ظهور متحوّر كورونا الجديد “نيمبوس” يثير المتابعة العالمية

ظهور متحوّر كورونا الجديد “نيمبوس” يثير المتابعة العالمية
ظهور متحوّر كورونا الجديد “نيمبوس” يثير المتابعة العالمية

ظهور متحوّر كورونا الجديد “نيمبوس” يثير المتابعة العالمية

شهد العالم خلال الأشهر الأخيرة حديثًا متزايدًا حول ظهور متحوّر جديد من فيروس كورونا يُعرف باسم NB.1.8.1، أو كما أطلق عليه إعلاميًا “نيمبوس”. وعلى الرغم من أن الجائحة تراجعت بشكل كبير مقارنةً بسنواتها الأولى، فإن ظهور أي سلالة جديدة من الفيروس يستدعي اهتمامًا واسعًا، خصوصًا في ظل قدرته على التغيّر المستمر. منظمة الصحة العالمية، وعدة مراكز بحثية كبرى، أكدت أن المتحوّر الجديد يخضع للمتابعة الدقيقة منذ مايو 2025، لكن دون وجود مؤشرات على أنه يشكل تهديدًا كبيرًا أو يسبب مرضًا أكثر شدة من المتحورات السابقة.

تعود أهمية “نيمبوس” إلى ظهوره في عدد متزايد من الدول خلال فترة وجيزة، إذ بدأ رصده في بداية عام 2025 داخل آسيا، قبل أن يظهر في أمريكا الشمالية وأوروبا. ويشير تقرير المعهد الوطني للأمراض السارية في جنوب أفريقيا (NICD) إلى أن نسبة وجود المتحوّر في العينات الجينية ارتفعت من 2٪ تقريبًا في مارس 2025 إلى ما يزيد عن 10٪ بحلول أواخر أبريل، وهو ما يؤكد سرعة انتشاره مقارنةً بمتحورات أخرى كانت تحتاج فترة أطول للوصول إلى نسب مماثلة.

من الناحية الجينية، ينتمي “نيمبوس” إلى سلالة أوميكرون، لكنه يحمل مجموعة من الطفرات الجديدة في بروتين “سبايك”، وهو الجزء المسؤول عن ارتباط الفيروس بالخلايا البشرية. وتوضح التقارير العلمية أن بعض هذه الطفرات قد تمنحه قدرة أعلى نسبيًا على الانتشار أو على تجاوز جزء من المناعة المكتسبة نتيجة اللقاحات أو الإصابة السابقة. ورغم ذلك، تذكر منظمة الصحة العالمية أن هذه التغيرات لا تشكل خطرًا كبيرًا على الصحة العامة حتى الآن، ولا توجد دلائل على قدرته على التسبب في حالات شديدة بشكل يفوق السلالات السابقة.

وعلى صعيد الأعراض، تتفق المصادر الطبية في أن أغلب الإصابات المرتبطة بـ NB.1.8.1 تتشابه بشكل كبير مع أعراض أوميكرون التقليدية، مثل ارتفاع طفيف في الحرارة، وسيلان الأنف، والسعال، والتعب العام. إلا أن عددًا من المرضى أشار إلى شعور واضح بـ التهاب حاد في الحلق يوصف بأنه “حارق” أو “كأن شيئًا حادًا يخدش الحلق”، وهو العرض الذي لفت انتباه الأطباء نظرًا لتكراره لدى المصابين بهذا المتحوّر تحديدًا. كما تم تسجيل بعض الحالات التي تعاني من اضطرابات هضمية مثل القيء أو الإسهال، لكنها ليست سائدة.

المراكز الصحية في أوروبا والولايات المتحدة لاحظت ارتفاعًا تدريجيًا في نسب الإصابات بالمتحوّر، لكنه لا يزال ضمن معدلات متوقعة ولا يدل على موجة وبائية جديدة. كما تؤكد تقارير الصحة العالمية أن اللقاحات الحالية لا تزال توفر حماية قوية ضد الحالات الشديدة، حتى وإن قلّت فعاليتها بشكل طفيف أمام العدوى الخفيفة أو المتوسطة، وهو أمر طبيعي ومتوقع في ظل التطور المستمر للفيروس.

أما في الشرق الأوسط، فقد ذكرت عدة تقارير صحفية أن المتحوّر لم يُرصد بعد في بعض الدول، منها مصر، بحسب تصريحات لمسؤولين صحيين. ومع ذلك، توصي الهيئات الصحية بضرورة الالتزام بجرعات اللقاح المحدثة واتباع التدابير الوقائية الأساسية، خصوصًا للفئات الأكثر عرضة للمضاعفات مثل كبار السن ومرضى الأمراض المزمنة.

وبينما تتعامل منظمة الصحة العالمية مع المتحوّر الجديد ضمن فئة “المراقبة”، فإنه لم يتم تصنيفه ضمن “المتحورات المثيرة للقلق” أو “المتحورات المثيرة للاهتمام”، وهو ما يعكس تقييمًا أوليًا مطمئنًا نسبيًا. وتؤكد المنظمة أن التطور الجيني للفيروس أمر متوقع وطبيعي، وأن رصد المتحوّرات الجديدة هو جزء من المتابعة المعتادة للمرض وليس مؤشرًا على عودة الأزمة العالمية.

ويشير الخبراء إلى أن العالم اليوم في وضع أكثر استعدادًا مما كان عليه في السنوات الأولى للجائحة. فالمختبرات قادرة على تحليل التسلسل الجيني بسرعة، وشركات اللقاحات تمتلك نماذج جاهزة للتعديل في حال ظهرت حاجة لإنتاج لقاح محدث. كما أن أنظمة الرعاية الصحية تملك خبرة كبيرة في التعامل مع حالات كورونا، مما يقلل احتمالات وقوع تأثيرات كبيرة غير متوقعة.

في النهاية، وعلى الرغم من أن ظهور “نيمبوس” أثار نقاشًا واسعًا في وسائل الإعلام ومنصات التواصل، فإن البيانات الحالية لا تشير إلى وجود تهديد صحي خطير. لكن متابعة الوضع تبقى ضرورية، نظرًا لأن الصورة قد تتغيّر مع ظهور المزيد من المعلومات خلال الأسابيع المقبلة. ومع ذلك، يمكن القول بثقة إن المتحوّر الجديد لا يشكّل سببًا للذعر، بل يستوجب فقط درجة مناسبة من الحذر والالتزام بالإرشادات الصحية العامة.

مشاركة على: