"السماح للمتروبوس باستخدام جسر FSM"

"السماح للمتروبوس باستخدام جسر FSM"
"السماح للمتروبوس باستخدام جسر FSM"

"السماح للمتروبوس باستخدام جسر FSM"

السماح للمتروبوس باستخدام جسر فاتح سلطان محمد: خطوة قد تغيّر حركة النقل في إسطنبول

شهدت مدينة إسطنبول خلال الساعات الماضية إعلانًا مهمًا يحمل في طيّاته تحوّلًا في طريقة إدارة حركة النقل داخل واحدة من أكثر المدن ازدحامًا في العالم. فقد أعلنت بلدية إسطنبول رسميًا حصولها على موافقة حكومية تسمح بمرور حافلات المتروبوس فوق جسر فاتح سلطان محمد (FSM)، وهو قرار طال انتظاره لسنوات طويلة، ويُتوقع أن يخفّف بشكل كبير الضغط المروري على الطريق السريع E5 وعلى جسر البوسفور الأول.

مقدمة: ازدحام إسطنبول… معاناة يومية تتطلب حلولًا

تعاني إسطنبول—التي تضم أكثر من 16 مليون نسمة—من واحد من أعلى معدلات الازدحام في أوروبا والعالم. فخط المتروبوس، الممتد من بيليك دوزو إلى سوغوتلو تشيشمه، يعدّ شريانًا يوميًا رئيسيًا حيث ينقل أكثر من مليون راكب يوميًا، ويعتمد عليه سكان الضفتين الأوروبية والآسيوية للتنقل بشكل أسرع من السيارات الخاصة.

ورغم فعاليته، لا يزال الخط يواجه ازدحامًا شديدًا، خصوصًا في محيط محطات الطرف الأوروبي مثل "زنجيرلي قيو" و"مجدية كوي"، حيث يصطف الركاب في طوابير طويلة خلال ساعات الذروة الصباحية والمسائية. وكانت الحلول المقترحة تتراوح بين زيادة عدد العربات إلى إنشاء خطوط بديلة، إلا أنّ هذه الخطط لم تكن كافية للتغلب على المشكلة المتصاعدة.

ما الذي يجعل جسر FSM مهمًا في هذه المعادلة؟

جسر فاتح سلطان محمد، وهو الجسر الثاني فوق مضيق البوسفور، يُستخدم بشكل أكبر من قِبل السيارات الخاصة والشاحنات ومركبات النقل، نظرًا لأنه يمنع عبور الحافلات العامة بناءً على قوانين سابقة تحظر مرور المركبات الثقيلة والخدمية.

لكن مع الزيادة الهائلة في عدد السكان، وصعوبة توسيع المساحات البرية داخل المدينة، أصبح التوجه الجديد يعتمد على إعادة توزيع حركة النقل بدلًا من زيادة الطرق، الأمر الذي منح أهمية كبيرة لإعادة النظر في السماح بمرور المتروبوس فوق الجسر الثاني.

تفاصيل القرار الجديد

أعلنت بلدية إسطنبول أنّ الحكومة المركزية وافقت رسميًا على السماح لحافلات المتروبوس باستخدام جسر FSM في أوقات محددة ستُعلن لاحقًا، على أن يتم تطبيق القرار تدريجيًا لضمان عدم حدوث فوضى مرورية. وستبدأ المرحلة الأولى بتسيير عدد محدود من الرحلات الاختبارية، مع مراقبة تأثيرها على حركة المرور وتقييم النتائج.

كما سيتم العمل على تعديل مسارات بعض الخطوط وإضافة محطات ربط جديدة على الأطراف لتسهيل حركة الركاب من وإلى الجسر.

كيف سيؤثر القرار على حياة المواطنين؟

١. تقليل زمن الرحلات بين الضفتين

حاليًا، يتطلب عبور المتروبوس للجسر الأول وقتًا طويلًا خلال ساعات الذروة، قد يصل إلى 30–45 دقيقة في بعض الأيام. استخدام جسر FSM سيؤدي إلى:

تقليل الازدحام على جسر البوسفور الأول

تخفيض زمن العبور بما لا يقل عن 15–20 دقيقة

توزيع الركاب على مسارين بدلًا من مسار واحد

٢. تخفيف الضغط على الخط الرئيسي

بمجرّد تحويل جزء من الرحلات إلى الجسر الثاني، ستتراجع كثافة الركاب على محطات رئيسية مثل:

Cevizlibağ

Mecidiyeköy

Zincirlikuyu

مما سيجعل الركوب أسهل وأسرع.

٣. تحسين التوازن في حركة النقل العامة

بدلًا من اعتماد كامل على جسر واحد، سيُعاد توزيع الحركة بما يتناسب مع الكثافة السكانية لكل منطقة، ما ينعكس على:

تقليل الازدحام على الطريق السريع D100

تحسين انسيابية الحركة للسيارات الخاصة

الحد من التكدس على مداخل الجسور

٤. تقليل الانبعاثات الناتجة عن التوقف المروري

مع تقليل الوقت الذي تقضيه الحافلات عالقة فوق الجسر، ستنخفض كمية الوقود المستهلك والانبعاثات الكربونية بشكل ملحوظ.

تصريحات البلدية

وأكدت بلدية إسطنبول أن القرار جاء بعد مفاوضات طويلة وأن الهدف الرئيسي هو خدمة المواطن، خاصةً في ظل الزيادة المتوقعة في الحركة خلال السنوات المقبلة.

وجاء في البيان:

"إن السماح بمرور المتروبوس فوق جسر فاتح سلطان محمد خطوة مهمة نحو تحسين جودة النقل العام، ونسعى إلى تطبيقها تدريجيًا لضمان أقصى استفادة للمواطنين".

مخاوف وتساؤلات بين المواطنين

ورغم الحماس العام للقرار، برزت بعض التساؤلات:

هل سيؤدي مرور المتروبوس فوق الجسر الثاني إلى ازدحام على الطرق المؤدية إليه؟

كيف ستنظم البلدية أوقات الرحلات؟

هل ستكون هناك محطات جديدة أم سيبقى المسار كما هو؟

هل ستزداد أسعار التذاكر بعد التعديلات؟

البلدية أكدت أن لا زيادة في الأسعار، وأن جميع التعديلات ستكون مدروسة لضمان عدم الإضرار بحركة المرور في مناطق مثل "Levent" و"Kağıthane".

خبراء النقل: “هذه واحدة من أهم خطوات العقد الأخير”

يرى الخبراء أن القرار قد يكون بداية لتحديث شامل في شبكة النقل بالمدينة، وربما مقدمة لمشروعات مستقبلية مثل:

ربط المتروبوس بشبكات المترو بشكل موسّع

إنشاء خطوط سريعة موازية

الاستثمار في الحافلات الكهربائية

تحسين البنية التحتية لمحطات العبور بين الجانبين

كما يتوقع بعضهم أن يؤدي هذا القرار إلى انخفاض ملحوظ في الازدحام الصباحي خلال الأشهر الستة الأولى من التطبيق.

ماذا بعد؟

من المتوقع أن تبدأ الرحلات التجريبية خلال الأسابيع القادمة، مع تقييم يومي للنتائج. وإذا نجح البرنامج التجريبي، فسيتم دمج الجسر الثاني بشكل كامل في نظام المتروبوس قبل نهاية العام المقبل.

النهاية: خطوة نحو إسطنبول أكثر انسيابية

رغم التحديات التي تواجهها إسطنبول يوميًا، فإن هذا القرار يعطي مؤشرًا واضحًا على أن المدينة تتجه نحو تحسين حركة النقل العام، وتخفيف الضغط على الطرق الرئيسية، وتحسين تجربة السفر لملايين الركاب.

إنّ السماح للمتروبوس باستخدام جسر FSM ليس مجرد خطوة تقنية، بل تحول في طريقة التفكير في حلول النقل داخل واحدة من أكبر المدن في العالم، وقد يكون مقدمة لسلسلة من الخطوات التي تجعل التنقل أكثر سلاسة وأقل إرهاقًا للمواطنين.

مشاركة على: