حراك داخل العدالة والتنمية.. إما مصالحات داخلية أو تفرع حزب جديد

حراك داخل العدالة والتنمية.. إما مصالحات داخلية أو تفرع حزب جديد
حراك داخل العدالة والتنمية.. إما مصالحات داخلية أو تفرع حزب جديد

حراك داخل العدالة والتنمية.. إما مصالحات داخلية أو تفرع حزب جديد

إسطنبول-نيو ترك بوست

كانت الانتخابات المحلية التي جرت في تركيا، نهاية شهر آذار/مارس الماضي، بمثابة نقطة تحول تاريخية في مسار حزب العدالة والتنمية الحاكم، لكن التحول الأبرز كان بسبب طريقة تعامل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مع نتائج الانتخابات في إسطنبول، كبرى محافظات البلاد، وذلك عقب إصراره على إلغائها وصدور قرار من اللجنة العليا للانتخابات يقضي بذلك، وإعادتها في الثالث والعشرين من يونيو/حزيران المقبل.

هذه التطورات، بحسب ما ذكرت صحيفة القدس العربي التي تصدر من لندن، فجرت صمت عدد كبير من أبرز قيادات حزب العدالة والتنمية، الذين أبدوا معارضتهم الشديدة العلنية لأول مرة لسياسات اردوغان في قيادة الحزب والبلاد، وهو ما عزز الحديث عن السيناريوهات المقبلة المتعلقة بمصير العدالة والتنمية وطبيعة وشكل توقيت الحزب الجديد الذي يجري الحديث عن نية هذه القيادات تأسيسه ليكون معارضاً ومنافساً للعدالة والتنمية واردوغان.

وعلى الرغم من أن جميع هذه القيادات كانت تعرف بمعارضتها لاردوغان وابتعادها عن الحزب منذ سنوات، إلا أنها لم تدلِ بأي تصريحات علنية معارضة طوال السنوات الماضية، واكتفت بالانعزال والابتعاد عن ممارسة النشاط السياسي، إلا أن جميع هؤلاء القادة عادوا لنشاطهم السياسي بقوة مطلقين تصريحات ملاحقة تركزت على انتقاد سياسات اردوغان وطريقة إدارته للحزب والدولة.

وأبرز هذه القيادات، الرئيس السابق، عبد الله غُل، ورئيس الوزراء السابق، أحمد داود أوغلو، ووزير الاقتصاد السابق، علي باباجان، ونائب رئيس الوزراء السابق، بولنت أرينتش، وعدد كبير من الوزراء والنواب السابقين الذين باتت تجمعهم الرؤية المعارضة لسياسات اردوغان.

ومنذ أيام، انشغلت الصحافة التركية بأخبار تحركات وتصريحات هذه القيادات التي عادت إلى الواجهة مجدداً وبقوة، ويجري الحديث عن لقاءات مكوكية تجري بين هذه الشخصيات، وبين شخصيات سياسية أخرى معارضة، ونواب حاليين من حزب العدالة والتنمية.

ويجري الحديث حالياً عن سيناريو من ثلاثة مراحل يمكن أن تشهده البلاد تباعاً في الأسابيع والأشهر المقبلة، تكون مرحلته الأولى على شكل حراك متصاعد داخل أروقة حزب العدالة والتنمية الحاكم من أجل الوصول لمصالحات داخلية وتغييرات تلبي مطالب ورغبة هذه القيادات وعودتها للعمل في إطار الحزب بالتوافق مع الرئيس اردوغان.

وفي مرحلة ثانية، يتكهن البعض لجوء هذه القيادات للتحرك بقوة أكبر من خلال أروقة الحزب والقيام بحراك معارض للرئيس اردوغان في حال رفضه تصحيح مسار الحزب واحتضان القيادات المبتعدة عنه، وهو ما قد ينتج عنه تغيير بعيداً عن رغبة اردوغان أو انشقاقات أوسع خلال المرحلة المقبلة.

غُل وداود أوغلو وباباجان وأرينتش: مقدمة للإصلاح أم الانشقاق؟

وفي مرحلة ثالثة، يتوقع أن تلجأ هذه القيادات لتأسيس حزب سياسي جديد في البلاد ليكون بمثابة حزب ليبرالي محافظ بأفكار أقرب للتي تأسس عليها حزب العدالة والتنمية الذي بات يعتبر الآن راديكالي محافظ بسبب ابتعاد القيادات الليبرالية وتقاربه الأخير مع حزب الحركة القومية المتشدد. لكن يبدو أن القيادات الأربعة الأبرز في الحراك المنتقد لاردوغان لا تتفق على جميع النقاط حتى الآن، فحسب فحوى التصريحات العلنية لها، يبدو عبد الله غًل، وعلي باباجان، الأقرب إلى فكرة التوجه مباشرة نحو إنشاء حزب جديد، في المقابل يبدو أن داود أوغلو وبولنت أرينتش ما زالا يرجحان العمل على التغيير في إطار الحزب، وتجنب المساهمة في تقسيم الحزب، في المرحلة الأولى على أقل تقدير.

فعقب صدور قرار إلغاء نتائج انتخابات إسطنبول، كتب عبد الله غًل انتقادات لاذعة للقرار ولاردوغان، مشبهاً القرار بما جرى معه من قبل المحكمة العليا التي منعته عام 2007 من أن يكون رئيساً للبلاد من دون غالبية الثلثين في البرلمان، وكتب: «من المؤسف أننا لم نحقق تقدماً».

في السياق ذاته، اعتبر داود أوغلو أن قرار إلغاء انتخابات إسطنبول «أساء إلى إحدى قيمنا الجوهرية»، وكتب: «الخسارة الكبرى للحركات السياسية ليست خسارة انتخابات فحسب بل خسارة تفوق الأخلاق وضمير المجتمع»، لكن وعلى الرغم من تعزيز انتقاداته العلنية إلا أنه ما زال يحرص وبوضوح على استخدام مصلح «حزبنا»، ويركز وعلى دعوات الإصلاح داخل الحزب على عكس عبد الله غُل الذي لم يحرص على ذلك ويعطي إشارات أكبر على استعداداته لإطلاق حزب جديد.

وبينما كان بولنت أرينتش الأكثر جرأة في توجيه انتقادات لاذعة جداً لسياسات اردوغان لا سيما حول إلغاء انتخابات إسطنبول، إلا أنه شدد على أن البلاد «ليست بحاجة لحزب جديد»، مؤكداً على أنه «لا يجب أن نعطي فرصة لتقسيم حزب العدالة والتنمية القوة في التوحد».

الكاتب في صحيفة «يني شفق» المقربة من الحزب الحاكم، حسن أوزتورك، قال في مقال له إن ما وصله من معلومات من الأطر الداخلية للحزب إن هذه القيادات لا تتجه نحو تأسيس حزب جديد، وإنما للقيام بحراك معارض داخل أطر الحزب من أجل تصحيح مساره وتقويته. في المقابل، كتبت صحيفة «سوزجو» عن مصادر مقربة من داود أوغلو قولها إنه سيبدأ الإعلان تدريجياً عن استراتيجيته المقبلة خلال 10 افطارات جماعية سوف تنظم في المحافظات الكبرى بالبلاد في شهر رمضان، على أن يتم الإعلان عن الحزب الجديد قبيل شهر يونيو/تموز المقبل.

وقبل أيام، رد علي باباجان على سؤال لأحد الصحافيين عن إمكانية إنشاء حزب جديد فقال إن «كل شيء ممكن وأن المشاورات جارية»، والسبت، نقلت صحيفة تركية عن مصادر مقربة منه قوله: «الحزب الجديد قادم تحت كل الظروف».

ويتوقع مراقبون أن تتضح الرؤية النهائية حول إمكانية تأسيس هذه القيادات لحزب الجديد خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وتحديداً عقب اكتمال المشاورات بين هذه القيادات والحصول على ردود من اردوغان على رسائلهم المنشورة، وأخيراً عقب صدور نتائج انتخابات الإعادة في إسطنبول في الثالث والعشرين من يونيو/حزيران المقبل.

مشاركة على: