ركاب السكك الحديدية بالصين يتجاوزون 4.3 مليارًا

شهد قطاع النقل بالسكك الحديدية في الصين خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2025 أداءً قياسيًا لم يسبق له مثيل، إذ تجاوز عدد الركاب المسجل 4.3 مليار شخص، ما يعكس استمرار الطلب الكبير على السفر بالقطارات داخل البلاد، ويؤكد على الدور المحوري للسكك الحديدية في حياة المواطنين والاقتصاد الوطني. وأوضحت التقارير الرسمية الصادرة عن وزارة النقل الصينية أن هذا الرقم يمثل زيادة ملحوظة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، ويعكس النمو المستمر في الاعتماد على السكك الحديدية كوسيلة نقل آمنة وسريعة ومريحة.

تعتبر الصين اليوم من الدول الرائدة عالميًا في مجال النقل بالسكك الحديدية، إذ تحتل شبكة السكك الحديدية الصينية المرتبة الأولى عالميًا من حيث طول المسارات وعدد الركاب الذين يستفيدون منها سنويًا. وقد ساهمت الاستثمارات الحكومية الضخمة في توسيع خطوط السكك الحديدية عالية السرعة وتحديث المحطات القائمة، إضافة إلى إدخال قطارات حديثة تتمتع بتقنيات متقدمة لتوفير تجربة سفر أفضل للركاب.

أظهرت البيانات الرسمية أن حركة الركاب تتوزع بشكل متوازن بين الرحلات الداخلية الحضرية والرحلات الإقليمية الطويلة، حيث يمثل السفر داخل المدن حوالي 65% من إجمالي حركة الركاب، فيما يستحوذ السفر بين المدن الكبرى على نسبة 35%. وقد ساهمت القطارات عالية السرعة في تخفيف الضغط عن الطرق السريعة والمطارات، مع تعزيز سرعة النقل وتقليل أوقات الرحلات بشكل ملحوظ.
خلال موسم العطلات والمناسبات الوطنية، شهدت السكك الحديدية ارتفاعًا غير مسبوق في أعداد الركاب، ما دفع شركات النقل إلى زيادة عدد الرحلات بشكل كبير لتلبية الطلب المتزايد وضمان راحة المسافرين. وتم تجهيز القطارات الحديثة بمرافق متقدمة تشمل مقاعد مريحة، إنترنت عالي السرعة، أنظمة ترفيهية، ومرافق طعام ومشروبات، ما يجعل تجربة السفر أكثر راحة ومتعة للركاب.

وعلى صعيد البنية التحتية، أعلنت وزارة النقل الصينية عن خطط مستقبلية طموحة تشمل إضافة أكثر من 2000 كيلومتر جديد من خطوط السكك الحديدية عالية السرعة بحلول نهاية 2026، إضافة إلى تحديث المحطات القديمة وتوسيع مرافق الشحن والخدمات اللوجستية. كما يتم العمل على تطوير محطات جديدة في المناطق الريفية والنائية لتسهيل وصول المواطنين إلى الشبكة الوطنية وتوفير خيارات سفر متكاملة.
ويولي المسؤولون اهتمامًا كبيرًا بـ التحول الرقمي للسكك الحديدية، حيث تم تطبيق أنظمة الحجز الإلكتروني وإدارة البيانات الكبيرة وتحليل حركة الركاب لتخطيط أفضل للرحلات وتقليل الازدحام وتحسين جودة الخدمات. كما ساهمت هذه الإجراءات في تحسين كفاءة التشغيل، تقليل أوقات الانتظار، وضمان توزيع أفضل للقطارات خلال ساعات الذروة

تلعب السكك الحديدية دورًا مهمًا في الاقتصاد الصيني، إذ تسهم بشكل مباشر في نقل العمالة بين المدن، دعم السياحة الداخلية، وتحريك البضائع بين المراكز الصناعية المختلفة، ما يعزز التنمية الاقتصادية المستدامة. كما تستثمر الصين في تطوير خطوط السكك الحديدية الدولية، مثل مشاريع الربط بين الصين وأوروبا، لتعزيز حركة التجارة والبضائع بين القارات، وفتح أسواق جديدة للشركات الصينية.

وأكدت وزارة النقل أن التدريب وتطوير الكوادر البشرية للسكك الحديدية كان له دور كبير في تحسين جودة الخدمات، حيث تم تدريب آلاف الموظفين على إدارة القطارات الحديثة، التعامل مع الركاب، وتطبيق أعلى معايير السلامة. وقد أدى هذا الاستثمار في الموارد البشرية إلى رفع مستوى الخدمات وزيادة رضا الركاب بشكل ملموس.

من ناحية البيئة، تشهد الصين اهتمامًا متزايدًا بالحد من الانبعاثات الضارة، ويعد النقل بالسكك الحديدية خيارًا صديقًا للبيئة مقارنة بالنقل البري والجوي، لما يوفره من تقليل استهلاك الطاقة وخفض الانبعاثات الكربونية. ويشجع هذا العامل المواطنين على الاعتماد أكثر على القطارات كوسيلة نقل أساسية ومستدامة.

كما تعزز الحكومة الصينية من استخدام التكنولوجيا الحديثة في تشغيل القطارات، بما في ذلك نظم التحكم الذكية، المراقبة المستمرة للحركة، وأنظمة الأمان المتقدمة، لضمان سلامة الركاب وتقليل المخاطر. وقد أظهرت هذه التكنولوجيا فعاليتها خلال الفترات الأخيرة، حيث لم تسجل أي حوادث كبيرة مع تزايد أعداد الركاب.

وتشير التقديرات إلى أن قطاع السكك الحديدية سيستمر في النمو خلال السنوات المقبلة، مع اكتمال المشاريع الجديدة وتوسيع الشبكة لتشمل مناطق إضافية، بالإضافة إلى إدخال قطارات أسرع وأكثر راحة، ما يعزز من تجربة السفر ويضمن تلبية الطلب المتزايد.

ويعتبر قطاع السكك الحديدية أحد القطاعات الحيوية في الصين، حيث يسهم بشكل مباشر في تعزيز السياحة الداخلية، دعم حركة التجارة، وتسهيل التنقل بين المدن الكبرى والصغرى، وهو ما يجعل الاستثمار فيه ذا أولوية استراتيجية للحكومة الصينية.

تتضمن الخطط المستقبلية أيضًا توسيع برامج التدريب المهني للموظفين، وتحسين خدمات العملاء، وتوفير دعم أكبر للركاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، بما يضمن شمولية الخدمات واستفادة جميع المواطنين من مزايا السكك الحديدية.

وفي الختام، تؤكد الإحصاءات الحالية أن السكك الحديدية الصينية تمثل نموذجًا عالميًا في النقل الفعال والآمن، مع استراتيجيات واضحة لتوسيع الشبكة، تحسين الخدمات، والاستثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية، مما يعكس التزام الحكومة بتحقيق نمو مستدام وتلبية احتياجات المواطنين في جميع أنحاء البلاد.