لماذا يحب الأتراك القطط والكلاب ؟
إسطنبول - نيو ترك بوست
لطالما ارتبط الشعب التركي مع الحيوانات الأليفة لاسيما القطط والكلاب بعلاقة خاصة، تنبع من وعيه العميق بمسألة الرّفق بالحيوان، و إيمانه بمعتقدات راسخة تتعلق بجلب الحظ والبركة.
وتعود هذه العلاقة المتينة بين الأتراك والحيوانات الأليفة إلى جذورٍ تاريخية قديمة، ففي العهد العثماني، كانت هناك أوقافٌ خاصّة لرعاية وحماية وإيواء القطط والكلاب، وأوجِدت مهنٌ خاصّة بالاعتناء بهذه الحيوانات، ويمارسُها أشخاصٌ مُحدّدون يقومون بجمع الطعام وتوزيعه على القطط والكلاب والطيور، وآخرون متخصّصون في إعداد بيوتٍ خاصّة لها في الأحياء. وكانت الأوقاف تدفعُ راتباً لمن يقوم بهذا العمل.
ويعتبر الأتراك أنّ "حبّ القطط من الإيمان"، إذ يوجدُ لديهم مُعتقدٌ راسخ يعتبر أنّ القطط بالضبط حيواناتٌ يمكنها أن تجلب للبشر البركة والحظ إذا ما كانوا رفيقين بها، محبّين لها، أمّا في حالةِ العكس، فقد تجلبُ لهم الشؤم وسوء الحظ طول حياتهم.
ولا تزال المعتقدات القديمة لدى الأتراك حول القطط قائمة حتى اليوم، فإضافة إلى كونهم يؤمنون بأن في تربيتها تعد اتباعا لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، يرى بعضهم أن القطط الصفر تجلب الخير على عكس القطط السود التي تجلب الشؤم، بحسب ظنهم.
وتعتقد بعض الثقافات أن القطط لها تسعة أرواح بينما يعتقد آخرون أن لها سبعة فقط، ومنهم من يظن أن لها تأثيرا في الشفاء، وفق تي ار تي عربي.
وتنفرد مدينة إسطنبول بمشاهد للقطط والكلاب لا مثيل لها في العالم، إذ تجد تلك الحيوانات حرية كبيرة في التجول بين سكان المدينة، دون التعرض للأذى بخلاف جُل مدن العالم التي يعاني سكانها من القطط والكلاب.
وفي شوارع المدينة يدهشك التعايش والانسجام بين السكان من جهة، والقطط والكلاب من جهة أخرى، فالكلاب تتجوّل بحرية، والآلاف من القطط تتدلّل على أرجل رواد المطاعم، ليشاركونها وجباتهم.
وانطلاقاً من علاقة التعايش تلك، دخلت القطط والحيوانات معترك الحياة السياسية في تركيا، وباتت ضمن أجندة البرامج الانتخابية للأحزاب، باعتبار أنّ هذه الحيوانات تسكُن المدُن أيضاً جنباً إلى جنبٍ مع البشر، ما يؤكد أن الاهتمام بالقطط وبقية الحيوانات في الشارع، ليس حكراً على الشعب، بل حتى السلطات تلعبُ دوراً مهمّا في توفير البيئة المناسبة لها من أجل العيش في سلام وكرامة.
وفي مدينة مرسين، قامت البلدية بإنشاء أول حديقة للقطط، تحتوي على بيوتٍ صغيرة للنوم، طعام، وأوعية ماء. كما عملت البلدية نفسُها على تثبيت كاميرات أمان حول الحديقة، من أجل حماية هذه القطط من أي خطرٍ خارجي.
أما في منطقة كاديكوي بمدينة إسطنبول، تجد تمثالا للقط السّمين "تومبيلي" الذي فارق الحياة عام 2016، قامت بنحته الفنانة التركية سيوال شاهين، تكريما للقطط وإظهار مكانتها في حياة الإسطنبوليين.
وتعد أيضا قرية "ذا كايتي" في ولاية جناق قلعة نموذجا آخر لاهتمام السلطات بالقطط، حيث تعتبر هذه القرية موطنا ومأوى للقطط الضالة، وفيها يتلقى المريض منها العلاج من قبل أطباء بيطريين.
وأنشأت تركيا أيضا مؤسسة هاتاي للطبيعة والحياة في مدينة أنطاكية خصيصا للقطط المعوقة والحديثة الولادة وغير المرغوب فيها، على أرض مساحتها أربعمئة متر تبرع بها محبو الحيوانات المحليين.