حديقة مينيا تورك قبلة السياح للتعرف على أهم المعالم السياحية والأثرية في تركيا
نيو ترك بوست - خاص - بمجرد دخولها إلى مينيا تورك ركضت نورهان وهي تكلم شقيقتها بلهجة مصرية إلى السلالم المؤدية إلى الحديقة نزولا قائلة "إنها تركيا بكل معالمها".
ولم يتجاوز على وجود نورهان وعائلتها في إسطنبول سوى عدة أيام لتكن حديقة مينيا تورك من أوائل وجهاتهم السياحية للتعرف على الأماكن الأثرية والتراثية في تركيا قبل البدء بزيارة معظمها فعليا بحسب ما تخطط له العائلة.
وأول ما لفت انتباه نورهان في الحديقة نموذجا لمطار أتاتورك الدولي الذي كان المحطة الأولى للعائلة في إسطنبول حيث المدرج وعدة مجسمات لطائرات غالبيتها تركية، فيما كانت تستعد إحداها للإقلاع بحسب ما يدل الصوت الصادر عنها.
وتضم حديقة مينيا تورك التي افتتحت عام 2003 بمشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء آنذاك مجسمات وضعت بطريقة منظمة أمامها ممرات خاصة ليكتشفها الزائر عن قرب وبكل تفاصيلها لـ 126 معلما سياحيا وأثريا من جميع أرجاء تركيا وبعض الدول التي كانت تحت ولاية الدولة العثمانية.
ويتعرف الزوار من خلال الحديقة المقامة على مساحة 60 ألف متر مربع على تاريخ تلك المعالم من خلال لوحات تعريفية وضعت بجانب كل معلم، ويمكنهم كذلك الاستماع لشرح واف عنها بتسع لغات من ضمنها العربية.
وتقول نورهان بينما كانت تقف أمام مجسم لبرج غلاطة الشهير متأملة تفاصيله لنيو ترك بوست، "بالفعل هو نسخة مطابقة للأصل بكل التفاصيل لقد زرناه فهو يقع بالقرب من الفندق الذي نقيم فيه في منطقة تقسيم في اسطنبول".
وبينما كانت نوهان تنظر حولها للمجسمات التي صنعت بدقة كانت شقيقتها مروة تقف أمام مجسم لمسجد السلطان أحمد المعروف بالجامع الأزرق في إسطنبول وهي تلتقط لنفسها الصور أمامه بصحبة والدتها.
وظهرت على ملامح مروة سعادة كبيرة وهي تقول ضاحكة لنيو ترك بوست "هذه المجسمات فرصة لالتقاط صور السلفي فهي لا تحتاج إلى فنيات تصوير أو برامج متخصصة ليظهر الإنسان بحجم المعلم السياحي أو حتى أكبر منه".
وتختلف قياسات المجسمات من حيث التصغير للمعالم التي تم ضم الكثير منها إلى قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم (اليونسكو).
وتحكي مينيا تورك الواقعة على ضفاف القرن الذهبي قريبا من مضيق البسفور بمجسماتها حكايات لحضارات تمتد لنحو ثلاثة آلاف عام وتركت آثارا في تركيا من اليونان القديمة إلى روما والإمبراطورية البيزنطية، ومن السلاجقة إلى العثمانيين.
وركضت زينب وهي تركية نحو نموذج لجسر يعتز به مواطنوها وهو جسر شهداء 15 تموز/يوليو والذي تم تغيير اسمه من جسر البسفور إلى هذا الاسم عام 2016 لإحياء ذكرى شهداء محاولة الانقلاب التي وقعت في تركيا آنذاك.
وكان جسر البسفور الذي يربط القسم الأوروبي من إسطنبول بالقسم الأسيوي منها فوق مضيق البسفور هو أول ما تم إغلاق جزء منه من قبل الجنود الانقلابيين "عناصر منظمة غولن" في 15 تموز عام 2016 بالدبابات.
وتقول زينب وقد بدى على وجهها الحزن لنيو ترك بوست، "كانت تجربة قاسية بمعنى الكلمة، فهؤلاء لا يريدون الخير لتركيا وإلا ما كانوا فعلوا ما قاموا به من تخريب وقتل لكن تركيا عصية عليهم وعلى أمثالهم".
وتشير زينب وهي تقف فوق مجسم الجسر وتحتها المياه إلى بعض نماذج السفن التي كانت تسير فيها وبعضها سياحية وأخرى قطع حربية، إضافة إلى سفن تاريخية كانت قد صنعت منذ عصور.
وترى زينب أن حديقة مينيا تورك "لم تترك شيئا في تركيا إلا وتحدثت عنه بمجسماتها ونماذجها، فهي ثرية بالمعلومات التي تفيد الأتراك والسواح على حد سواء".
ولاحظت زينت وهي تقف في الأعلى بالقرب من مجسم قلعة روملي حصار الشهيرة في تركيا على ضفاف مضيق البسفور وجود مجسم لقبة الصخرة والمسجد الأقصى المبارك في مدينة القدس الفلسطينية فركضت نحوهما لتجد مواطنين أتراك آخرين يلتقطون الصور إلى جانبهما لما لهما من مكانة خاصة ومقدسة في نفوسهم.
وعلى بعد مسافة قليلة من المجسمين كان شاب فلسطيني يدعى أحمد واقفا يتأمل تفاصيلهما وزخارفهما وقد انتابته الحسرة لاستمرارهما تحت الاحتلال الإسرائيلي.
ويقول أحمد وهو من مدينة رفح جنوب قطاع غزة لنيو ترك بوست " عمري الآن أربعة وعشرون عاما ولم يسبق لي أن زرت مدينة القدس وصليت في المسجد الأقصى وشاهدت قبة الصخرة فغزة في حصار دائم".
ويضيف "منذ ولادتي ونحن في قطاع غزة ممنوعون من زيارة القدس فزيارة سكان القطاع إلى المدينة المقدسة أو سواها من المدن الفلسطينية في الضفة الغربية تخضع لقوانين إسرائيلية صعبة لا تنطبق أي منها على جيل الشباب".
ويردف أحمد أن وجود مجسم الأقصى وقبة الصخرة في حديقة مينيا تورك التي يزورها لأول مرة منذ وجوده في إسطنبول منذ نحو ستة أشهر أتاح له الاطلاع على أدق تفاصيلهما، معربا عن أمله بزيارتهما في مدينة القدس وقد تحررت من الاحتلال.
ويقول القائمون على حديقة مينيا تورك، إنها تستقبل 800 ألف زائر سنويا، ربعهم من غير الأتراك، وخاصة من العرب.
وتحتوي حديقة مينيا تورك إلى جانب المجسمات نماذج لشوارع تركية وأنفاق وسكك حديد وشلالات وجبال أثرية وتلفريك إضافة إلى ملعب صنع باحترافية كبيرة حيث يستطيع الزائر النظر إلى المدرجات حول الملعب الذي يدخله الفريقان وسط الهتافات والتصفيق.
كما تحتوي الحديقة التي تعد واحدة من 18 حديقة للنماذج المصغرة في العالم، على مقاهي وألعاب أطفال.
وتتيح الحديقة لزوارها الاستمتاع بجولة افتراضية مدتها 12 دقيقة في إسطنبول، وأخرى مدتها 14 دقيقة في تركيا عن طريق صور مأخوذة من الأرض والجو لأشهر المعالم التركية.
اقرأ المزيد| مينيا تورك إسطنبول...معالم تركيا في مكان واحد