مسلمو بريطانيا يطالبون بوضع حد للإسلاموفوبيا
لندن - نيو ترك بوست
مع تصاعد ظاهرة "الإسلاموفوبيا" في المملكة المتحدة لاسيما بعد الهجوم على مسجدين في مدينة كرايست تشيرش، منتصف آذار/مارس الماضي، يطالب المسلمون الحكومة البريطانية إلى اتخاذ إجراءات ضد تصاعد تلك الظاهرة العنصرية لوضع حد لها.
ومنذ هجمات كرايست تشيرش، تعرضت 6 مساجد للهجوم باستخدام مطارق ثقيلة في برمنغهام، واستُهدفت مدرسة إسلامية في نيوكاسل ، وتم تحطيم نوافذ وتدنيس بعض نسخ من القرآن، كما كان عشرات من الرجال والنساء المسلمين هدفا لممارسات مسيئة في شوارع لندن، وتضمنت الحوادث التي استهدفت المسلمين الإساءة اللفظية والجسدية وأعمال تخريب.
يقول محمد محمود، إمام مسجد شرق لندن، في حديث مع وكالة الأناضول التركية، "قضية الإسلاموفوبيا لم تعد قضية نظرية .. وهناك تصور لدى المجتمع المسلم بأن الإسلاموفوبيا موجودة داخل أحزاب معينة".
وأضاف محمود "لا يمكن أن يكون ثلاثة ملايين مسلم يدركون شيئًا زائفًا، والواقع هو أنه ثبت أن الإسلاموفوبيا هي جهد متضافر يجري بشكل منسق، وهي حملة لا تحرض على الكراهية فحسب، بل تحرض على العنف وتشجيعه ضد المسلمين في المملكة المتحدة ، وفي أوروبا بل وفي بلدان بعيدة مثل نيوزيلندا".
وأكد أن المجتمع يشعر بالقلق من وقوع هجمات مماثلة لهجمات الشهر الماضي على مسجدين في كرايست تشيرش ، بنيوزيلندا، مما أسفر عن مقتل 51 من المصلين وإصابة العشرات، مضيفاً "نسأل الله ألا يقع شيء على هذا النطاق في أي مكان آخر بالعالم، وخاصة هنا في المملكة المتحدة".
ودعا الحكومة البريطانية إلى الاعتراف بأن الإسلاموفوبيا ليست قضية بسيطة بل قضية رئيسية، وتابع قائلا "إنها قضية رئيسية تؤثر على أمن أكثر من 3 ملايين مسلم هنا في المملكة المتحدة، وتؤثر على نسيج المجتمع ذاته في المملكة المتحدة".
كما شدد على ضرورة توفير التمويل الكافي لحماية المجتمع المسلم في المملكة المتحدة، وذلك "ليس لأنهم غير قادرين على حماية أنفسهم ، ولكن لأن السلطات منوط بها حماية من تحكم".
وقال محمود إن الشيء الآخر الذي يجب القيام به هو القضاء على الإسلاموفوبيا بين صفوف أي حزب وعدم السماح بإعطاء منبر لذلك، لأنه بخلاف ذلك تصبح أمرا طبيعيا وسائدا.
وأوضح أن الإسلاموفوبيا ليست شكوى بشأن سلوك قلة من الناس، لكنها حملة لإضفاء الشرعية على قتل الأشخاص من قبل أشخاص يتجردون من إنسانيتهم، وهو ما يبدو أنه الحال في كرايست تشيرش، حيث تم قُتل حتى النساء والأطفال بدم بارد ودون أي تعاطف أو احترام للحياة البشرية وقدسيتها.
واستطرد قائلا "لا يتم ذلك إلا من قِبل شخص لا ينظر إلى المسلمين على أنهم بشر ، بل ربما يعادلهم بالحيوانات أو حتى أقل من الحيوانات ، لأنه يتم منح الحيوانات حقوقًا وهناك حملات لحمايتها".
وبين أن الإسلاموفوبيا "قضية صعبة، وتتطلب من الأفراد أصحاب المبادئ الذين يجعون إلى المساواة في جميع المجالات، بألا يكتفوا بالخطابة والكلام ولكن متابعة الأمر من خلال العمل. وهذا يعني تحميل أي شخص المسؤولية عن سلوكه حتى لو كان هذا الشخص نائبا برلمانيا".
وذكر أن تعبيرات الكراهية والحملات الهادفة إلى نزع الصفة الإنسانية عن مجموعة من الأشخاص لا يمكن قبولها من قبل أي مجتمع في أي مكان في العالم، موضحا أن الأمر لا يتطلب معاملة خاصة أو بذل جهود إضافية، بل يتطلب المساواة مع كل مجموعة أخرى ومع جميع الشعوب الأخرى في هذا البلد والعالم.
من جانبه قال عبد الله فالق، رئيس الأبحاث في مؤسسة قرطبة (منظمة أبحاث وعلاقات عامة مستقلة مقرها بريطانيا)، إن الإسلاموفوبيا والكراهية المعادية للمسلمين يتصاعدان في جميع أنحاء أوروبا، و"الحكومة منوط بها دور في هذا الصدد، وهذا الدور هو تمكين المجتمعات الإسلامية وكذلك البحث عن السبب الجذري للمشكلة".
وأضاف "لقد شاهدنا مؤخرًا ما حدث في نيوزيلندا ، وبعد ذلك ، كانت هناك هجمات على المساجد حتى في بلدنا هذا ، في برمنغهام"، وما حدث في نيوزيلندا هو دعوة للاستيقاظ. نحن نشعر أنه يمكن للحكومة العمل مع المجتمع ، أقصد المجتمع المسلم ، والمجتمع الأوسع من أجل التعامل مع هذه القضية.
وتابع "لا يتعلق الأمر بالتعامل مع أعراض الظاهرة ولكن لابد من معالجة السبب الجذري. إذن ما يتعين عليها (الحكومة) القيام به هو تمكين المجتمعات - والمجتمع المسلم على وجه الخصوص – من خلال تعزيز أمن تلك المجتمعات ، والاعتراف بالمشكلة القائمة ، ذات الصلة بالإسلاموفوبيا وإصدار قوانين لحظر خطاب الكراهية ".
وأشار إلى وجود تجاهل لتصاعد الهجمات العنصرية المدفوعة بالقومية البيضاء والعنصرية، كما "لم نكن نتوقع حدوث هجوم بهذا الحجم في نيوزيلندا. كنا نعرف أن هناك اتجاهات للإسلاموفوبيا، لكن حجم هجوم نيوزيلندا كان بمثابة صدمة حقًا .. إنها مجزرة".
واستدرك قائلا " يجب ألا ندع هذا الخوف يسيطر على حياتنا. يجب ألا ندع هذا الخوف يجعلنا معزولين. يجب أن نعيش حياتنا بشكل أفضل ، ونذهب إلى المساجد أكثر من ذلك ، ونتفاعل مع الناس بشكل أكبر. لكن يجب أولا معالجة المشكلة".
اقرأ أيضاً| ألعاب العنف الرقمية تغذي "الإسلاموفوبيا"
