خبراء: روسيا وتركيا وإيران بحاجة إلى زيادة التعاون الاقتصادي
أكد خبراء أن الدوافع الاقتصادية ساهمت بشكل كبير في إذابة الخلافات السياسية بين تركيا وروسيا وإيران، وسط توقعات باتجاه الدول الثلاث نحو تشكيل تحالف اقتصادي بالتعاون مع الصين، في مواجهة الضغوطات الغربية والأمريكية.
عقدت تركيا وروسيا وإيران الدول الثلاث الضامنة لأطراف الصراع في سوريا، أمس الأربعاء، قمة لبحث الأزمة السورية ومستقبلها في ظل حديث أمريكي عن الانسحاب من هناك.
ورغم تباين آراء الدول الثلاث في الكثير من القضايا الإقليمية بشكل عام والسورية بشكل خاص، إلا أنها تناست جميع خلافاتها لتشكل آلية حل تعتبر حتى الآن الأكثر فاعلية وتأثيراً في إيجاد حل للمشكلة السورية، نظراً لغيرها من الآليات الأخرى مثل جنيف وغيرها.
إقرأ أيضا/ أردوغان: وضعنا خطوات جديدة لتحقيق السلام في سوريا
وجاءت قمة أنقرة الثلاثية، بعد سنوات من التوتر والخلاف السياسي، شهدته العلاقات التركية الروسية الإيرانية، خاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية، بلغ ذروته بين موسكو وأنقرة بعد إسقاط طائرة حربية تركية لقاذفة روسية على الحدود مع سوريا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015.
وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة "عربي 21" عن خبراء ومحللي اقتصاد، قولهم إن الدوافع الاقتصادية ساهمت بشكل كبير في إذابة الخلافات السياسية بين تركيا وروسيا وإيران، وسط توقعات باتجاه الدول الثلاث نحو تشكيل تحالف اقتصادي بالتعاون مع الصين، في مواجهة الضغوطات الغربية والأمريكية.
ويرى مراقبون أن روسيا وتركيا وإيران بحاجة إلى زيادة التعاون الاقتصادي، لافتين إلى أن الاقتصاد التركي رغم تحسن مؤشراته وارتفاع معدلات نموه إلا أنه يواجه تحديات وضغوطات غربية نتيجة مواقف أنقرة السياسية، وفي المقابل تحاول كل من موسكو وطهران الالتفاف على العقوبات الأمريكية والدولية من خلال التعاون الاقتصادي مع أنقرة.
وأظهرت بيانات البنك الدولي في 2016، أن الناتج المحلي الإجمالي للدول الثلاث يبلغ 2.5 ترليون دولار، لافتة إلى أن الناتج الروسي يبلغ 1.283 ترليون دولار، والتركي 836 مليار دولار، والإيراني 418 مليار دولار.
وفي هذا السياق، صرح الرئيس الإيراني حسن روحاني قبل توجهه لأنقرة، بأن بلاده تجمعها قضايا اقتصادية مع تركيا بما فيها التعاون في مجالات الشحن والنقل، وأن روسيا لديها استثمارات جيدة داخل إيران في مجالات السكك الحديدية والمحطة النووية والنفط والغاز.
وتبني روسيا وتركيا خط أنابيب "ترك ستريم" للغاز تحت البحر الأسود الذي سيسمح لموسكو بضخ الغاز إلى أوروبا وتجنب أوكرانيا وزيادة أهمية تركيا كمركز عبور، كما وضع أمس الرئيسان التركي والروسي حجر الأساس لمحطة "آق قويو" التركية للطاقة النووية في مدينة مرسين التركية.
وشهدت العلاقات الاقتصادية بين تركيا وروسيا تحسنا لافتا في الأشهر الأخيرة رغم أنها ما زالت متأثرة بالعقوبات الاقتصادية التي فرضها بوتين عقب إسقاط الطائرة الروسية، إلى جانب عودة السياح الروس إلى تركيا بقوة ووصول عددهم إلى 4.5 ملايين سائح في عام 2017.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة السوربون في باريس، كميل ساري، إن تركيا وروسيا وإيران يتجهون بالتعاون مع الصين إلى تشكيل تعاون اقتصادي، في محاولة من روسيا وإيران للبحث عن مخرج لتفادي العقوبات الاقتصادية الدولية والحظر المالي على بعض البنوك والشركات.
وأضاف الخبير الاقتصادي بأن "من الممكن تشكيل تحالف اقتصادي بين موسكو وأنقرة وطهران بالتعاون مع بكين، لكنه سيظل في إطار هامش للتحرك تحت رقابة الهيمنة المالية الأمريكية، التي تستخدم سلاح الحظر المالي في مواجهة أي تهديدات لمصالحها الاقتصادية والتجارية".
وأوضح "ساري" أن 80 في المئة من مبادلات الطاقة العالمية تمر عبر الدولار الأمريكي تحت رعاية البنك المركزي الأمريكي "الاحتياطي الفيدرالي"، وهناك عقوبات أمريكية يفرضها القضاء الأمريكي لمن يخالف قواعد عبور الأموال بين البنوك والمؤسسات المالية الدولية.
بدوره قال الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، إن العلاقات الاقتصادية بين الدول لا تغيب كثمرة أو دافع للأداء السياسي، خاصة في ظل الدول الثلاث التي ضمتها قمة أنقرة، مضيفا: "من الصعوبة بمكان ألا تقرأ التحركات السياسية على الصعيد الإقليمي بعيدا عن الأحداث الملتهبة التي تشهدها المنطقة".
وأكد الصاوي أن العلاقات التجارية والاقتصادية لتركيا مع إيران وروسيا يمكنها أن تعوض النقص الحاصل لتوتر علاقاتها مع بعض دول المنطقة التي تمارس أعمالا من شأنها أن تضعف الموقف السياسي التركي في الداخل والخارج.