"هبة الله "فارسة من غزة بلا قدم تصعد الخيل رغم أنف الإعاقة
من رحم المعاناة يولد الأمل, هناك الكثير من القصص المؤثرة والملهمة في المجتمع من حولنا ,فقصة الشابة الفلسطينية هبه الله شاهين نموذجاً يُحتذى به في كسر قالب كلمة المستحيل الصلبة، وتحدي الإعاقة الجسدية التي وُلدت بها؛ لتحقق حلم الطفولة الذي رافقها طوال سنوات عمرها بركوب ظهر الخيل.
"هبة"، صاحبة الـ17 ربيعاً، من سكان مدينة غزة، لم تكن يوماً تنظر إلى بتر قدمها بأنه إعاقة ستمنعها عن تحقيق حلمها الكبير؛ بل كان دافعاً ومشجعاً لها ولعائلتها بالعمل المتواصل والمشترك لتحدي الإعاقة؛ للوصول نحو خط المستحيل الذي كانت ترسمه في لوحاتها منذ الصغر.
شاهين لم تمتعها الإعاقة من تحقيق حلمها الذي أصبح حقيقة مع مرور الأيام ،تمتطي ظهر حصانها فيخطفها بعيداً ويركض بها في كل مكان، متمايلةً مع قفزاته وتحركاته، تماماً كما كانت تحلم منذ الصغر، فالإرادة القوية وتحدي الإعاقة وتحقيق حلم الطفولة، أصبحت العناوين البارزة والأهم لقصة هبة الله"
تحمل "هبة الله" من اسمها نصيب فهي الابنة البكر لعائلتها والتي زارتهم بعد طول انتظار ,ولدت هبة ببتر خلقي في القدم اليسرى وهي حالة من النادر حدوثها في العالم، على رغم من مصابهم وحزنهم إلا أنهم أصروا على تزين حياتها ووفروا لها كل الرعاية والاهتمام وأبعدوها عن سلبيات الإعاقة الجسدية، لترعى وسط حب ودعم وتشجيع من طفولتها حتى اليوم.
إصابة "هبة الله" بالبتر الخلقي حالة نادرة تصيب الأجنة وتحدث بنسبة حالة بين كل 200 ألف حالة حول العالم، وهي الأولى على مستوى فلسطين، وتسمى علمياً (Congenital amputation )، فكانت العلاقة بينها وبين "الطرف الاصطناعي" تكاملية وتعودته لدرجة كانت تنسى أحياناً أنها لا تملك قدماً.
تتحدث "فارسة غزة " كما يطلق عليها في مدينتها للإعلام فتقول : "وُلدت دون قدم، وبفضل الله وتشجيع ورعاية عائلتي، كان لدي حلم العمر في ركوب ظهر الخيل، والآن أصبح حقيقة رغم إعاقتي الجسدية".
وتتابع حديثها : "لا أعرف كلمة (مستحيل) في قاموس حياتي، وبإرادتي القوية والصلبة ودعم والدي وأصدقائي تجاوزت كل المحن والصعاب، وسلبيات الإعاقة، لأحقق في النهاية حلمي الكبير بركوب الخيل والتجول من على ظهرها؛ لأكون فارسة غزة كما يفضل أن يطلق عليّ بعض الأصدقاء"
أثبتت هبة بإرادتها وقوتها لكل من كان لا يصدق في السابق أن هبة الله التي لا تملك قدماً لن تستطيع ركوب الخيل، فليرى الآن ماذا تفعل الإرادة والقوة".
منوهة إلى أن إعاقة العقل أكبر من إعاقة الجسد، وإذا كان العقل سليماً فلا يمكن أن يبقى شيء اسمه مستحيل
وراء هذه الإرادة العظيمة تقف والدة هبة تغريد شاهين، والتي كان لها الفضل الكبير في تحقيق ابنتها حلمها الكبير، أكدت خلال حديثها أن"الطرف الاصطناعي وتأقلم ابنتي على ارتدائه منذ العام الأول من عمرها ساعداها بشكل كبير في تخطي أزمات الإعاقة والتعايش معها بصورة إيجابية".
وقالت للإعلام أنهم حاولوا دائماً بتوفير كل الأجواء الإيجابية ومنح (هبة الله) الثقة والمحبة والاهتمام والتشجيع الكبير، حتى أصبحت مثقفة وتملك من الإرادة والقوة الكثير، لتخطي أزمات الحياة والمعيشة، والتعامل بإيجابية مع إعاقتها الجسدية وتحقيق حلمها الكبير".
وبكل فخر ومحبة تتحدث والدة هبة وتضيف : "ابنتي تملك من الإرادة الكثير حتى إنها ترفض أن تغطي طرفها الاصطناعي بالملابس التي ترتديها، وتصر دائماً على أن تُظهره للجميع للتعايش معه، وتثبت لنفسها ولكل من يشاهدها أن إرادة العقل والطموح أقوى كثيراً من إعاقة الجسد".
وختمت حديثها بوصف السعادة التي تحيط بابنتها حين تركب ظهر الخيل قائلة تعد هذه اللحظات أجمل لحظات حياتها وهي تتجول منطلقةً في الهواء كنسمة رقيقة
وكشفت شاهين أن ابنتها الفارسة هبة الله تتدرب في هذه الفترة كثيراً للدخول في مسابقة القفز على الحواجز للخيول، وبذلك تكون حققت الحلم الأول، وننتظر الآن حلمها الثاني بالفوز بالبطولة الكبيرة".