تركيا تتصدر عدد العاملين بأجر الحد الأدنى

تركيا تتصدر عدد العاملين بأجر الحد الأدنى
تركيا تتصدر عدد العاملين بأجر الحد الأدنى

تركيا تتصدر عدد العاملين بأجر الحد الأدنى

أظهرت بيانات حديثة أن عدد العاملين في تركيا الذين يحصلون على الحد الأدنى للأجر بلغ نحو 11.2 مليون شخص، وفق ما نقلته صحيفة Nefes استنادًا إلى تقديرات Eurostat، ما يجعل تركيا تتصدر أوروبا من حيث عدد الأشخاص الذين يعتمدون على الحد الأدنى للأجر. هذا الرقم يعكس وضعًا اقتصاديًا هامًا يسلّط الضوء على توزيع الأجور والضغط على فئة واسعة من العمال، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة والضرائب والنفقات الأساسية.

الخلفية الاقتصادية

يشكل الحد الأدنى للأجر في تركيا أداة حيوية لحماية العمال ذوي الدخل المحدود. منذ بداية عام 2025، تم رفع الحد الأدنى للأجر بنسبة 30٪ تقريبًا، ليصل إلى 22,104 ليرة تركية شهريًا، وفق بيانات وزارة العمل التركية. ورغم هذه الزيادة، يرى خبراء الاقتصاد أن الأجر الأدنى لا يزال بعيدًا عن المستوى الذي يحقق “المعيشة الكريمة” للعمال، نظرًا لارتفاع الأسعار في السلع الأساسية والإيجارات والخدمات اليومية.

وفقًا لتقرير Euronews، فإن نسبة العاملين الذين يتقاضون الحد الأدنى أو أقل في تركيا تُقدّر بحوالي 37.5٪ من إجمالي القوى العاملة، ما يجعل هذه الفئة كبيرة جدًا مقارنة بالدول الأوروبية. 

مقارنة أوروبية

عند المقارنة مع دول الاتحاد الأوروبي، يظهر أن تركيا تتفوق من حيث عدد العمال الذين يحصلون على الحد الأدنى للأجر، حيث يفوق عدد العاملين بأجر الحد الأدنى في تركيا مجموع العمال بأجر الحد الأدنى في نحو 20 دولة أوروبية مجتمعة. هذا الترتيب يعتمد على عدد الأشخاص وليس على قيمة الأجر نفسه.

لكن عند النظر إلى القيمة النقدية للأجر الأدنى باليورو، تظل تركيا في مراتب أقل مقارنة بالدول الغربية مثل لوكسمبورغ، ألمانيا، هولندا وبلجيكا، حيث يتقاضى العمال أجرًا أعلى بكثير. 

تأثير الأجر الأدنى على الاقتصاد

وجود عدد كبير من العاملين بأجر الحد الأدنى له تأثير مزدوج: من جهة، يوفر مصدر دخل للعمال ذوي الدخل المحدود ويُبقيهم ضمن سوق العمل؛ ومن جهة أخرى، يشير إلى وجود اختلاف ويزيد من ضغط النفقات على فئة واسعة من السكان.

كما أن هذه الظاهرة تؤثر على الاستهلاك، حيث أن العمال ذوي الدخل المحدود غالبًا ما يخصصون معظم دخلهم للنفقات الأساسية مثل الغذاء والسكن والنقل، مما يقلل قدرتهم على الادخار والاستثمار في أنشطة استهلاكية أخرى.

ردود الفعل الاجتماعية والنقابية

النقابات العمالية: تشير نقابات مثل DİSK إلى أن العدد الكبير من العمال الذين يحصلون على الحد الأدنى يعكس ضعف التفاوض الجماعي، ويؤكد الحاجة إلى تحسين سياسات الأجور وحماية العمال.

الاقتصاديون: يرون أن استمرار هذه الأوضاع قد يؤدي إلى ضغط على الأسواق المحلية، خاصة إذا استمر التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.

المستهلكون والعمال: العديد من العاملين يشعرون أن الحد الأدنى للأجر أصبح “مصدر الدخل الأساسي”، وهو ما يخلق تحديات على المدى الطويل فيما يتعلق بالأمن الاقتصادي ومستوى المعيشة.

واقع العمال في تركيا

تشير الدراسات إلى أن العمال الذين يعتمدون على الحد الأدنى للأجر يعيشون في ظروف مالية صعبة، حيث تتراوح نفقات الأسرة الأساسية بين الغذاء والسكن والتعليم والصحة في مستويات عالية نسبيًا، مقارنة بالدخل. وتؤكد بيانات من ديسك-إيه آر أن معظم الأسر التي تحصل على الحد الأدنى تواجه صعوبة في الادخار والاستثمار في تحسين مستوى حياتها. 

الأبعاد المستقبلية

مع استمرار هذه الأوضاع، يرى خبراء الاقتصاد أن تحسين الأجر الأدنى ليس مجرد مسألة رفاهية للعمال، بل هو أداة مهمة لتحفيز الاقتصاد، زيادة القوة الشرائية، ودعم الاستهلاك المحلي. كما أن الاستقرار في الأجور يساهم في تحسين الإنتاجية وتقليل التفاوت بين الطبقات.

تتوقع المصادر أن يقوم صانعو السياسات في تركيا بمراجعة الحد الأدنى للأجر سنويًا مع مراعاة التضخم والتغيرات في القدرة الشرائية، لضمان أن يكون الحد الأدنى للأجر كافيًا لتغطية الاحتياجات الأساسية للعاملين وأسرهم.

تحليلات إضافية

ارتفاع عدد العاملين بأجر الحد الأدنى قد يشير أيضًا إلى زيادة في العمالة غير المنظمة أو في القطاع غير الرسمي، حيث يسجل الكثيرون أجرًا منخفضًا مقارنة بالمعايير الرسمية.

البيانات تعكس أيضًا أهمية السياسات الحكومية في تحسين الأجور ورفع القدرة الشرائية للعاملين ذوي الدخل المنخفض، بما يعزز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

الخلاصة

تركيا تتصدر أوروبا من حيث عدد العمال الذين يحصلون على الحد الأدنى للأجر، ما يسلط الضوء على حقيقة مزدوجة: وجود عدد كبير من العمال يعتمدون على هذا الأجر يمثل تحديًا اقتصاديًا واجتماعيًا، لكنه في الوقت نفسه يُظهر الجهود الحكومية لتحسين مستوى الأجور. الحفاظ على توازن بين رفع الأجور وضمان استقرار الاقتصاد الوطني سيكون التحدي الرئيسي للسنوات القادمة.

مشاركة على: