"أزمة غير مسبوقة تضرب صناعة المنسوجات التركية"

"أزمة غير مسبوقة تضرب صناعة المنسوجات التركية"
"أزمة غير مسبوقة تضرب صناعة المنسوجات التركية"

"أزمة غير مسبوقة تضرب صناعة المنسوجات التركية"

تشهد صناعة الغزل والنسيج في تركيا عام 2025 حالة غير مسبوقة من التحديات، إذ تواجه المصانع المحلية موجة ضغوط اقتصادية متصاعدة انعكست بشكل مباشر على الإنتاج والوظائف. تعتبر تركيا من الدول الرائدة عالميًا في إنتاج المنسوجات والأقمشة، إلا أن ارتفاع تكاليف الإنتاج، التضخم الاقتصادي، وتراجع القدرة التنافسية دفعت الكثير من الشركات إلى البحث عن بدائل خارجية، خاصة في دول الشرق الأوسط مثل مصر، التي أصبحت وجهة رئيسية لنقل خطوط الإنتاج.

تراجع الإنتاج وزيادة التكاليف

وفقًا لتقرير من Turkish Minute، انخفض إنتاج العديد من المصانع التركية إلى ما بين 50% و60% من الطاقة القصوى، بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام والطاقة وأجور العمالة، ما أدى إلى تقليص هامش الربح. وقد حذرت قيادات الصناعة من أن استمرار هذه الظروف قد يؤدي إلى توقف الإنتاج كليًا إذا لم تتدخل الدولة لدعم المصانع والحفاظ على استقرار السوق.

ارتفاع التكاليف لا يقتصر على المواد الخام فحسب، بل يشمل أيضًا النقل واللوجستيات، ما يجعل المنتجات التركية أقل قدرة على المنافسة في الأسواق العالمية مقارنة بالدول الأخرى ذات التكلفة المنخفضة. كما أدى ضعف الليرة التركية مقابل الدولار واليورو إلى زيادة الضغوط على الصناعات المحلية.

تأثير الأزمة على العمالة

أظهرت بيانات bne IntelliNews أن صناعة النسيج التركية فقدت نحو 350,000 وظيفة خلال السنوات الأخيرة. العديد من العمال اضطروا إلى ترك وظائفهم بعد إغلاق المصانع أو تقليص حجم الإنتاج. وتعتبر هذه الخسائر في العمالة تحديًا كبيرًا على الصعيد الاجتماعي، إذ أن قطاع المنسوجات كان أحد أكبر القطاعات المشغّلة للقوى العاملة في تركيا.

تهجير الإنتاج إلى دول أخرى

مع تصاعد ضغوط التكلفة، بدأت الشركات التركية الكبرى بنقل خطوط الإنتاج إلى دول مثل مصر، حيث تكلفة العمالة أقل، وهناك حوافز استثمارية جذابة. تشير التقارير إلى أن أكثر من 200 مصنع انتقل بالفعل خلال عام 2025. هذا التحرك يعكس أزمة الإنتاج العميقة ويثير القلق حول مستقبل الصناعة المحلية إذا استمر تراجع القدرة التنافسية.

الخسائر الاقتصادية

بحسب الجمعية التركية لمصنّعي الملابس الجاهزة، خسر قطاع المنسوجات نحو 7 مليارات دولار، فيما أغلقت حوالي 210,000 منشأة نتيجة السياسات الاقتصادية غير المستقرة وارتفاع تكاليف التشغيل. هذه الخسائر تؤثر على الاقتصاد التركي بشكل عام، خصوصًا في المناطق التي تعتمد على هذه الصناعة كمصدر رئيسي للدخل.

الجانب الإيجابي: الصادرات

رغم الأزمة، تمكنت بعض الشركات من الحفاظ على صادراتها، فقد ارتفعت صادرات المنسوجات التركية إلى 7.05 مليار دولار في أول تسعة أشهر من عام 2025، وفق اتحاد مصدّري المنسوجات والمواد الخام في إسطنبول. هذا يشير إلى أن هناك شركات قادرة على الابتكار وتقديم منتجات عالية الجودة، ما يجعلها مستمرة في المنافسة العالمية.

التحديات المستقبلية

التنافسية العالمية: مع زيادة الإنتاج في دول مثل مصر والهند وباكستان، تواجه تركيا منافسة شديدة في الأسواق التقليدية.

الابتكار والتكنولوجيا: الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في النسيج أصبح ضرورة، سواء في تصميم الأقمشة أو التصنيع، لضمان تقليل الهدر وزيادة الجودة.

العمالة المدربة: نقص العمالة الماهرة قد يؤدي إلى ضعف الإنتاجية وجودة المنتج النهائي، ما يستدعي استراتيجيات تدريب وتأهيل جديدة.

الاستدامة البيئية: الطلب العالمي على منتجات صديقة للبيئة يتزايد، ويجب على الصناعة التركية التكيف مع هذا الاتجاه من خلال تقليل البصمة الكربونية واعتماد المواد العضوية.

التحولات السوقية

شهدت الأسواق المحلية والدولية تغييرات ملحوظة في تفضيلات المستهلكين، حيث أصبح الطلب يتركز على الأقمشة العضوية عالية الجودة، الملابس الجاهزة المصممة بتقنيات متقدمة، والخامات المستدامة. كما أن المستهلك العربي والأوروبي أصبح أكثر اهتمامًا بمسألة الجودة والقيمة مقابل السعر، ما يحتم على الشركات التركية الالتزام بالمعايير العالمية للحفاظ على حصتها في السوق.

الفرص المتاحة

رغم الأزمة، هناك فرص واعدة للقطاع، مثل:

التوسع في الأسواق الناشئة: دول الشرق الأوسط وأفريقيا تشهد طلبًا متزايدًا على الأقمشة التركية عالية الجودة.

الاستثمار في التكنولوجيا: إدخال خطوط إنتاج ذكية وتقنيات نسيج حديثة يمكن أن يحسن الجودة ويقلل التكاليف.

تطوير المنتجات: التركيز على الأقمشة الخاصة، المنسوجات التقنية، والملابس المقاومة للحرارة أو الماء، يمكن أن يفتح أسواقًا جديدة.

توقعات مستقبلية

يتوقع الخبراء أن تعود بعض الشركات التركية الكبرى إلى مسار النمو إذا تم دعمها بالسياسات الاقتصادية الصحيحة، والاستثمار في التكنولوجيا والابتكار. كما قد يشهد عام 2026 استقرارًا نسبيًا في الأسعار وعودة تدريجية للإنتاج، إذا تم تحقيق توازن بين تكلفة الإنتاج والقدرة على المنافسة في الأسواق العالمية.

مشاركة على: