عيد أضحى مختلف يعيشه السوريون بتركيا هذا العام
اسطنبول-نيو ترك بوست
طوال سنوات اللجوء الماضية، عاش اللاجئون السوريون في تركيا مرارة العيد في الغربة بعيداً عن الوطن الأم، في ظل استمرار الحرب في بلادهم، حيث تراجعت أجواء العيد لتغير المكان والظروف والإمكانيات وغيرها الكثير من الأسباب.
وعلى غرار السنوات الماضية، ما زال اللاجئون يعيشون أجواء العيد في ظل استمرار الغارات المكثفة لروسيا والنظام السوري على محافظة إدلب وريف حماة وغيرها من المناطق، وسط خشية كبيرة على حياة أقاربهم المتواجدين هناك، ومستقبل ما تبقى من المناطق في يد المعارضة في الشمال السوري.
لكن هذا العيد جاء مختلفاً تماماً عن قرابة 16 عيدا مرّ على اللاجئين السوريين في إسطنبول، وذلك في ظل خشية غير مسبوقة من التبعات السلبية للقرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة التركية والمتعلقة بتشديد قوانين اللجوء والعمل في كبرى محافظات البلاد والتي تضم أكبر عدد من اللاجئين السوريين، بحسب تقرير أوردته صحيفة "القدس العربي" اللندنية.
ويقول التقرير، إنه في أكثر الأماكن التي اعتاد السوريون على ارتيادها في إسطنبول خلال أيام العيد حيث تنتشر المطاعم ومحلات الحلويات العربية وأماكن الترفيه وغيرها، تراجعت أعداد السوريين بشكل كبير جداً واختفى جانب مهم من أجواء العيد، حيث فضّل جانب كبير منهم التزام بيوتهم أو اقتصار تحركاتهم على زيارة الأقارب وتجنب الحركة في الأماكن العامة المعتادة.
ومنذ أسابيع، أعلنت السلطات التركية إجراءات واسعة قالت إنها تستهدف محاربة الهجرة غير الشرعية وتنظيم وجود اللاجئين السوريين في البلاد، وشملت الإجراءات بالدرجة الأولى إعادة اللاجئين السوريين غير المسجلين في إسطنبول إلى الولايات الأخرى المسجلين بها، وتسجيل اللاجئين غير المسجلين المقيمين في إسطنبول في ولايات أخرى، على أن يتم ترحيل أي لاجئ سوري لا يصحح أوضاعه القانونية بعد العشرين من الشهر الجاري.
وبالتوازي مع ذلك، أعلنت ولاية إسطنبول أن “عهد العمل بشكل قانوني للأجانب قد انتهى في إسطنبول” وأعطت مهلة حتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري لكافة العاملين وأصحاب أماكن العمل من أجل تصحيح أوضاعهم القانونية، وتوعدت باتخاذ عقوبات رادعة بحق أي مكان عمل يشغل الأجانب دون تسجيل رسمي، وهو ما يهدد فرص عمل مئات آلاف الأجانب أغلبهم من اللاجئين السوريين.
ولتنفيذ هذه القرارات، بدأت حملات أمنية كبيرة في الأماكن التي ينتشر فيها اللاجئون السوريون بكثافة. وفي منطقة الفاتح التي تضم أكبر نسبة من اللاجئين السوريين، كان هذا العيد مختلفاً بشكل كبير عن الأعياد التي مرت على المنطقة طوال السنوات الماضية، بحسب التقرير.
وفي أول وثاني أيام العيد، لم تشهد المنطقة تجمعات كبيرة للسوريين، وسط حركة تجارية محدودة، وتراجع لافت في ارتياد اللاجئين للمطاعم ومحلات الحلويات السورية في المنطقة، وهو الأمر نفسه الذي شهدته منطقة “أسينيورت” غربي إسطنبول، والتي يتواجد فيها أعداد كبيرة من السوريين وكانت تشهد حركة كثيفة جداً لهم في الأعياد الماضية.
وتقول الإحصائيات إن أكثر من نصف السوريين في إسطنبول لا يتمتعون بوضع قانوني، وهو ما يدفعهم لتقليل حركتهم خشية توقيفهم من قبل النقاط التابعة للأمن التركي ومواجهة خطر الإعادة للولايات المسجلين بها، أو الترحيل إلى المخيمات إذا كان لا يتمتع بأي وضع قانوني ولا يمتلك بطاقة لجوء مؤقتة.
كما دفعت الحملة على أماكن العمل غير المرخصة، والتشغيل غير القانوني، الكثير من أماكن العمل لإغلاق أبوابها إما بانتظار تصحيح أوضاعها القانونية، أو لنقل أماكن عملهم للولايات الأخرى المسجلين بها، أو لعدم قدرة هذه المشاريع الصغيرة على تحمل تكاليف التسجيل الرسمي لأماكن العمل والعاملين.
وخلال أيام العيد، انشغلت الكثير من العائلات السورية في إسطنبول بإجراءات نقل مكان إقامتها من المحافظة إلى المحافظات الأخرى المسجلين بها قبيل انتهاء المهلة المحددة في العشرين من الشهر الجاري، حيث تقول تقديرات إن عشرات آلاف الأسر بالحد الأدنى نقلت أو تقوم هذه الأيام بإجراءات نقل سكنها انصياعاً للقرارات التركية الجديدة.
كما تسببت هذه الإجراءات بصعوبات مادية للكثير من العائلات السورية في إسطنبول، والتي فضلت تقليص مصروفاتها في العيد لصالح توفير تكاليف النقل واستئجار بيت جديد في المحافظات الأخرى خارج إسطنبول، كما اتجهت أغلبية العائلات إلى توفير أموالها لمواجهة التبعات المتوقعة للقرارات المتعلقة بمنع العمل بشكل غير قانوني.
ومع نهاية الشهر الجاري، من المقرر أن تنتهي مهلتا اللجوء والعمل للأجانب في إسطنبول والتي تتعلق باللاجئين السوريين بالدرجة الأولى، وهو ما سيفتح صفحة جديدة في أوضاع اللاجئين السوريين في إسطنبول وتركيا بشكل عام.