لماذا لا تظهر بعض الجنسيات في الإحصائيات الرسمية؟

لماذا لا تظهر بعض الجنسيات في الإحصائيات الرسمية؟
لماذا لا تظهر بعض الجنسيات في الإحصائيات الرسمية؟

لماذا لا تظهر بعض الجنسيات في الإحصائيات الرسمية؟

يثير غياب بعض الجنسيات أو تراجع حضورها في الإحصائيات الرسمية تساؤلات متكررة، غالبًا ما تُفسَّر على نحو مبسّط أو مثير. غير أن القراءة الدقيقة للبيانات تُظهر أن “الاختفاء” في كثير من الحالات لا يعني مغادرة فعلية أو قرارًا سياسيًا، بقدر ما يعكس تغيّرًا في طرق القياس والتصنيف وتحديث السجلات.

الإحصائيات السكانية ليست صورة ثابتة تُلتقط مرة واحدة، بل منظومة ديناميكية تتغيّر بتغيّر مصادر البيانات ومعايير إدراجها. فعندما تُحدَّث قواعد البيانات أو يُعاد تعريف فئة معينة (مثل نوع الإقامة أو الوضع القانوني)، قد تنتقل أعداد من خانة إلى أخرى دون أن يتغير وجودها على الأرض.

أحد العوامل المؤثرة يتمثل في تبدّل الوضع القانوني للأفراد. الانتقال من إقامة مؤقتة إلى إقامة مختلفة، أو من وضع مسجّل إلى غير مسجّل في فترة التحديث، قد يؤدي إلى إعادة توزيع الأرقام عبر جداول متعددة، ما يعطي انطباعًا بتراجع جنسية معيّنة بينما هي في الواقع أعيد تصنيفها.

كما تلعب دورية التحديث دورًا مهمًا. فالفجوة الزمنية بين جمع البيانات ونشرها قد تُخفي تحركات حديثة، أو تُظهر أرقامًا لا تعكس الواقع الآني. ومع اختلاف توقيتات التحديث بين الجهات، تتباين النتائج المنشورة ويزداد الالتباس.

العامل المنهجي حاضر أيضًا. بعض الإحصائيات تُبنى على مكان التسجيل الرسمي لا مكان الإقامة الفعلية، أو على نوع معيّن من التصاريح دون غيرها. في هذه الحالات، قد تختفي جنسية من تقرير معيّن لتظهر بوضوح في تقرير آخر يعتمد معيارًا مختلفًا.

ولا يمكن إغفال العامل الديموغرافي؛ فالعودة المؤقتة، التنقّل الموسمي، أو تغيّر أنماط الإقامة، كلها عوامل تُعيد تشكيل الأرقام دون أن تعكس بالضرورة تغيّرًا دائمًا في حجم الوجود.

الخلاصة أن قراءة الإحصائيات تتطلب فهمًا للسياق والمنهج قبل الاستنتاج. غياب جنسية من جدول معيّن لا يعني اختفاءها من الواقع، بل غالبًا ما يشير إلى تحوّل في طريقة العدّ أو في تعريف الفئة. والتمييز بين التغيّر المنهجي والتغيّر الواقعي هو الفاصل بين التحليل المهني والقراءة السطحية.

مشاركة على: