدث الآن سيحدد شكل الاقتصاد والتكنولوجيا لعقود قادمة، تماماً كما فعلت فقاعات الماضي التي صنعت ملامح الحاضر.

مشاركة على: