سجون الأسد.. "عزرائيل" و"هتلر" يتلذذون في قتل واغتصاب المعتقلين
نيو يورك-نيو ترك بوست
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا طويلا عن سجون سوريا السرية، وكيف سحق رئيس النظام السوري بشار الأسد المعارضة من خلال ارتكاب فضائع بحق آلاف المعتقلين بالسجون.
وقالت الصحيفة إنها أعدت التقرير من وثائق جمعتها خلال سبع سنوات ومقابلات مع عشرات الناجين وأقارب المعتقلين والمفقودين أجرتها خلال هذه الفترة.
وتحدثت عن مراسلات حكومية تُوثق عمليات الاعتقال والتعذيب والوفيات داخل السجون، تم تهريبها إلى خارج سوريا وحصل عليها محققون تابعون لمفوضية العدالة والمحاسبة الدولية.
بأوامر عليا
وتظهر الوثائق أن كبار المسؤولين الأمنيين كانوا على علم بالانتهاكات المرتكبة داخل السجون، وهم من أمر بقمع المدنيين والتعامل بقسوة مع محتجزين محددين.
وبدأت الصحيفة تقريرها من غازي عينتاب، حيث التقت مع مهند غباش، الذي اعترف عندما اعتقلته السلطات الأمنية في مدينة حلب بأنه شارك في تظاهرات سلمية، ولم يشفع له الاعتراف، بل استمر التعذيب لمدة 12 يوما، ولم يتوقف إلا عندما كتب اعترافا بأنه كان يخطط لزرع قنبلة.
ونقلت عن غباش وغيره من الناجين قولهم إن ضابطا يطلق على نفسه هتلر كان يجبر المعتقلين، للترفيه عن زملائه الضباط خلال تناولهم وجبات العشاء، على لعب أدوار الكلاب والحمير والقطط، ومن يفشل يتم ضربه، كما نقلت عنه أنه شاهد في مستشفى عسكري ممرضة تضرب وجه أحد المبتورين الذي كان يتوسل إليها لتعطيه مسكنات ألم. وفي سجن آخر، قام بإحصاء 19 من زملائه الذين ماتوا بسبب المرض والتعذيب والإهمال في شهر واحد.
وذكرت امرأة ناجية تُدعى السيدة خليف أنها رأت السجانين يجرون سجناء يشكون من الجوع إلى المرحاض ويغمرون أفواههم بالبراز، وهي طريقة أكدها ناجون آخرون.
وحكى غباش أيضا عن أن ضابطا بالسجن وضع في إحدى المرات بندقية في فمه، وكان يقول له إن المرأة التي يسمع صراخها في الخارج هي والدته.
أحرقوا جسده
وحكى ناجٍ آخر أنه شاهد مراهقا ظل تحت التعذيب 21 يوما، وفي نهاية المطاف صب المحققون وقودا على جسده وأضرموا النار فيه.
وذكر تقرير الصحيفة أن إحدى الوثائق تضمنت شكوى قيمين على السجون من تراكم الجثث داخل السجون وتآكلها مع زيادة عدد الوفيات.
ووصف غباش إجراءات التحقيق والأسئلة التي تُوجه للمعتقلين بأنها سريالية، إذ يُجبر المعتقل على الاعتراف بجريمة كبيرة لم يرتكبها وتخيل تفاصيلها ومن يفشل في التخيل يتعرض لعقوبات قاسية.
ويتذكر بعض الناجين الركوب لساعات، خلال نقلهم من سجن إلى آخر، في شاحنات تستخدم عادة لجثث الحيوانات ويتم تقييد أيدي المعتقلين بالسلاسل وربطها بخطافات اللحم.
طعام فاسد ومتسخ
وقال سجناء سابقون إن العديد من الزنازين تفتقر إلى دورات المياه وإن السجين يحصل على ثوان في اليوم لاستخدام المرحاض مع الإسهال المتفشي والتهابات المسالك البولية، وإن معظم وجبات الطعام عبارة عن بضع لقيمات من الطعام الفاسد المتسخ، وإن بعض السجناء يموتون جراء الانهيار النفسي المحض، بالإضافة إلى حجب معظم الأدوية، وترك الإصابات دون علاج.
وذكر التقرير أن العديد من السجناء يُقتلون دون سبب ولمجرد رغبة السجان في القتل، إذ حكى ناج آخر اسمه فاكر (39 عاما) وكذلك غباش أنهما شاهدا سجانا يطلق على نفسه اسم عزرائيل أخرج مسجونا من داخل الزنزانة وظل يضربه خلف باب زجاجي وأنهما سمعا صراخ السجين لفترة من الوقت ثم الصمت الخانق. وفي الصباح، وجدا الجثة في الرواق إلى الحمام مع كثير من الجثث المتراكمة حيث كانا وغيرهما من المعتقلين، يسيرون فوقها عندما يذهبون إلى المرحاض.
ونقل التقرير عن وثائق للجنة التابعة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان العام الماضي أن النساء والفتيات المعتقلات تعرضن للاغتصاب والاعتداء الجنسي في عشرين فرعا من أجهزة المخابرات على الأقل، وكذلك الرجال والصبيان.
تسارع عمليات الإعدام
وقام مؤخرا معتقلون حاليون بتوصيل تحذيرات من الداخل بأن المئات من الناس يُنقلون إلى موقع إعدام بسجن صيدنايا، كما أفاد مفرج عنهم حديثا بأن عمليات الإعدام هناك تتسارع.
وتقول نيويورك تايمز، رغم أن الحكومة السورية نفت وجود سوء معاملة منهجي، فإن المذكرات الحكومية المكتشفة حديثا تُظهر أن المسؤولين السوريين الذين يقدمون تقارير مباشرة إلى بشار الأسد تلقوا أوامر بالاحتجاز الجماعي وعلى علم بالفظائع التي تتم بالسجون.
كما أظهرت الوثائق أن مسؤولي نظام بشار الأسد -بمن فيهم رئيس الاستخبارات العسكرية السابق رفيق شحادة- حرصوا على حماية المتورطين في أعمال التعذيب من المقاضاة مستقبلا، وأصدروا أوامر للضباط بالقيام بكل ما يلزم لضمان الحصانة القضائية لمسؤولي الأمن.
لتثبيت نظام الأسد
ومضت نيويورك تايمز إلى القول إن نجاح نظام الأسد في مواجهة خصومه كان وراءه سبب محوري، هو ذلك النظام السري الممنهج من الاعتقالات التعسفية وسجون التعذيب، حيث شن النظام حربا دون رحمة على المدنيين، ملقيا مئات الآلاف في حصون شديدة القذارة ليُعَذبوا ويُقتلوا فيها.
ومع تسجيل أكثر من ستة آلاف حالة اعتقال تعسفي جديدة العام الماضي بزيادة الربع على العام السابق، أشار التقرير إلى أن ما يزيد على 128 ألف سوري دخلوا تلك السجون ولم يغادروها أبدا، ويُعتقد أنهم إما قتلوا أو ما زالوا في الأسر.
وأضافت الصحيفة أن 14 ألفا تقريبا قُتلوا تحت التعذيب في ظروف بالغة القسوة وصفتها تحقيقات الأمم المتحدة بالإبادة.