تفاوت كبير في أسعار الكهرباء والغاز بين دول أوروبا يثير القلق
نشرت يورونيوز تقريرًا مفصلاً حول أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي في أوروبا لعام 2025، استنادًا إلى بيانات يوروستات الرسمية. ويُظهر التقرير تفاوتًا كبيرًا في الأسعار بين الدول الأوروبية، مما يؤثر بشكل مباشر على تكلفة المعيشة للمستهلكين والمنشآت الصناعية على حد سواء.
وأشار التقرير إلى أن أسعار الكهرباء للأسر الأوروبية ارتفعت بشكل ملحوظ خلال النصف الأول من 2025 في عدة دول غربية، في حين تظل منخفضة نسبيًا في بعض دول شرق أوروبا والدول المرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي. وقد أظهرت البيانات أن الدول الغربية مثل ألمانيا، وبلجيكا، والدنمارك، وإيطاليا من بين الأعلى في تكاليف الكهرباء، بينما دول مثل تركيا، وجورجيا، وكوسوفو تسجل أسعارًا أقل بشكل واضح، مما يعكس اختلافًا كبيرًا في هيكل سوق الطاقة وسياسات التعرفة.
وعند تعديل الأسعار وفق قوة الشراء المحليّة (PPS)، يتضح أن الفجوة بين الدول الأوروبية تتقلص نسبيًا. على سبيل المثال، تظهر بعض الدول الإسكندنافية مثل النرويج وفنلندا أرخص نسبيًا عند مراعاة مستوى الدخل، بينما ترتفع عبء الطاقة في دول مثل التشيك عند النظر إلى القدرة الشرائية للمستهلكين.
أما بالنسبة للغاز الطبيعي، فقد أشار التقرير إلى تفاوت مماثل في الأسعار. الدول الأغلى في الغاز تشمل السويد، هولندا، والدنمارك، في حين تُعد بعض الدول شرق أوروبا ودول مثل تركيا من الأرخص عند النظر إلى السعر بالمعدل الاسمي. وعند تعديل الأسعار حسب القوة الشرائية، تبقى السويد ضمن الدول الأعلى تكلفة نسبيًا، بينما تصبح بعض دول شرق أوروبا أقل عبءًا نسبيًا على المستهلكين.
وأكد الخبراء أن هذه الاختلافات لا تعكس فقط الأسعار، بل ترتبط بكيفية تصميم الأسواق وأسعار التعرفة، إضافة إلى السياسات الحكومية الخاصة بالطاقة، والاستثمارات في البنية التحتية للطاقة المتجددة والوقود الأحفوري. كما تلعب الضرائب والدعم الحكومي دورًا كبيرًا في تحديد تكلفة الكهرباء والغاز للأسر.
وأوضحت دراسة أخرى أن مزيج الطاقة لكل دولة له تأثير مباشر على الأسعار. الدول التي تعتمد بشكل أكبر على الطاقة المتجددة أو الطاقة المستوردة تواجه تحديات في ضبط الأسعار مقارنة بالدول التي تمتلك مصادر محلية أو تعتمد على الطاقة التقليدية بأسعار ثابتة نسبيًا. ويضيف الخبراء أن تحولات سوق الطاقة في أوروبا، بما في ذلك أزمة الطاقة العالمية وارتفاع أسعار الغاز والفحم، لها أثر مباشر على أسعار الكهرباء للمستهلكين.
وأشار التقرير إلى أن الأسر الأوروبية في بعض الدول الغربية تواجه ضغطًا كبيرًا على ميزانيتها الشهرية بسبب ارتفاع فواتير الكهرباء والغاز، بينما يمكن لدول شرق أوروبا الاستفادة من سياسات تسعير منخفضة نسبيًا، ما يعكس اختلافات كبيرة في مستوى المعيشة والقدرة على تحمل تكاليف الطاقة.
وأكد خبراء الاقتصاد والطاقة أن تفاوت الأسعار بين الدول الأوروبية يشجع الحكومات على إعادة النظر في سياسات الطاقة، بما في ذلك الدعم المباشر للأسر الضعيفة، وتحفيز الاستثمار في مصادر الطاقة المستدامة، وتحسين الكفاءة الطاقية، لضمان استقرار الأسعار والحد من الضغوط على المستهلكين.
وفي النهاية، يشير التقرير إلى أن سوق الطاقة الأوروبية يظل متقلبًا، وأن المستهلكين والشركات بحاجة لمتابعة الأسعار بشكل مستمر واتخاذ قرارات استهلاكية واستثمارية تتوافق مع التغيرات في السوق، مع مراعاة السياسات الحكومية والتغيرات في أسعار الغاز والكهرباء على المدى القصير والطويل.