بلومبيرغ: تركيا لا تزال جاذبة للسياح السعوديين رغم حملات التخويف
واشنطن-نيو ترك بوست
نشر موقع “بلومبيرغ” تقريرا أعدته دونا أبو ناصر بعنوان “السعوديون لا يستطيعون مقاومة الغزو الثقافي التركي”، مشيرة إلى أن تركيا تحاول تحقيق تأثير في العالم العربي وهي تحاول كسب قلوب السعوديين بالدراما التلفزيونية والمنتجعات السياحية.
ففي منطقة جبلية تطل على البحيرة حيث الهواء العليل البارد المختلف عن الجو الحار الذي يحيط ببلدة نورا الصحراوية. وجلست في مقهى تتناول البطاطا المقلية معلقة للصحافية أن المكان لا يختلف عن بلدها، فهناك مسجد ومطاعم تقدم الوجبات السعودية التي تحبها خاصة الكبسة، وتتوقف الموسيقى في أوقات الصلاة ولا أحد يعبر عن استغراب من عباءتها السوداء ونقابها.
وقالت نورة، 24 عاما “أستطيع الحصول على أسلوب الحياة المحافظ الذي أعيشه في السعودية ولكن بمحيط أخضر وأسعار معقولة”.
وتضيف الكاتبة أن الجو المريح والكلمات الجميلة التي تشبه الموسيقى في أذن صناعة السياحة تخفي وراءها صراعا على القوة بين السعودية وتركيا اللتان تحاولان توسيع التأثير في العالم العربي. فمنذ مقتل الصحافي جمال خاشقجي في اسطنبول قبل عام تقريبا لم تتحسن العلاقات الرسمية بين البلدين.
وبحسب ما تقول، يتركز غضب السعوديين على الرئيس رجب طيب أردوغان وحكومته التي قامت بالكشف عن دور السعودية في مقتل الصحافي من خلال سلسلة من التسريبات حول جريمة القتل البشعة.
ولكن تسلل الثقافة التركية مستمر في السعودية ومقاومتها أصبح صعبا. ويواصل السعوديون تحميل الدراما التركية من الإنترنت بعد منع عرضها في الكثير من القنوات السعودية. بالإضافة لزيارة المطاعم والمقاهي التي تظهر في المسلسلات الدرامية الشهيرة ويشتري السياح السعوديون الملابس التركية والشموع العطرية والسجاد.
ويواصلون السفر إلى المنتجعات بدون انزعاج من عناوين الصفحات الرئيسية السعودية التي تخوفهم من كل شيء: من الاختطاف إلى القتل. ويقول بعض السياح السعوديين إنهم يسافرون إلى تركيا لأن سفارتهم في أنقرة لا تزال مفتوحة ولا يوجد هناك منع رسمي للسياحة في تركيا. ولو فرض حظر فسيتوقفون عن الزيارة كما فعلوا عندما حذرتهم الحكومة من السفر إلى لبنان.
وفي مدينة طرابزون على البحر الأسود قالت الصحافية إن السياح السعوديين ملأوا الساحة الرئيسية فيما بحثت سائحة من جدة عن شراء مواد تجميل “هي أرخص هنا” من السعودية. وعندما سئلت عن التحذيرات، تجاهلتها قائلة “مجرد تغريدات”.
وتشير الكاتبة إلى التنافس بين تركيا التي تعد ثاني أكبر قوة عسكرية في الناتو بعد الولايات المتحدة أما السعودية فهي مكان ميلاد الإسلام وأكبر مصدر للنفط الخام في العالم. ولكن البلدين يقفان على طرفي النقيض في مشاكل العالم العربي. فمن ناحية تبنت السعودية في ظل ولي العهد محمد بن سلمان سياسة حازمة في اليمن حيث شنت حملة عسكرية ضد الحوثيين وقادت مع ثلاث دول عربية أخرى حصارا ضد قطر.
وفي ظل أردوغان حاول توسيع مجال تأثيرها في العالم العربي. واستقبلت تركيا الناشطين من الإخوان المسلمين، الحركة المصنفة كإرهابية في السعودية. ودعمت أنقرة في الوقت نفسه قطر وتصدر لها الطعام والألبان.
وأضافت صحيفة “عكاظ” السعودية هذا الشهر محاولات تركية للتأثير على السعوديين من خلال “القوة الناعمة” مثل المسلسلات الدرامية والسياحة القوية. ونقل الموقع عن كرمان بخاري، المدير في مركز السياسة الدولية بواشنطن “لا يستطيعون إغلاق التلفزيون وإلغاء الرحلات الجوية والتبادل الثقافي، القوة الناعمة”. وأضاف أن الأتراك استطاعوا من خلال وسيط الثقافة الحصول وبطريقة تدريجية على تأثير في السعودية والعالم العربي بشكل عام. وبحسب وزارة السياحة التركية زار ما يقرب من 750.000 سعودي تركيا في العام الماضي، بزيادة 15% عن عام 2017. وكان العدد لا يتجاوز قبل ثورات الربيع العربي عام 2011 لا يتجاوز 120.000 سعوديا. ويقول بخاري إن أداة التسويق التركية للسعودية “نحن مهتمون بالحلال ونحاول تحقيقه لكم”. ويقول فولكان كانتراتشي، مدير وكالات السياحة في منطقة البحر الأسود إن حملة مقاطعة تركيا السعودية تركت بعض الأثر. فقد شهد شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو) تراجعا في السياح بمنطقة طرابزون. إلا أن العدد بدأ بالتزايد عندما عاد السعوديون وتحدثوا عن الأمان في تركيا. وقال صاحب شركة عقارات إن هذا العام شهد تراجعا في إقبال السعوديين على شراء عقارات بطرابزون. وأخبره سعودي أنه يخشى من قطع بلاده العلاقة مع تركيا وبذلك يخسر استثماره. ومع ذلك فسحر تركيا والمسلسلات التلفازية يعد عاملا في جذب السعوديين إلى المنتجعات السياحية. فنورا من بلدة القصيم، منطقة المحافظة الدينية في السعودية قررت حجز رحلة مباشرة من القصيم إلى مطار طرابزون الصغير ثم انتقلت إلى بحيرة “أزونغول” ودافع الاختيار هو مسلسل “حب أعمى”. وفي البداية خافت من التقارير التي خوفت السعوديين من السفر إلا أن الخوف تلاشى عندما سمعت من قريبة أن الأمور عادية وقررت المضي في رحلتها معلقة على التخويف “كلام صحف”. وتعلق الكاتبة أن جولة حول المدينة تكشف عن المدى الذي ذهبت فيه السياحة التركية لتلبية احتياجات السعوديين، خاصة أن شمال – شرق تركيا محافظ ومعظم النساء يلبسن الحجاب والملابس الطويلة. فيما أعلن الجزارون عن توفر الأضاحي للعيد، وفي وقت الأذان طلب من صاحب سيارة كانت تنبعث الموسيقى من سيارته وقفها حتى لا يشوش على الأذان.
ووفر محل تصوير فرص للسياح التقاط الصور بملابس الممثلين المشهورين في المسلسلات المعروفة. وأهم مكان في المدينة هي ساحتها والنافورة. والتقت مع مدرس من الرياض اسمه محمد اشترى شقة في بناية اشترى فيها ثمانية من أقاربه شقق فيها. وقال إنه جاء لقضاء 48 يوما في شقته، مضيفا أن الطائرات المباشرة خففت من سعر التذاكر. وقال “لست نادما على استثماري هنا”، “فهي أمنة للنساء في عائلتي للخروج ولن تقلق عليهن وتعرضهن للتحرش بسبب طريقة ملابسهن ولن يواجهن شيئا يثير حرجا لهن”. وسئل عن التوتر بين بلده وتركيا هز كتفه قائلا “لا يوجد بلد يقدم لنا ما تقدمه تركيا لنا”.