ارتفاع ملحوظ في الطلب على الإيجار بتركيا خلال 2025

يشهد سوق الإيجارات في تركيا خلال عام 2025 واحدة من أكثر فتراته نشاطًا خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفع الطلب على الوحدات السكنية بنسب غير مسبوقة، خاصة في المدن الكبرى وعلى رأسها إسطنبول وأنقرة وإزمير. ويأتي هذا الارتفاع نتيجة مجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تشكلت على مدار العامين الماضيين، وازدادت حدّتها مع بداية 2025، ما جعل الإيجار الخيار الأكثر انتشارًا بين مختلف الفئات السكانية.

أسباب الارتفاع الكبير في الطلب على الإيجارات

توضح البيانات الصادرة عن مكاتب العقارات والمنصات الرقمية أنّ هناك ثلاثة محركات رئيسية تقف خلف هذه الزيادة:

 ارتفاع أسعار شراء العقارات

واصلت أسعار المنازل ارتفاعها خلال الربع الأول من 2025 متأثرة بزيادة تكاليف البناء والمواد الخام، إلى جانب محدودية الأراضي القابلة للبناء داخل المدن الكبرى. هذا الواقع دفع نسبة كبيرة من السكان إلى اختيار الإيجار بدلًا من الشراء، خصوصًا الفئات التي تواجه صعوبة في دفع مقدمات الشراء أو الحصول على قروض سكنية طويلة الأجل.

الهجرة الداخلية والانتقال الوظيفي

تشهد العديد من الولايات التركية حركة انتقال واسعة لأغراض العمل، خصوصًا نحو إسطنبول وأنقرة وإزمير وبورصة وغازي عنتاب. ومع تنامي الفرص الاقتصادية في هذه المدن، ازداد تدفق الباحثين عن فرص جديدة، مما رفع الطلب على الوحدات السكنية المتاحة للإيجار بشكل مباشر.

الطلب الموسمي في الولايات السياحية

ولايات مثل أنطاليا، موغلا، إزمير الساحلية تشهد كل عام زيادة موسمية في الطلب، لكن خلال 2025 ارتفعت النسب أكثر من المعتاد بسبب تزايد نشاط السياحة الداخلية، إضافة إلى تفضيل كثير من الأسر قضاء فترات أطول في المدن الساحلية.

اختلافات واضحة بين الولايات

وفقًا للتقارير، فإن الولايات تشهد تباينًا في حجم الطلب:

إسطنبول: الأعلى طلبًا، خاصة في المناطق القريبة من خطوط المترو والترام والمتروبوس.

أنقرة: ارتفاع ملحوظ في المناطق المحيطة بالجامعات والمجمعات الحكومية.

إزمير: زيادة الطلب في المناطق المطلة على الساحل والمراكز التجارية.

أنطاليا وموغلا: طلب موسمي مستمر، تضاعف هذا العام بسبب الطقس المعتدل وعودة الحركة السياحية القوية.

كما لوحظ ارتفاع في الطلب على الشقق الصغيرة (1+1 و 2+1)، والتي أصبحت الأكثر بحثًا بين الشباب والموظفين الجدد.

تحركات حكومية لضبط السوق

مع تزايد الضغط على سوق الإيجارات، بدأت عدة مؤسسات حكومية وبلديات باتخاذ خطوات لتقليل آثار الارتفاع المتسارع، ومن أبرز هذه الخطوات:

زيادة الرقابة على أسعار الإيجار لضمان عدم المبالغة غير القانونية.

توسيع مشروعات السكن الاجتماعي في بعض الولايات.

تشجيع المطورين على البدء في مشاريع إسكان جديدة في مناطق النمو الحضري.

تسهيل تسجيل عقود الإيجار إلكترونيًا لتقليل المشكلات القانونية بين المالكين والمستأجرين.

وتشير التقديرات الأولية إلى أنّ هذه الإجراءات قد تساهم في استقرار السوق بحلول منتصف 2025.

تأثير التكنولوجيا على حركة السوق

شهدت المنصات العقارية الرقمية في تركيا زيادة ملحوظة في حجم عمليات البحث اليومية، حيث ارتفع النشاط بنسبة تتراوح بين 20% و40% في بعض الأشهر مقارنة بنهاية 2024.

كما أصبحت:

الجولات الافتراضية من أكثر الأدوات استخدامًا لتفقد العقارات.

خرائط الأسعار التفاعلية وسيلة مهمة للمستخدمين لفهم اتجاهات السوق قبل اتخاذ قرار الإيجار.

الذكاء الاصطناعي يُستخدم الآن في ترشيح الوحدات المناسبة بناء على ميزانية ورغبات المستخدم.

توقعات الخبراء لسوق الإيجارات في 2025

يتوقع محللون عقاريون أن يستمر الطلب القوي خلال النصف الأول من العام، مدعومًا بارتفاع أسعار السكن واستمرار الحركة الاقتصادية القوية في المدن الكبرى.

لكن مع بدء تشغيل بعض مشروعات الإسكان الحكومية والخاصة، قد يشهد السوق استقرارًا نسبيًا في الربع الأخير من العام، بشرط عدم حدوث ارتفاعات جديدة في تكاليف البناء.

كما يشير الخبراء إلى زيادة توجه المستأجرين لاختيار المناطق البعيدة نسبيًا عن المراكز الحضرية، والتي توفر أسعارًا أقل وخدمات نقل متطورة.