قرار جديد من الهجرة التركية بشأن تصاريح العمل للأجانب

في خطوة تُعد من أكثر الخطوات تأثيراً على حياة مئات الآلاف من المقيمين الأجانب في تركيا، أعلنت رئاسة إدارة الهجرة التركية “Göç İdaresi Başkanlığı” عن مجموعة من التوضيحات الجديدة والمتعلقة بتصاريح العمل، وشروط الحصول عليها، وإجراءات إلغائها، وعلاقتها المباشرة بتصاريح الإقامة، بالإضافة إلى قواعد تخص الطلاب، وحملة الحماية المؤقتة، والحماية الدولية. التحديث الجديد، الذي نُشر عبر الصفحة الرسمية لإدارة الهجرة في قسم "الأسئلة الأكثر شيوعاً"، أحدث تفاعلاً واسعاً بين أفراد الجالية العربية، لما يحمله من تأثير مباشر على أوضاعهم القانونية والمعيشية.

هذا القرار يأتي في وقت تتسارع فيه التغييرات المرتبطة بالإقامات والعمل في تركيا، وسط نقاشات واسعة حول تنظيم سوق العمل، وتقييد بعض الممارسات غير القانونية، وتحسين الظروف المعيشية للوافدين، خصوصاً من الدول العربية التي تشهد ظروفاً صعبة دفعت كثيراً من مواطنيها للهجرة نحو تركيا بحثاً عن الاستقرار والتعليم والعمل.

ولأن هذا الموضوع يمسّ قطاعاً كبيراً من الجالية العربية، تقدم نيو ترك بوست هذا التقرير التفصيلي الذي يتناول كل نقطة وردت في التوضيحات الرسمية، بلغة مبسّطة واضحة، لتمكين المقيمين من فهم حقوقهم وواجباتهم بشكل دقيق.

أولاً: العلاقة بين تصريح العمل وتصريح الإقامة… نقطة الحسم

أحد أهم النقاط التي أثارت الانتباه في البيان الجديد هو التأكيد الصريح على أن تصريح الإقامة المرتبط بتصريح العمل يُلغى تلقائياً عند إلغاء تصريح العمل.
بمعنى آخر:
إذا كانت الإقامة التي يحملها العامل مبنية بالكامل على وجود عقد عمل مصدّق لدى وزارة العمل التركية، فإن انتهاء هذا العقد أو إنهاءه من طرف صاحب العمل يؤدي تلقائياً إلى فقدان الإقامة.

هذا يعني أن العامل الذي يفقد وظيفته في تركيا وهو يحمل “إقامة عمل” فقط، فقد يفقد أيضاً حقه في البقاء داخل البلاد ما لم يتحرك بسرعة لتسوية وضعه القانوني.

لكن الهجرة التركية قدّمت أيضاً جانباً مطمئناً في هذه القضية، حيث أوضحت أن هذا الإجراء لا يُطبق إذا كان الأجنبي يحمل نوعاً آخر من الإقامات مثل:

إقامة قصيرة الأمد

إقامة طلابية

إقامة إنسانية

إقامة عائلية

أو أي تصريح إقامة لا يرتبط مباشرة بالعمل

في هذه الحالات، يمكن للعامل أن يفقد تصريح العمل، لكنه يحتفظ بإقامته. وهذا يمنح كثيراً من المقيمين العرب مجالاً أكبر للتحرك بدلاً من فقدان الإقامة فوراً.

ثانياً: الطلاب الأجانب… سنة أولى دون عمل

من النقاط التي لطالما سببت ارتباكاً لدى شريحة واسعة من الطلاب العرب، جاءت التوضيحات الجديدة لتؤكد ما يلي:

■ طلاب البكالوريوس

لا يحق لهم العمل خلال السنة الدراسية الأولى.

بعد مرور السنة الأولى، يمكن للطلاب التقدم بطلب للحصول على تصريح عمل جزئي (Part-time work permit) وفقاً للقوانين التركية.

هذا الشرط هو السبب الأساسي وراء رفض العديد من الطلبات التي كان يقدمها طلاب السنة الأولى دون علم منهم بهذه القاعدة.

■ طلاب الماجستير والدكتوراه

الوضع مختلف تماماً، حيث أوضحت إدارة الهجرة أن طلبات هؤلاء لا تخضع لشرط السنة الأولى، ويمكنهم التقدم بطلب تصريح العمل فور انضمامهم للبرنامج الجامعي.

هذا التفصيل مهم للغاية، نظراً لأن عدداً كبيراً من الطلاب العرب يواصلون دراساتهم العليا في تركيا ويبحثون عن فرص عمل تساعد على تغطية تكاليف المعيشة.

ثالثاً: السوريون تحت الحماية المؤقتة… شرط الستة أشهر

يحمل السوريون في تركيا وضعاً قانونياً خاصاً تحت مسمى “الحماية المؤقتة”، والمعروف لدى العامة باسم “الكيملك”.
التحديث الجديد أكد أنهم يستطيعون التقدم بطلب:

تصريح عمل رسمي
أو

إعفاء من تصريح العمل (Muafiyet) في حال كانت الوظيفة لا تتطلب تصريحاً كاملاً.

لكن الشرط الأساسي الذي لا يمكن تجاوزه هو:
مرور ستة أشهر كاملة من تاريخ التسجيل ضمن نظام الحماية المؤقتة.

أي طلب يقدم قبل هذه الفترة سيُرفض بشكل تلقائي.

وهذه النقطة حاسمة للغاية، لأن الآلاف من السوريين كانوا يقدمون طلبات دون معرفة بهذه القاعدة، مما كان يتسبب بتأخير كبير في توثيق عقود العمل، أو رفض الطلبات دون توضيح.

رابعاً: الحاصلون على الحماية الدولية… استثناء مهم

أحد أبرز المفاجآت في التحديث الجديد هو ما يتعلق بالفئة التي تحمل “الحماية الدولية” داخل تركيا، سواء كانوا:

لاجئين

طالبين للحماية

حاصلين على وضع قانوني خاص

التوضيحات الجديدة أكدت أن هذه الفئة:
✔ تستطيع العمل بشكل مباشر
✔ دون الحاجة للحصول على تصريح عمل منفصل
✔ يكفي أن يثبت الشخص وضعه القانوني عبر الوثائق الرسمية

هذا التصريح كان مجهولاً لدى الكثير من المقيمين، رغم أنه يمثّل تسهيلاً كبيراً للذين يحملون هذا النوع من الإقامة، ويمنحهم فرصة دخول سوق العمل دون إجراءات إضافية.

خامساً: تسجيل العنوان خلال 20 يوماً… شرط إلزامي

من أهم النقاط التي تضمنها التحديث الجديد هو إلزام الأجنبي الذي يدخل تركيا بتصريح عمل صادر من خارج البلاد بأن يقوم بتسجيل عنوان سكنه في نظام إدارة العناوين التركي خلال:

20 يوم عمل فقط

تأخير تسجيل العنوان قد يسبب مشاكل كبيرة، مثل:

فرض غرامات مالية

تعريض صاحب الإقامة لمشاكل في تجديدها

تعقيد أي طلب مستقبلي متعلق بالعمل

رفض أي معاملة تخص صاحب الإقامة في المؤسسات الحكومية

هذا الشرط هو الأكثر صرامة، ويعكس رغبة الحكومة في تنظيم حركة العمال الأجانب داخل البلاد وضمان وجود بيانات دقيقة محدثة باستمرار.

سادساً: لماذا تُصدر تركيا هذه التوضيحات الآن؟

لفهم الصورة الكاملة، يجب الانتباه إلى أن تركيا تمر بمرحلة إعادة تنظيم شاملة تخص:

أوضاع الأجانب

ملف الهجرة

تنظيم سوق العمل

ضبط العمالة غير الرسمية

ضمان المنافسة العادلة بين العمال الأتراك والأجانب

كما أن الحكومة تعمل على تقليل الضغط على مؤسسات الدولة، وضمان تسجيل دقيق للعناوين، والتأكد من عدم وجود تلاعب في ملفات الإقامة أو تصاريح العمل.

وتأتي الخطوة بعد سلسلة من الإجراءات التي بدأت في عام 2023 و2024، تشمل:

إغلاق بعض الأحياء أمام الإقامة

تشديد شروط الإقامة السياحية

رفع متطلبات الدخل والكفالة

تخفيض عدد الأجانب في بعض المناطق

رقمنة معظم الإجراءات

توضيحات اليوم جزء من هذه السلسلة التي تهدف إلى جعل القوانين أكثر وضوحاً ومنع إساءة تطبيقها.

سابعاً: ماذا يعني القرار للجالية العربية في تركيا؟

يشكل العرب واحدة من أضخم الجاليات الأجنبية في تركيا، خصوصاً من:

سوريا

العراق

مصر

الأردن

اليمن

المغرب

الجزائر

السودان

لبنان

وهؤلاء يتأثرون بشكل مباشر بكل تغيير يطرأ على القوانين المتعلقة بالإقامة والعمل.

أهم النقاط التي يجب الانتباه لها:

إذا كنت تعمل بإقامة عمل بحتة، فقد يُلغى تصريح إقامتك إذا فقدت وظيفتك.

إذا كنت طالباً في السنة الأولى، لا يمكنك الحصول على تصريح عمل.

السوريون يجب أن ينتظروا ستة أشهر قبل التقديم.

تسجيل العنوان خلال 20 يوماً خطوة إلزامية لا يمكن تجاهلها.

الحماية الدولية تُعفيك من استخراج تصريح عمل.

على المقيمين التأكد من أن وضع إقامتهم يناسب عملهم الحالي.

أي مخالفة صغيرة قد تؤثر على إمكانية تجديد الإقامة مستقبلاً.

يجب الاحتفاظ بنسخ أصلية ورقمية من جميع الوثائق.

ثامناً: كيف تؤثر التحديثات على أصحاب الشركات والمطاعم والمحلات؟

الآلاف من أبناء الجالية العربية يمتلكون أعمالاً في تركيا، مثل:

مطاعم

مقاهي

محلات بيع

ورش صناعية

شركات استيراد وتصدير

مكاتب خدمات

صالونات

مصانع صغيرة

أصحاب هذه الأعمال عليهم الانتباه إلى:

ضرورة التحقق من أنواع إقامات العاملين لديهم

تجنب تشغيل شخص دون تصريح عمل

تسجيل العمال في SGK

تسجيل عناوين العمال

تجنب تأخير الرواتب

توثيق العقود بشكل قانوني

عدم تشغيل الطلاب في السنة الأولى

التأكد من أن العدد المسموح به من العمال الأجانب لا يتجاوز النسبة القانونية

كما أن أي مخالفة قد تؤدي إلى غرامات قد تصل إلى آلاف الليرات.

تاسعاً: ماذا يجب أن يفعل المقيم الآن؟

للتعامل مع هذه التوضيحات الجديدة، توصي نيو ترك بوست بما يلي:

✔ راجع وضع إقامتك

هل هي إقامة عمل فقط؟ أم لديك إقامة أخرى مستقلة؟

✔ تأكّد من تسجيل عنوانك

خلال المدة القانونية—20 يوم عمل.

✔ إذا كنت طالباً…

اعرف أن السنة الأولى لا تخولك للعمل.

✔ إذا كنت سورياً…

تأكد من مرور ستة أشهر على حصولك على “الكيملك”.

✔ احتفظ بكل الوثائق

بشكل ورقي ورقمي.

✔ لا تتأخر في تجديد تصريح العمل

لأن أي تأخير قد يؤدي لرفض الطلب.

✔ تحدث مع صاحب العمل

للتأكد من أن عقدك مسجل بشكل قانوني.

عاشراً: رسالة تطمين ونصيحة أخيرة للجالية العربية

رغم أن القرارات قد تبدو معقدة للبعض، لكنها تهدف في جوهرها إلى تنظيم أوضاع الأجانب ومنع الفوضى القانونية.
الفهم الجيد لهذه التوضيحات يساعد كل مقيم عربي على:

حماية إقامته

حماية مكان عمله

ضمان مستقبل قانوني مستقر

تجنب الغرامات

تجنب رفض الطلبات

وتجنب أي مشاكل قد تؤثر على وجوده في البلاد

ونيو ترك بوست تواصل متابعة التحديثات الحكومية الرسمية المتعلقة بالإقامة والعمل، وتقدم شروحاً واضحة ومبسطة مع كل خطوة جديدة لضمان وصول المعلومة الصحيحة لكل أفراد الجالية.