القبض على "ملكة البيتكوين" بعد مطاردة دولية امتدت لسنوات
أعلنت جهات إنفاذ القانون الدولية عن إلقاء القبض على المدعوة "روجا إجناتوفا" المعروفة إعلامياً بلقب "ملكة البيتكوين"، وذلك بعد عملية أمنية معقدة شاركت فيها عدة دول أوروبية، في واحدة من أكبر قضايا الاحتيال الرقمي خلال العقد الأخير. وتأتي هذه التطورات بعد اختفاء إجناتوفا عام 2017، عقب الكشف عن تورطها في مشروع العملات الرقمية الوهمية OneCoin الذي جمع ما يزيد على 4 مليارات دولار من المستثمرين حول العالم.
وتشير تحقيقات سابقة إلى أن شبكة "وان كوين" لم تكن مشروعاً للعملات الرقمية كما تم الترويج له، بل مخططاً هرمياً واسعاً استهدف مستثمرين في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، وكان له نشاط ملحوظ في تركيا، حيث تلقى العديد من المواطنين العرب والأتراك عروضاً للاستثمار فيه عبر ندوات تسويقية واجتماعات مغلقة.
● تركيا ضمن خريطة الضحايا
وبحسب تقارير اقتصادية، حظي المشروع بانتشار ملحوظ داخل تركيا خلال الأعوام 2015 – 2017، حيث جرى تنظيم لقاءات في إسطنبول وأنقرة وأضنة للترويج للعملة الوهمية عبر وعود بتحقيق أرباح خيالية. وتعرض عدد من المقيمين العرب في تركيا لخسائر مالية كبيرة بعد استثمار مدخراتهم في هذا المشروع قبل انهياره.
وتشير المصادر إلى أن السلطات التركية تعاونت مع أجهزة دولية خلال السنوات الماضية لمتابعة الأموال المحوّلة داخل البلاد عبر وكلاء "وان كوين"، فيما جرى تجميد حسابات مشبوهة وملاحقة أطراف فرعية مرتبطة بالشبكة.
● عملية أمنية معقدة
وبحسب ما نشرته وسائل إعلام أوروبية، فإن القبض على "ملكة البيتكوين" جرى بعد تتبّع طويل لتحركاتها، حيث حاولت استخدام هويات مزورة والاختباء تحت حماية جهات إجرامية في أوروبا الشرقية. وتشير المعلومات إلى أن إجناتوفا كانت من بين أخطر المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI الذي وضعها على قائمة "أخطر 10 مطلوبين".
ولم تُكشف حتى الآن تفاصيل العملية الأمنية كاملة، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن توقيفها جاء نتيجة تعاون استخباراتي بين عدة دول، وأن التحقيقات الحالية تركز على حجم الأموال التي لا تزال مخفية، ومسار الأموال التي جرى غسلها عبر شركات عقارية وحسابات في ملاذات مالية آمنة.
● أسباب انتشار المشروع في المنطقة
يرجع مختصون سبب انتشار "وان كوين" في تركيا والمنطقة إلى ضعف الوعي المالي لدى المستثمرين، وإلى استغلال الشركات الوهمية لحالة الاهتمام المتزايد بالعملات الرقمية، إضافة إلى تقديم وعود غير واقعية بتحقيق أرباح تصل إلى 300%.
كما ساهمت لقاءات ترويجية استخدمت لغة تحفيزية وأدوات تسويق شبكي في جذب الآلاف من المشاركين، معظمهم من الشباب الباحثين عن فرص دخل إضافي.
● تأثير القبض عليها في المستقبل
ويرى خبراء أن القبض على "ملكة البيتكوين" سيسفر عن إعادة فتح مئات الملفات في المنطقة، خصوصاً فيما يتعلق بتتبّع التحويلات المالية القديمة ومحاسبة الوسطاء المحليين.
كما يتوقع أن تعيد القضية النقاش حول ضرورة تنظيم سوق العملات الرقمية في تركيا، خاصة مع تزايد اهتمام المواطنين والمقيمين بالاستثمار في هذا القطاع خلال السنوات الأخيرة.
وتشير التقديرات إلى أن المبالغ التي قد تُسترد ما زالت غير واضحة، إلا أن توقيف المتهمة الرئيسية يمهّد الطريق أمام تتبع الأموال المختفية وربما استعادة جزء من حقوق الضحايا.