"تركيا تلزم المباني بإنتاج مياهها الخاصة ابتداءً من 2026"
في خطوة تهدف إلى مواجهة أزمة المياه المتزايدة، أعلنت وزارة البيئة والتعمير وتغير المناخ التركية أن جميع المباني الكبيرة والمجمّعات السكنية والمراكز التجارية والفنادق ستصبح ملزمة ابتداءً من 1 يناير 2026 بتركيب أنظمة تجميع مياه الأمطار وإعادة استخدام المياه الرمادية. ويأتي هذا القرار ضمن سلسلة من الإجراءات الحكومية لتحسين كفاءة استخدام المياه والحد من الهدر في ظل تغير المناخ وزيادة الطلب على الموارد المائية.
تشير الدراسات الأخيرة إلى أن تركيا تواجه ضغوطًا متزايدة على مصادر المياه الطبيعية، حيث أدى النمو السكاني والتوسع العمراني إلى زيادة استهلاك المياه، بينما تتراجع معدلات الأمطار في مناطق عدة. ويهدف القانون الجديد إلى استغلال المياه بشكل أكثر فعالية من خلال أنظمة حديثة للتجميع والمعالجة، ما يقلل الاعتماد على المياه الجوفية ويحد من الهدر.
أنظمة المياه المطلوبة في المباني
تركز الأنظمة الجديدة على نوعين رئيسيين:
جمع مياه الأمطار: يتم تثبيت خزانات على أسطح المباني لالتقاط مياه الأمطار وتخزينها. تُستخدم هذه المياه لاحقًا في أغراض متعددة مثل ري الحدائق، تنظيف الممرات، أو تعبئة دورات المياه.
إعادة استخدام المياه الرمادية (Greywater): تشمل المياه المستعملة في الغسيل، الاستحمام، أو غسل الصحون، والتي تُعالج بطريقة آمنة لإعادة استخدامها في أغراض غير صالحة للشرب، مثل الري والتنظيف.
ويشير المسؤولون إلى أن هذه الأنظمة ستصبح جزءًا من تصميم المبنى الجديد، بينما سيُطلب من المباني القائمة إجراء تعديلات لتلبية المعايير الجديدة.
المباني المشمولة بالقانون
القانون يركز على المباني الكبيرة ذات الاستخدام المكثف للمياه، بما في ذلك:
- الفنادق والمراكز السياحية الكبرى
- المجمّعات السكنية الكبيرة
- المراكز التجارية والمباني الإدارية
- المباني الحكومية الجديدة أو التي يتم تجديدها
ويُتوقع أن يتم تحديد تفاصيل إضافية لكل فئة من المباني ضمن اللائحة التنفيذية للقانون، بما في ذلك مساحة المبنى، عدد الطوابق، وعدد الوحدات السكنية أو المكاتب.
الفوائد المتوقعة من القرار
1. توفير المياه: يساهم القرار في تقليل الاعتماد على المياه الصالحة للشرب لأغراض ثانوية، مثل الري والتنظيف.
2. تقليل الضغط على الشبكة العامة: خاصة في فترات الذروة والجفاف.
3. دعم الاستدامة البيئية: الاستخدام الفعال للمياه يساهم في حماية الموارد الطبيعية ويقلل من الهدر.
4. خفض تكاليف المياه للمباني: إعادة استخدام المياه يقلل الفواتير الشهرية.
5. تعزيز التوعية البيئية: يشجع السكان على استخدام الموارد بشكل مسؤول ومستدام.
التحديات المحتملة
على الرغم من الفوائد الكبيرة، هناك تحديات قد تواجه تطبيق هذا القرار:
تكلفة التركيب والصيانة: يتطلب تركيب خزانات ومضخات وأنظمة معالجة المياه الرمادية استثمارات مالية.
ضرورة الصيانة الدورية: لضمان سلامة المياه المعاد استخدامها وتجنب أي مشاكل صحية.
التوافق مع المباني القديمة: تحتاج بعض المباني القائمة لتعديلات هيكلية لضمان ملاءمة الأنظمة الجديدة.
توعية السكان والمستخدمين: لضمان الاستخدام الصحيح للأنظمة الجديدة وتحقيق الاستفادة القصوى منها.
إجراءات الاستعداد للمباني الجديدة والقائمة
المباني الجديدة: يجب أن تتضمن خطط التصميم تركيب أنظمة مياه الأمطار وإعادة استخدام المياه الرمادية قبل الحصول على رخص البناء.
المباني القائمة: يُنصح الملاك بتقييم إمكانية تركيب الأنظمة الحديثة وإجراء التعديلات اللازمة لتلبية المعايير الجديدة.
التدريب والتوعية: تقديم برامج تدريبية وإرشادية للمستخدمين حول كيفية استخدام الأنظمة بكفاءة.
ردود الأفعال والمجتمع المدني
تلقت الخطوة الجديدة ردود فعل إيجابية من الجهات البيئية ومنظمات المجتمع المدني، التي اعتبرت القرار خطوة مهمة نحو الاستدامة البيئية والحفاظ على الموارد المائية. وأكد خبراء البيئة أن استخدام تقنيات إعادة تدوير المياه وتخزين مياه الأمطار يمثل حلاً فعالاً للتقليل من ندرة المياه، خصوصًا في المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة.
وفي الوقت نفسه، أبدى بعض المقاولون والملاك قلقهم بشأن التكاليف المالية للتركيب والصيانة، وطالبوا الحكومة بتقديم حوافز مالية أو دعم تقني لتسهيل تطبيق الأنظمة الجديدة على المباني القائمة والجديدة.
أهمية القرار بالنسبة للمستقبل
تأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية شاملة لتعزيز إدارة المياه في تركيا، والتي تتضمن مشاريع لإنشاء خزانات كبيرة، تحسين شبكات التوزيع، وتشجيع الاستخدام المستدام للمياه في القطاعين العام والخاص. ويؤكد الخبراء أن تطبيق القرار سيخفض بشكل كبير الاعتماد على المياه الجوفية، ويحسن كفاءة استهلاك المياه في المباني الكبيرة، ويقلل الهدر في المدى الطويل.
التكنولوجيا المستخدمة
الأنظمة التي سيتم تركيبها تشمل:
- خزانات مياه الأمطار مجهزة بمضخات تحافظ على نظافة المياه وجودتها.
- وحدات معالجة المياه الرمادية تستخدم تقنيات ترشيح وتعقيم متقدمة لجعل المياه صالحة لإعادة الاستخدام في أغراض غير شرب.
- أجهزة مراقبة وتحكم لضمان التشغيل الفعال للنظام وتفادي أي تسرب أو مشاكل في الجودة.
وتشير بعض الدراسات إلى أن الاستثمار في هذه الأنظمة يعود على المباني بتوفير يصل إلى 30-50% من استهلاك المياه السنوي، ما يجعلها اقتصادية على المدى الطويل.
الجدول الزمني للتطبيق
يناير 2026: يبدأ تطبيق القانون على المباني الجديدة والفنادق والمجمعات الكبيرة.
السنوات الثلاث التالية: مراجعة المباني القائمة لتقييم إمكانية تركيب الأنظمة وتقديم الدعم الفني أو المالي عند الحاجة.
2029: الالتزام الكامل بكافة المعايير في جميع المباني المشمولة بالقانون.
وفي نهايه الخبر
القرار الجديد يمثل خطوة استراتيجية لمواجهة نقص المياه وضمان استدامة الموارد الطبيعية في تركيا. وباعتماد نظام تجميع مياه الأمطار وإعادة استخدام المياه الرمادية، ستتمكن المباني من إنتاج جزء كبير من استهلاكها الخاص، مع تقليل الضغط على شبكة المياه العامة، وخفض الهدر، وتحقيق فوائد اقتصادية وبيئية على المدى الطويل. كما يشجع القرار على نشر ثقافة الاستخدام المستدام للمياه بين السكان والمستثمرين والمقاولين على حد سواء، ويضع تركيا على طريق الحلول المستدامة لمواجهة تحديات المياه المستقبلية.