حيي "زيرك" و"جبالي" بإسطنبول...من هنا مرّ "مرادعلمادار"
جذب حيي "زيرك" و"جبالي" الشهيرين، أقدم أحياء إسنطنبول القديمة، شركات الإنتاج لتصوير الأعمال الفنية التي صنعت الدراما التركية .
ومن أبرز تلك الأعمال، التي حظيت بمشاهد طبيعية في الحيين، "وادي الذئاب"، "على مر الزمان"، و"عاصمة السلطان عبد الحميد"، والتي حظيت بشعبية واسعة في تركيا والعالم العربي، بعد دبلجتها.
ويضم الحيّان أزقة ضيقة، وبيوت خشبية قديمة، استطاعت أن تحولهما إلى استديو تصوير طبيعي، يجذب منتجي الأفلام والمسلسلات والإعلانات التركية.
وعلى مدار سنوات، استضاف الحيّان أشهر المسلسلات والأفلام التركية، وما زالا يحافظان على عبق تاريخ المدينة.
إقرأ أيضا / المنافسة على نسب المشاهدة ترتفع بين"الفاتح" و"قيامة أرطغرل"
ووضعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونيسكو"، العام 1985، "زيرك" ضمن قائمة التراث العالمي الذي يجب حمايته.
الأحياء القديمة في إسطنبول، تتميز بشوارعها الضيقة المرصعة بالحجارة العتيقة على جدرانها وبيوتاتها القديمة، وهذا ما يمكن مشاهدته في حيي "زيرك" و"جبالي"، وهو السر في جذب المنتجين.
وإلى جانب الأعمال الفنية المذكورة، هناك مسلسلات أخرى جرى تصويرها، كمسلسل "في الداخل" المدبلج للعربية، و"الحفرة" الذي يجري استكمال تصويره حالياً، ويعرض على القنوات التركية.
وشهد الحي نفسه تصوير عدة أفلام في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، أدّى معظم أدوارها، الممثل التركي "كمال سونار"، المعروف بـ"شعبان"، فضلاً عن أفلام أخرى بقيت خالدة في تاريخ السينما التركية، وثقت جمالية الحي القديم.
كما استضاف عدداً كبيراً من الإعلانات التجارية المصورة، حيث ساهمت طبيعة الحي في استقطاب شركات الإعلان كذلك.
واستضاف حي "زيرك"، مشاهد لا تنسى في المسلسلات الشهيرة؛ منها مشاهد إلقاء نجاتي شاشماز، المعروف عربیا بـ"مراد علمدار"، القبض على عصابة من منتجي المخدرات، وانتشار القناصة في المنطقة المحيطة، قبيل تفجير المصنع.
وفي حي "جبالي" المجاور لـ"زيرك"، صُوّر مسلسل "على مر الزمان"، واستضاف موسماً كاملاً من المسلسل الذي جرى تصويره العام 2010.
ويتناول المسلسل أحداثاً وقعت في ستينيات القرن الماضي، حيث يؤرخ لتلك المرحلة من تاريخ تركيا.
ولا تستغني شركات الإنتاج عن تصوير مشاهد، ولو قصيرة، من مسلسلاتها في هذا الحي الذي اكتسب شهرته من الأعمال الفنية التي صورت فيه.
في مكان مميز داخل الأسوار القديمة لإسطنبول، وقرب حي فاتح، يتخذ حي "زيرك" مكانه، في منطقة مرتقعة تطل على خليج "القرن الذهبي"، يمكن من خلالها رؤية أرجاء المدينة في مزج ما بين التاريخ والحضارة.
ويطل الحي على مضيق البوسفور، كما يمكن من خلاله مشاهدة مختلف معالم إسطنبول.
وحسب مصادر تاريخية، فإن الحي يضم آثارا إسلامية ومسيحية، تعود إلى فترة ما قبل فتح المدينة.
وما أن تطأ قدميك الحي، حتى تستنشق عبق التاريخ المتمثل في الأزقة الحجرية الضيقة، والبيوت الخشبية القديمة المستوحاة من الفن المعماري العثماني، والمحتفظة بأصالتها.
ويمكن من خلال إطلالة الحي، رؤية الجوامع القديمة، والكنائس والحمامات التاريخية التي يعود قسم منها إلى مئات السنين، فضلاً عن عدد كبير من الآثار البيزنطية.
وفي الحي جامع يحمل نفس اسمه، هو في الأصل واحد من أهم الكنائس، التي تعود للفترة البيزنطية، بنيت في القرن الحادي عشر، قبل أن يحولها السلطان العثماني، محمد الفاتح إلى جامع، بعد فتح القسطنطينية (إسطنبول) العام 1453م.
وبعد اكتساب الجامع اسم "زيرك"، تم تسمية الحي كذلك بالاسم نفسه، وما زال يحافظ على موقعه رغم التطور الكبير الذي شهدته إسطنبول.
ويستضيف الحي مقام الخطاط التركي والعالم، محمد أمين توقاتي، (توفي 1745)، وعدداً من الأماكن الروحانية، فضلاً عن المقاهي القديمة التاريخية، التي تشكل مقصدا للسياح والزائرين من تركيا وخارجها.
ومع التجول في هذه المنطقة، يمكن التعرف أكثر على التاريخين البيزنطي والعثماني.
ويستطيع الزائرون الاطلاع على القسطنطينية (قديماً) وإسطنبول (حالياً) بنفس الوقت، في لوحة تمزج عبق التاريخ وتقدم العلم والحضارة، لتجسد مقولة "إسطنبول هي ملتقى الحضارات".