شاب سوري يروي لحظات التعذيب المروعة في سجون النظام
دمشق - نيوترك بوست
مع دخول المعتقل إلى زنازين النظام السوري يصبح مجرد رقم يتم التعامل معه بناء على ذلك، ويعاني المعتقلين داخل سجون النظام أشكالاً عديدة من التعذيب.
المعتقل السوري السابق محمد فراس منصور يروي للأناضول قصته مع التعذيب في سجون النظام وكيف تحول إلى الرقم 125 داخل تلك الزنازين.
بداية يذكر منصور الذي درس التجارة والاقتصاد، ولكن عشقه للصحافة جعله يعمل بها منذ العام 2005 حيث أسس في العام ذاته موقع نيوز سنتر بدمشق، مع بعض الزملاء الصحفيين، لكن الضغوط الأمنية اضطرته لإغلاق الوكالة في 2007 والتوقف عن العمل بسبب المضايقات، وعدم وجود الحرية بنقل الخبر.
وقال: "مع بداية الثورة في درعا أعدنا تأسيس الوكالة، وعاودنا العمل في مناطق متعددة لنقل الأخبار والأحداث، وكتابة مقالات الرأي، التي توثق الحالة السورية المطالبة بالحرية، وتحديث الأنظمة والقوانين الناظمة، وإيجاد مساحة أكبر للحرية في سوريا، بما يطلبه الشعب السوري".
وأشار إلى أنه تم اعتقاله في 14 تموز/يوليو 2013، وخرج في 2 يناير 2014 وبعد خروجه انتقل للعيش في أحد ضواحي دمشق.
وتابع: "كنت اتنقل يوميا باتجاه المدينة، وفي أحد الأيام دورية أمنية رصدت حركتي لتعتقلني، وتم اقتيادي للفرقة الرابعة، وهناك جرى تعذيبي وضربي بشكل مبرح لمدة يوم واحد".
ومضى في القول: "انتقلت بعدها لأمن القصر، أو الحرس الجمهوري، وهناك أمضيت 61 يوما، وتم اقتيادي للشرطة العسكرية، ومنها لسجن عدرا ووجهت لي تهم عديدة، منها مساعدة المتظاهرين بمواد غذائية، وكتابة مقالات توهن الدولة، وهي تهم تنسب لكل المعتقلين ظلما وزورا".
وأوضح أن اعتقاله كان على خلفية كتابة مقالات "تفند ما كانت تتضمنه خطابات بشار الأسد من حديث غير منطقي لا يأت بجديد".
وأكد أن التعذيب كان شديداً ،وقال منصور: "التعذيب كان شديدا.. فبعد يوم من التعذيب في الفرقة الرابعة، انتقلت للحرس الجمهوري، وهناك عُذبت بشكل كبير لدرجة أن مسامات جلدي تفتحت، وكان هناك معتقلين بأعمار مختلفة، وعدد الوفيات كبير جدا".
وأشار إلى أنه رأي أشكالاً كبيراً من التعذيب لانتزاع اعترافات ليس له أي علاقة بها.
وتابع مضيفاً تبدأ الحفلة التعذيب في زنازين النظام من الساعة التاسعة مساءً كما عدد منصور ضمن أشكال التعذيب المتبعة، "الشبح والدولاب والغطس بالماء، والضرب المبرح، وإذابة أكياس النايلون وسكبها على جلود المعتقلين، أو صب الزيت المغلي، أو الماء المغلي على أجساد المعتقلين".
وبين منصور أن المعتقلين لا يأخذون الرعاية الصحية اللازمة حيث يترك المعتقلون المرضى دون علاج، لافتا أنه عانا من تدهور حالته النفسية، ما اضطره بعد الإفراج عنه للعلاج في تركيا، نتيجة تلك الآثار.
وتحدث منصور عن عمليات الضرب قائلاً :""كان الضرب بعصا بلاستيكية، تشبه العصا الحديدية، لانتزاع اعترافات، وكان صعب انتزاع أي اعترافات من قبيل دعم المسلحين، وكنت حريصا على عدم إعطائهم مبررات كما يريدون، وبعد 50 يوم تعذيب استسلمت للأمر وبصمت على عدة أوراق لا أعلم ما بها وما التهمة الموجهة، وهو حال كثير من المعتقلين".
ويقول منصور كثير ما يتمنى المعتقلين الموت على البقاء أحياء داخل المعتقل".
كما تحدث منصور عن رحلة علاجه في تركيا لافتاً إلى الآثار الجسدية شفيت لكن الآثار النفسية مستمرة لفترة طويلة.
وقال : "لم نكن نعرف بعضنا البعض، كنا أرقاما، وكان رقمي 125، وأذكر مرة بداية فترة الاعتقال استدعوني بنداء رقمي، ولم استجب، وبعدها كانت حفلة تعذيب قاسية جدا، إلى أن حفظت أني الرقم 125، وبقيت 61 يوما أتعامل على أني رقم والبقية كذلك".
كما أن المعتقلات تحتضن أطفالاً تحت السن القانونية للاعتقال، "منهم طفل عمره 16 عاما ذهب لشراء شاورما (طعام) لأهله فاعتقلوه، وينال حفلة تعذيب يومية ولا يعلم ما هي تهمته".
وعن قصة خروجه، أشار منصور إلى أنه بعد تحويله لمحكمة الإرهاب ورفضه الاعتراف أمامها بما وجه إليه من تهم، قال إنها انتزعت تحت التعذيب، ومعاينة القاضي لآثار التعذيب الظاهرة على جسده، أصدر أمرا بإخلاء سبيله، ليغادر بعدها مباشرة إلى بيروت، ثم إلى اسطنبول.
كما أوضح أنه ظل فترة لا يتذكر أسماء أفراد أسرته، سوى اسم والده ووالدته، نتيجة ما تعرض له من تعذيب شديد، إضافة إلى رقم هاتف منزله، لافتا إلى أنه بعد وصوله لتركيا، بدأ العلاج الجسدي والنفسي، مضيفا "بقيت لا أغادر المنزل لأشهر، حتى أستعيد شريط ذكرياتي".